أبوظبي والرياض.. سجالات بشأن اليمن والسودان برسائل مباشرة وغير مباشرة

- ‎فيعربي ودولي

يبدو أن السجال الذي اندلع مؤخرًا بين شخصيات خليجية بارزة حول ملفات اليمن والسودان لم يكن مجرد تراشق عابر على منصات التواصل الاجتماعي، بل يعكس عمق التباينات بين الرياض وأبو ظبي في إدارة ملفات إقليمية مثل اليمن والسودان.

ونشر الأمني ضاحي خلفان على منصة "إكس" ردا على الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد، اعتبره كثيرون بيانًا شبه رسمي إماراتيًا أكثر من كونه رأيًا شخصيًا، بما يحمله من لغة سياسية مركبة لا تتناسب مع أسلوب خلفان المعتاد، جوهر الرسالة كان واضحًا: الإمارات لن تسمح للسعودية بفرض إرادتها في جنوب اليمن، فهي حاضرة هناك ولها مصالح استراتيجية.

 

ويخلص مراقبون إلى أن ما يحدث هو انعكاس لصراع نفوذ بين السعودية والإمارات في اليمن والسودان.

خلفيات السجال

وعلق مراقبون على تعليقات "خلفان" الذي بدا وكأنه يعكس موقفًا إماراتيًا رسميًا، يرد على الراشد الذي يمثل صوتًا سعوديًا مؤثرًا في الإعلام، هذا التباين يعكس تنافسًا على النفوذ في اليمن، خصوصًا في الجنوب حيث تدعم الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي.

وما يؤكد هذا التباين تمدد التنافس إلى كل من عبد الخالق عبد الله وعبد اللطيف آل الشيخ، حيث صفحة سجال بينهما حول اليمن والسودان كشف تناقضات أعمق، كلاهما محسوب على أبوظبي، لكن آل الشيخ حاول أن ينفي عنه صفة "البوق الإماراتي"، بينما بدا عبدالخالق أكثر انسجامًا مع الدور الموكَل إليه من قيادة بلاده.

وزاد مسؤول الخارجية الإماراتي أنور قرقاش عبر @AnwarGargash أن حملات شرسة على الإمارات، بعضها من مصادر متوقعة، "وأخرى من أطراف لم أتوقعها" (ربما يقصد الكتاب السعوديين) متهما لها بالتقصير وتبريريه و"هروبها إلى الأمام، فبقيت في مجملها معدومة النتائج"!

وزعم أنه "ليست الإمارات من تحمل رغبة السودانيين في السلام والحكم المدني، بل هي مطالبهم، وليست الإمارات من تدعو إلى حق تقرير المصير في الجنوب، بل هي إرادة أهله، ولا تسعى الإمارات إلى زعامة ولا إلى نفوذ، بل تعمل مع شركائها من أجل منطقة مستقرة ومزدهرة وخالية من التطرف."

 

اليمن والنفوذ المتشابك

 

وظل اليمن منذ سنوات ساحة تنافس بين السعودية والإمارات فالإمارات تدعم ما يسمى ب"المجلس الانتقالي الجنوبي"، وهو مليشيا انفصالية، سمحت السعودية (ويبدو أنها ندمت) على اعطائه مساحة سياسية فأنشأ رسميا قوات محلية، وأدار سجون سرية لصالح الإمارات، التي مولت الميليشيا، هذا الدور جعل كثيرين يرون أن الإمارات تدفع باتجاه تقسيم اليمن.

وتتمسك الرياض بالشرعية اليمنية ممثلة بالرئيس المعترف به دوليًا، مع رفض أي مشاريع انفصالية وانقسمت ساحة ردود الفعل الشعبية بين لجان أبو ظبي ولجان الرياض، إلا أن اليمنيون في غالبهم اعتبروا تصريحات أخيرة لوزير الخارجية أنور قرقاش حول "الاستقرار والشراكات" مجرد تلميع، إذ لا يمكن لمن يمول الميليشيات أن يدّعي دعم السلام، آخرون أكدوا أن الإمارات لا يحق لها الحديث عن الاستقرار وهي شريك مباشر في الفوضى.

 

وبالنسبة للبعد الاستراتيجي، تمثل اليمن (الجنوبي منها) للإمارات موقعًا استراتيجيًا على بحر العرب، وممرًا بحريًا مهمًا، لذلك فهي لن تتخلى عن نفوذها هناك بسهولة حيث وطنت في موانئ الجنوب الصهاينة التي يزورنها كما يزورون حيفا وشرم الشيخ.

 

وعن مثل هذه التصريحات التي يدعيها مسؤولين إماراتيين علق رسميون ومراقبون يمنيون منهم محافظة ذمار YEMEN @Dhamar_Gov : "#الامارات  لا يحق لها الحديث عن الاستقرار وهي شريك مباشر في الفوضى والانتهاكات وتمزيق النسيج اليمني، من يدّعي دعم السلام ويدير السجون السرية ويمول المليشيات هو طرف في الجريمة، ولن تغسل البيانات عار الأفعال.".

وكتبت ليماء الحرازي @lamiaharazi ".. تصريح رسمي بدعم الإمارات لانفصال جنوب اليمن لتؤكد أن ليست المشكلة في النوايا المعلنة، بل في الأفعال، فالإمارات لم تكتفِ بدور المراقب أو الداعم، بل تدخلت في شؤون دول أخرى، وشاركت في التأثير على خيارات شعوبها، ودعمت أطرافًا غذّت الانقسام وأشعلت الفتنة".

