كعادة النظم المستبدة التي لا تأبه بمصالح او حقوق شعوبها، امام مغريات السيطرة والقمع والتحكم في مصائر البلاد، تحت وطأة نيران الدبابة والمدفع…فما بين التهجير القسري وتفجير البيوت والمصانع والمدارس وازالة المزارع بمدن رفح والشيخ زويد وجنوب العريش والقتل العشوائي وقصف الأجنة في بطون أمهاتهم تتفاقم ازمة الحياة بمجملها في سيناء التي باتت تحت نير الدمار والهدم والقتل وغابت عنها التنمية، بل وانتهى العلم والتعليم بالرقعة المباركة بقرار انقلابي بوقف عمل المدارس والجامعات في سيناء، تحت سنار العملية الشاملة في سيناء.
ومع اقتراب موعد امتحانات نهاية العام الدراسي ، تتعاظم كارثة طلاب سيناء الذين يزيدون عن 100 ألف طالب بمختلف المراحل الدراسية بشمال سيناء، التي تم وقف الدراسة بها منذ 9 فبراير الماضي، مع بداية العملية العسكرية الشاملة.
الأزمة، تتمثل في كيفية إجراء الامتحانات وسط العمليات العسكرية الدائرة وبعد إلغاء الدراسة؛ إلى جانب أنه لم يصدر عن وزارتي “التعليم” أي قرارات أو إجراءات توضح كيف ستتم الامتحانات للطلاب من المرحلة الابتدائية إلى الشهادات العامة كالإعدادية والثانوية العامة والفنية وحتى المرحلة الجامعية، سواء الحكومية أو الخاصة، كما لم يصدر أي قرار حول كيفية حساب درجات الطلاب لو تم إلغاء الامتحانات.
فشل سياسي يدفع ثمنه الأهالي
وعبر عن الأزمة الناشط السيناوي أشرف أيوب،بقوله في تصريحات اعلامية، إن أهالي سيناء وطلابها يدفعون الضريبة عن أهالي وشباب مصر، موضحا أن العملية العسكرية التي تسببت في أزمة طلاب سيناء لن تنتهي قبل عام، مؤكدا أن النظام يسعى منها للتغطية على ملفات “سد النهضة”، و”صفقة القرن”، وكمبرر لاستمرار الحكم تحت “قانون الطوارئ”، وتعليق تلك الحرب التي دمرت سيناء على شماعة الإرهاب.
مضيفا أن “حل أزمة طلاب سيناء موجود،ة ولكن النظام يتجاهل حوالي 100 ألف طالب وأسرهم”، مشيرا إلى أن “تلاميذ وطلاب صفوف النقل يمكن اعتماد نتيجة التيرم (الفصل) الأول لهذا العام دون إجراء امتحان، بدعوى أن توقف الدراسة قرار سياسي وعلى الدولة تحمل نتيجته”.
وأضاف عضو الحركة الثورية الاشتراكية، أنه بالنسبة لطلاب الثانوية العامة والدبومات الفنية، فإنه يجب أن يتم امتحانهم داخل المحافظة وفي لجان خاصة تراعي ظروف الطلاب، بعد توقف المدارس وغلق مراكز الدروس الخصوصية خوفا من حملات المداهمات الأمنية.
وأعلن أيوب رفض الأهالي نقل أبنائهم للدراسة أو الامتحان بأية محافظات أخرى، مطالبا بوضع امتحانات خاصة بطلاب شمال سيناء على غرار ما كانت تقوم به مصر مع قطاع غزة، وقت أن كان تحت الإدارة المصرية.
وحول التعليم الجامعي، انتقد أيوب ما قام به رئيس مجلس أمناء “جامعة سيناء” الخاصة رجل الأعمال حسن راتب، بنقل أبناء كبار رجال الأعمال والطلاب الخليجيين بجامعته من مقرها الرئيسي بالعريش لمدينة القنطرة شرق وبدء الدراسة بالفعل، وترك أبناء سيناء الذين لا يمكنهم مغادرة العريش وتوابعها، أو الإقامة بالقنطرة أو الإسماعيلية نظرا للتصريحات الأمنية.
