انتقد خبراء اقتصاد التعديلات التى أجرتها حكومة الانقلاب على "وثيقة سياسة ملكية الدولة"، والتى تضمنت وضع قيود على تأسيس شركات جديدة مملوكة لدولة العسكر .
واعتبر الخبراء أن هذا التعديل فيه إضعاف لكيان الدولة وتقليل من قدراتها، في الوقت الذي تتعاظم فيه أعمال ومليكات واستحواذات كيانات اقتصادية أخرى، في إشارة لما يطلق عليه امبراطوريتي "الجيش"، و"عيال زايد"
وحذروا من أن خسارة اقتصاد تعاني موازناته السنوية عجزا ماليا وصل إلى 26.1 تريليون جنيه العام المالي (2024/2025)، نسبة كبيرة من الإيرادات السابقة لشركات حكومية جرى التخارج منها يفاقم الأزمات التى تواجهها حكومة الانقلاب .
وطالب الخبراء حكومة الانقلاب بوقف تملك الأجانب لأصول هامة محذرين من احتكار صناديق الثروة السيادية الخليجية لقطاعات حساسة.
تعديلات جديدة
كان أسامة الجوهري رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس وزراء الانقلاب قد أعلن عن تعديلات على"وثيقة سياسة ملكية الدولة"، تنص على اعطاء : "استثمارات القطاع الخاص بالشركات المملوكة للدولة أولوية مقدمة على بيع الأصول".
وقال الجوهرى فى تصريحات صحفية ان التعديلات الجديدة تضع كذلك قيودا على تأسيس شركات جديدة مملوكة لدولة العسكر، وتضع حدودا بين أدوار دولة العسكر بصفتها مالك أو منظم أو صانع للسياسات، وتعمل على تحسين استقلالية وجودة وتنوع مجالس إدارة الشركات المملوكة لدولة العسكر وصياغة سياسة واضحة لتوزيع أرباحها، وفق تعبيره
صندوق النقد
فى هذا السياق قال الخبير الاقتصادي عبدالنبي عبدالمطلب، وكيل وزارة الصناعة والتجارة الأسبق إنه تم إعداد الوثيقة كبرنامج عمل لحكومة الانقلاب في إطار اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، بهدف إظهار أن دولة العسكر تنوي بالفعل التخارج من المشروعات والشركات التي تتواجد فيها خلال 3 سنوات، ولم يتم هذا التخارج .
وكشف عبدالمطلب فى تصريحات صحفية أنه قبل هذه التعديلات، كانت هناك توصيات هامة من جانب لجان ما يسمى بالحوار الوطني بأن يتم مراجعة بنود الوثيقة، حتى تواكب الحاضر معربا عن اعتقاده بأن التعديلات التي أدخلت على الوثيقة هي رسالة إلى صندوق النقد الدولي، بأن حكومة الانقلاب في طريقها لإعطاء فرصة أكبر للقطاع الخاص، والتخلي أو تنفيذ برنامج التخارج أو الطروحات أو الخصخصة.
وأكد أن الهدف الأساسي من هذا التعديل، هو إخبار الصندوق بأن حكومة الانقلاب لن تتوسع مجددا في إقامة أو إنشاء شركات جديدة مملوكة لدولة العسكر .
بدون أهداف
وحول نجاح سياسة ملكية الدولة في تحقيق أهدافها، قال عبدالمطلب: لم يكن هناك أهداف لهذه الوثيقة، ولكنها كانت مجرد برنامج عمل أو تعهدات حكومية لإتمام اتفاق التمويل المطلوب من صندوق النقد بقيمة 3 مليارات دولار، والذي تم رفعه في مارس 2024, إلى 8 مليارات دولار.
وأشار إلى أنه لم تكن هناك نوايا حقيقية لدى دولة العسكر بأن يكون لديها تشريعات وقواعد وإجراءات وقوانين تسمح بالحد من الملكية العامة وتسمح بانطلاق القطاع الخاص .
وأضاف عبدالمطلب : لم توجد نية لتوسيع ملكية الدولة أو زيادة شركاتها أو إنشاء أخرى جديدة، ربما ذلك لم يكن موجودا؛ لكن حتى هذه اللحظة في اعتقادي أن فكرة تخارج دولة العسكر من مشروعاتها هو شيء نظري، ومن الصعب أن تنفذ دولة العسكر هذه البنود التي اتفقت عليها .
مرحلة صعبة
وأكد أن مصر تعيش مرحلة اقتصادية صعبة؛ مشيرا إلى قرار حكومة الانقلاب برفع أسعار الوقود الشهر الماضي رغم انخفاض أسعاره عالميا، لكنه من الواضح أن صندوق النقد الدولي لم يعط أية إشارة بأنه سيقبل هذا التصرف باعتباره أحد أشكال الإصلاح وتنفيذ التعهدات مع الصندوق .
وتابع عبدالمطلب : صحيح هناك تصريحات قليلة الحدة من الصندوق، لكن مازالت نصريحاته ذات تأثير، لافتا إلى أن رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، تقول إنه مازال مطلوب من حكومة الانقلاب الإسراع في برنامج الطروحات والخصخصة، وأن يكون لديها سعر صرف مرن .
وأوضح أن المشكلة أنه حتى إذا قامت حكومة الانقلاب بإعداد وثيقة جديدة، وبرنامج عمل جديد أكثر تطورا والتزاما مما هو موجود بالوثيقة، لا أعتقد أن ذلك سيكون كافيا في وأن الصندوق سيشترط على الأقل تنفيذ جزء من برنامج الطروحات .
وعن دور الوثيقة في دعم القطاع الخاص قال عبدالمطلب : لكي يحقق الهدف والمخطط له في الناتج القومي الإجمالي ونتحدث هنا عن 65 بالمئة؛ فهذا يحتاج إلى ثقة كاملة من مجتمع الأعمال في مجتمع الإدارة ومجتمع الحكم، ما يعني أن يعمل القطاع الخاص وهو واثق بأن ما سوف يدشنه من أعمال واستثمارات لن يكون لها منافس في نفس القطاع أو ذات المجال يهدد أرباحها .
خبرات القطاع الخاص
فى المقابل قال الخبير الاقتصادي مجدي حسين، إن تفضيل الاستثمار المشترك أو الشراكة مع القطاع الخاص على البيع الكامل للأصول يعد خطوة إيجابية نحو تحقيق كفاءة تخصيص الموارد دون الإخلال بمبدأ الملكية العامة .
وأضاف حسين فى تصريحات صحفية : البيع النهائي للأصول رغم قدرته على توفير سيولة قصيرة الأجل، يمثل تفريطا بأصول استراتيجية تمثل رصيدا إنتاجيا طويل الأجل لدولة العسكر، في المقابل، فإن الاستثمار المشترك يسمح بجذب خبرات القطاع الخاص وتحسين الأداء التشغيلي دون التخلي عن السيطرة الكاملة أو فقدان الملكية الوطنية للأصول .