وأضاف الصحفي والباحث اليمني  صلاح الدين الأسدي @slahaddenalasdi "أي ثقة وأي وضوح يا قرقاش وأنتم في العلن وفي الخطابات الرسمية تعلنون دعمكم للشرعية اليمنية وفي الخفاء تعلنون دعم الكيانات الموازية للدولة.

عن أي وضوح يا رجل تتحدث؟

ولقرقاش كتب قصي اليماني @Q_60Q، "تقسيم الشعوب وإشعال الصراعات الداخلية،  ودعم التمرد لا يمكن تلميعه بخطاب الشراكات والاستقرار.

 الفخر الحقيقي يكون بدعم وحدة الدول وسيادتها، لا بتغذية الميليشات ثم التبرؤ من نتائجها،  التاريخ لا يرحم من يعتقد أن النفوذ يُبنى على أنقاض الأوطان .".

واعتبر الواحدي @ghhh268779 أن حديث الشمال والجنوب اليمني "شأن يمني – يمني بحت، دعوات الانفصال والتحريض عليها بالمال والسلاح ليست من طابع دول تقول إنها تدعوا للسلام والتسامح.".

 

السودان: أزمة مضاعفة

ويمثل السودان يمثل ملفًا آخر تتقاطع فيه مصالح الإمارات والسعودية، فالإمارات يعرف القاصي والداني والصغير قبل الكبير مسؤوليتها عن دعم قوات الدعم السريع الإماراتي بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عبر تمويل وتسليح غير معلن، ما جعلها متهمة بالمسؤولية عن المجازر في دارفور.

وأقر أنور قرقاش أقر علنًا بأن الإمارات ودولًا أخرى أخطأت حين لم تفرض عقوبات على قادة انقلاب 2021، وهو تحول لافت في الخطاب الرسمي، إلا أن على الأرض أثبتت تقارير الأمم المتحدة وخبراء المنظمة الدولية وصحفيون مستقلون وجود أدلة على تسليح إماراتي لقوات الدعم السريع، رغم نفي أبوظبي. الولايات المتحدة فرضت عقوبات على شركات إماراتية مرتبطة بتمويل حميدتي.

ومن جانبها، تدعي الإمارات وتصر على أنها طرف محايد يسعى لعودة الحكم المدني، لكنها عمليًا ساهمت في إضعاف الحكومة المدنية عام 2019 عبر وقف القروض الموعودة، مما مهّد لانقلاب 2021.

وأشارت الجارديان إلى تصريح سابق لقرقاش في نوفمبر الماضي يقر الخطأ ب"تعزيز دور الجيش وتهميش المدنيين"، بل ودعم حميدتي كفاعل اقتصادي.

وقدمتا السعودية والإمارات قرضًا بثلاثة مليارات دولار للمجلس العسكري، لكنهما أوقفتا دفعاته عندما تعزز نفوذ المدنيين، وهو ما ساهم في إضعاف الحكومة وأدى لاحقًا إلى الانقلاب، تقارير أممية وصحفية أكدت وجود أدلة على تسليح إماراتي لقوات الدعم السريع، رغم نفي أبوظبي، فيما فرضت واشنطن عقوبات على شركات إماراتية مرتبطة بتمويل حميدتي، مجموعات مدنية سودانية حذرت منذ وقت مبكر من أن الدعم الإماراتي سيؤدي إلى مجازر جماعية.

سوق النخاسة

ومن جانبه، وصف المحلل السياسي نظام المهداوي، المشهد بأنه "مسرحية في سوق النخاسة"، حيث الأبواق متعددة لكن القيادة واحدة، وعبر @NezamMahdawi أشار إلى أن قرقاش يتابع الحملات الشرسة التي يقول إنها تستهدف بلده، ولا يتابع المجازر التي ترتكبها ميليشيات مدعومة من بلده. يبدو قرقاش، في هذا، كحال الصهيوني: يرتكب ما شاء من الجرائم بحقّ المدنيين، ثم يخرج صارخاً وباكياً مدّعياً أن كيانه مستهدف من إرهابيين.

وأضاف "وهو ليس من آل نهيان حتى يدافع عن دولتهم المارقة بوهم العصبية، لكنه باع دنياه لهم واشترى آخرتهم، فصار مشهده مثار سخرية: كممسحةٍ تحاول أن تمسح بحراً من الدماء بلا جدوى.".

https://x.com/NezamMahdawi/status/2003240369413357963

وعلق مراقبون أن الإمارات تمارس دورًا وظيفيًا لصالح قوى خارجية، وأن خطابها عن الاستقرار لا يتسق مع دعمها للانقسامات.

وقالت إفتهــــــــــــــــــــان @18_11_7 : "إذا لم تستحِ .. فقل ما تشتهي.. هل دعم تمزيق البلدان بواسطة دعم الخارجين فيها عن الشرعية  يترجم دعم للاستقرار؟؟".

وأضاف د. أكرم توفيق  @Y1E2M3E4N5، "مخجل أن يتحول النظام العريق في دولة الإمارات العربية المتحدة  الى لعب الدور الوظيفي لصالح س او ص على حساب الشعوب المطحونة  المسحوقة لتمزيقها والعبث بها، رغم ذلك التاريخ يدون والأيام دول.".

ورغم تحالفهما في ملفات عديدة، إلا أن التباين في اليمن والسودان يعكس اختلافًا في الأولويات: فالسعودية تسعى لتثبيت الشرعية ووحدة الدول، بينما الإمارات تميل لدعم قوى محلية انفصالية تضمن لها نفوذًا مباشرًا لهذا يتحدث قرقاش عن "الجنوب" متجاهلا اليمن الموحد، ولكن اسامه بركة

@BarakahOsama يؤكد أنه "بإذن الله تعالى .. السودان سيبقى موحدا.. اليمن سيبقى موحدا .. قولوا آمين".