تجريف علمي
وفي سياق متصل، اشتكى طلاب جامعيون من أنهم تعرضوا هذا العام لحالة من التجريف العلمي، حيث أن أن مستواهم العلمي والعملي في تراجع لتوقف الدراسة، بجانب خوفهم من التعرض لأية مواقف وقيود أمنية أو خطر الإصابة والموت بسبب إطلاق النار.
وكان عدد من الطلاب سعوا لحل مشكلة استكمال الدراسة بأن عرضوا على الجامعة عدة حلول لاستكمال مسيرتهم العلمية، إلا أن الجامعة رفضت عرض جامعة “الفيوم” استقبال الطلاب من كل التخصصات بعد مشاروات مع وزارة التعليم العالي.
ومؤخرا قررت الجامعة بدء تيرم (الفصل) الدراسي خلال فصل الصيف بفرع القنطرة بالإسماعيلية ، وسيبدأ بالعريش بعد عيد الفطر، وهو قرار قد لا يتحقق اذا استمرت العملية العسكرية الشاملة..
وعبر صفحته بـ”فيسبوك”، قال الأكاديمي السيناوي صالح محمد صالح، إن “مستقبل مائة ألف طالب منهم ثمانية آلاف بالمرحلة الثانوية والفنية والمتقدمة؛ مهدد بالضياع، فحتى هذه اللحظة لم تتضح رؤية الوزير، فلا تعليم ولا ذهاب للمدارس ولا انتظام ولا تنمية أو نمو معرفي”.
مدير مركز العريش للتعليم المفتوح، وصف وضع الطلاب بقوله: “لكم أن تتصورا طلابا مُنعوا من الذهاب لمدارسهم، ولا يستطيعون الذهاب لدروسهم لعدم وجود مواصلات ووقود ينقلهم لأماكن دروسهم، وأصبحوا أسرى بمنطقتهم السكنية، ويستمعون للشائعات المتناثرة مصاحبة لطلقات الرصاص المتوالية ليلا ونهارا”.
وطالب صالح النظام بتخصيص 5% بالجامعات المصرية الحكومية والخاصة لأبناء سيناء، إلى جانب عقد امتحانات الثانوية العامة والفنية داخل شمال سيناء، وعدم نقل الطلاب لمحافظات أخرى.
خيانات السيسي وكوارث أهالي سيناء
وباستقراء تطورات الواقع السياسي ي مصر، تتنامي الشواهد والمؤشرات التى تدل على عمل النظام العسكري على قدم وساق لإنجاز تسليم سيناء للكيان الصهيوني بالتزامن مع فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وبناء دولة فلسطينية على قطاع غزة وأجزاء من سيناء.
ومن ضمن ذلك، ما نشره الحاخامات اليهود المتطرفين عدة مرات ، حول عودة بني إسرائيل التى باتت وشيكة جدًا إلى سيناء ، بزعم الكتاب المقدس ، إلى خطط الجنرالات الصهاينة على توسيع رقعة الكيان ، أو حل الدولتين ، كذلك خطة الملك سليمان لتنمية سيناء التى جاءت قبل تفجر أزمة تيران وصنافير ، لإعادة إحياء خطة الجنرال الصهيوني “جيورا إيلاند” ، كذلك التشديدات الأمنية التى رفعتها سلطات العسكر ، منها تفعيل كارت الدخول إلى جنوب سيناء، عبر نفق أحمد حمدي، بالإضافة زيادة الدوريات والأكمنة الثابتة والمتحركة في منطقة وسط سيناء ، والتحذيرات الصهيونية المتكررة لمستوطني الكيان بعودهم من سيناء وإغلاق معبر طابا ، إلي الجرائم التى يرتكبها العسكر في الخفاء هناك ، إلى الحجج التى يطلقها الكيان الصهيوني بين الحين والأخر ، كذلك نشاط المراقبة والدوريات وطلعات طائرات المقاتلة وبدون طيار، فضلًا عن التعاون الأمني عال المستوى بين الطرفين المصري والصهيوني ، والاجتماع الثلاثي في العقبة ، والكثير والكثير من التحليلات والمؤشرات ، لعل أخرها هو التهديد الذي أطلقة “محمود عباس” رئيس السلطة الفلسطينية والذي قال فيه أن “القيادة الفلسطينية ستتخذ خلال الايام القليلة القادمة خطوات غير مسبوقة ضد حالة الانقسام في قطاع غزة”.
