بعد الاستيلاء علي مدارس الإخوان … فضيحة “سيدز” تكشف تراجع المنظومة الأخلاقية بالمدارس في ظل غياب الإسلاميين

- ‎فيتقارير

 

بعد أكثر من عقد من استيلاء الحكومة على مدارس الإخوان المسلمين وعدد كبير من المدارس ذات التوجّه الإسلامي إثر الانقلاب العسكري، وإعادة تصنيفها تحت مسمّى "مدارس 30 يونيو"، تتصاعد انتقادات واسعة لما يصفه مراقبون بـ"تفكك منظومة القيم والرقابة" داخل قطاع التعليم الخاص والدولي. ويقول منتقدون إن تعيين القيادات التعليمية بعد تلك الفترة — بدءاً من أعلى المناصب وحتى إدارات المدارس — جرى في كثير من الأحيان على أساس الولاء لا الكفاءة، وهو ما مهّد لظهور ثغرات خطيرة.

 

أحدث تلك الثغرات انفجرت صباح السبت ، حين أعلنت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة "سيدز" الدولية تحت الإشراف المالي والإداري الكامل، بعد تحقيقات أولية في وقائع اعتداء جنسي ارتُكبت بحق عدد من أطفال مرحلة رياض الأطفال.

 

وأكدت الوزارة في بيان رسمي أن القرار يشمل إحالة جميع المسئولين الذين يثبت تورّطهم في التستّر أو الإهمال الجسيم إلى الجهات القانونية المختصة، معتبرةً الخطوة "ضرورة لحماية الطلاب وضمان بيئة تعليمية آمنة".

 

وقال وزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، إنه تابع التطورات منذ اللحظة الأولى، موجهاً لجنة وزارية موسّعة بالتحقيق داخل المدرسة، التي خلصت إلى وجود "قصور إداري ورقابي كبير" سمح بوقوع الانتهاكات.

 

روايات الأطفال… “الأوضة المرعبة” والتهديد بالسلاح

 

القضية بدأت بتقدّم ذوي ستة أطفال ببلاغات رسمية، تحدثوا فيها عن تعرّض أبنائهم لتحرّش وهتك عرض. وقدّم الأطفال روايات صادمة، شملت: التهديد بسكين وتكميم الأفواه وربط بعضهم داخل غرفة أطلقوا عليها "الأوضة المرعبة" واستدراج بالألعاب في غياب رقابة إدارية فعلية.

 

وقال الأهالي إن بعض المتهمين يعملون في المدرسة منذ سنوات طويلة، ما أثار تساؤلات حول آليات التعيين والإشراف داخل المدارس الخاصة والدولية.

 

 

غضب شعبي واحتشاد للأهالي… ورفض مطلق لعودة الأطفال

 

ومع انتشار البلاغات، تجمّع الأهالي أمام المدرسة وفي محيط التحقيقات. بعضهم انهار بالبكاء، فيما أكد آخرون أن أبناءهم يعانون من صدمات نفسية "بالغة". وأعلن أولياء الأمور رفضهم إرسال أطفالهم إلى المدرسة "مهما كانت العواقب"، مطالبين بسحب الترخيص ومحاسبة جميع المسئولين.

 

وفي محاولة لاحتواء الأزمة، أصدرت إدارة المدرسة بياناً اعتبرت فيه الطلاب "أمانة عظيمة"، مؤكدة التزامها بالتعاون مع التحقيقات. لكن أولياء الأمور شككوا في البيان بعدما علموا — وفق رواياتهم — أن المدرسة أرسلت محامياً للدفاع عن المتهمين قبل أن ينسحب بعد اطلاعه على الملفات.

 

 

النقابة تتدخل: “احموا الأطفال… لا تزيدوا الألم”

 

دعا نقيب الصحفيين، خالد البلشي، وسائل الإعلام إلى تغطية مهنية تحمي خصوصية الأطفال، محذراً من نشر أي تفاصيل قد تكشف هويتهم. وأكد أن دور الصحافة "يكتمل حين تكون نصيراً للضحايا لا عبئاً عليهم".

 

كما نقل صحفيون معلومات جديدة من الأهالي عن وجود حالات إضافية لم تقدّم ببلاغات بعد، وأن الأطفال أصيبوا بـ"فوبيا" من أماكن داخل المدرسة.

 

 

ليست حادثة فردية… بل جرس إنذار

 

يرى متابعون أن فضيحة "سيدز" ليست حالة معزولة، بل نتيجة مباشرة لغياب المعايير المهنية في اختيار القيادات التعليمية ولتراجع الرقابة داخل المدارس الخاصة والدولية منذ إعادة هيكلة القطاع بعد 2013.

 

ومع استمرار تحقيقات النيابة والإشراف الكامل للوزارة، ترتفع أصوات تطالب بإعادة النظر جذرياً ف: ضوابط تعيين العاملين في المدارس ونظام الرقابة اليومية على المؤسسات التعليمية وآليات حماية الأطفال في دور الحضانة ورياض الأطفال

 

وتبقى الأسئلة مفتوحة حول قدرة الوزارة على سدّ الثغرات، ومنع تكرار المأساة في أي مدرسة أخرى.