ويجب علينا ألا ننسى ما تحدث به نائب قائد كتيبة كاراكال الصهيونية التى تعسكر على الحدود مع سيناء ، في 3 نوفمبر الماضي لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، بأنه “بطبيعة الحال، ليست المخدرات هي الخطر الحقيقي على الحدود في سيناء، بل الإرهابيون”.
“يسرائيل روزنفيلد” قائد الكتيبة ذاتها، أكد في حوار مع صحيفة التليجراف البريطانية في أكتوبر الماضي ، محذرًا: “يمكن أن يحدث اليوم أو غدًا أو في غضون شهر أو ستة أشهر، لكن سيأتي يوم ونشتبك داخل سيناء”.
يشار إلى أن خطة الجنرال “جيورا إيلاند” ، هي خطة اقترحها الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الصهيوني والباحث بمعهد الأمن القومى ، الجنرال “جيورا إيلاند” ، فى عام 2009 ، كحل نهائى لإقامة الدولة الفلسطينية ، وتقوم على مضاعفة مساحة غزة مرتين أو ثلاث مرات ، بضم 600 كيلو من سيناء للقطاع ، لتكون هناك فرصة لبناء مدن جديدة للفلسطينيين فى سيناء مع إقامة ميناء بحرى ومطار دولى ، ما يحقق تنمية اقتصادية حقيقية للفلسطينيين.
وتشمل الخطة ضم المساحة المذكورة، لتتجاوز مساحة غزة حدود 1967، التى لم يعد الالتزام بها مقبولًا من الناحية الأمنية لدى الكيان الصهيوني ، فى مقابل منح مصر 600 كيلو من صحراء النقب فى جنوب فلسطين المحتلة.
أكد “أيلاند” في خطته أن عدد سكان قطاع غزة يبلغ أكثر من 1.6 مليون نسمة -وقتها- في مساحة صغيرة نسبيًا ، ومن المتوقع أن يصل إلى 2.5 مليون نسمة بحلول 2020، وهذه المساحة لن توفر الحد الأدنى لاستمرار الحياة لدولة فلسطينية في حال قيامها في قطاع غزة.
وقال “إيلاند” فى خطته: “فى النهاية لن يخسر أى طرف أراضى جديدة، وفى حين أن إسرائيل ستتمكن من التوسع فى المشروعات والمستوطنات بالضفة الغربية، ستستفيد مصر اقتصاديا، فالميناء والمطار الجديدان سيكونان حلقة اتصال بين مصر والخليج العربى وأوروبا، كما يمكن لمصر إقامة ممر برى، لجعل الحركة من مصر إلى بقية دول الشرق الأوسط أسهل بكثير، دون الحاجة للعبور بأراضى إسرائيل”.
مخاطر
وبحسب مراقبين، فبلا أدنى شك ، فإن خطة الجنرال “أيلاند”، حال إقرارها ، ستؤدي إلى تهويد مدينة القدس بالكامل ونزع الهوية الإسلامية عنها ، ووأد قضية اللاجئين وعرب 48 وقضية فلسطين بأكملها ، لا سيما في المحافل الدولية ، وإلغاء المطالبة بحدود 67 ، بل إن شئت فقل ستنهي على النزاع القائم ، وستخرج فلسطين من المعادلة بأرض جديدة ، تاركين أحلام العودة خلف “أيلاند”.
وفي أبريل 2016 كشف باحث صهيوني وضابط سابق في سلاح الاستخبارات العسكرية ، أن السيسي عرض على رئيس السلطة الفلسطينية خطة لإقامة دولة فلسطينية في سيناء ، تقضي بنقل ما مساحته 1600 كم2 من الأراضي المصرية في سيناء إلى السلطة الفلسطينية ، مؤكدًا أن الخطة تضمن أن تكون هذه الاتفاقية شاملة لتصبح أرض العودة للفلسطنيين المشتتين في مخيمات لبنان وسوريا.