8 نوفمبر نظر دعوى تطالب بإلغاء تعديلاته… قانون الإيجار القديم مفصل على مقاس كبار الملاك والمستثمرين

- ‎فيتقارير

يعيش المستأجرون حالة ذعر وغضب مكتوم، محذرين من أن قانون الإيجار القديم الذى صدق عليه قائد الانقلاب الدموى عبدالفتاح السيسي سيؤدى إلى تشريد مئات الآلاف من الأسر التى لا تملك مأوى بديلًا . وقال المستأجرون إن دولة العسكر ملزمة بحمايتهم من غول السوق العقارى ومنطق من لا يملك يُطرد .

ويتزامن مع هذا الغضب أجواء غليان غير مسبوقة تعيشها الساحة القانونية والاجتماعية بعد أن تصاعدت وتيرة المواجهة بين ملاك العقارات القديمة والمستأجرين، على خلفية دعاوى قضائية متتالية أمام مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا، تطالب بإعادة النظر فى قانون الإيجار القديم الذى يصفه الملاك بـالقانون الجائر الذى صادر حقوقهم لعقود طويلة.. فى وقتٍ تشتعل فيه الأسعار وتختنق الطبقة الوسطى. وتعود قضية الإيجار القديم لتُشعل فتيل أزمة جديدة بين الملاك والمستأجرين، معركة تقترب من الانفجار بعد أن تحولت ساحات القضاء إلى ميادين صراع طبقى يختلط فيها الحق بالوجع، والقانون بالعجز الحكومى.

وبين من يدافع عن الملاك ومن يتضامن مع المستأجرين تحول الملف إلى حرب كلامية ساخنة على المنابر الإعلامية ومواقع التواصل، بين من يرفع شعار «الحق لأصحابه» ومن يتمسك بالاستقرار الاجتماعى كأولوية وطنية، القضية لم تعد مجرد خلاف قانونى، بل صراع طبقى واجتماعى مكتمل الأركان، يكشف حجم الفجوة بين المالك والمستأجر.

الخبراء اعتبروا أن ما يجرى هو أخطر مواجهة فى تاريخ العلاقة بين المالك والمستأجر، وأن الحكم المنتظر من المحكمة الدستورية فى الدعاوى المنظورة قد يكون زلزالًا تشريعيًا يعيد رسم خريطة السكن فى مصر من جديد.

 

الشقق المغلقة

 

فى هذا السياق قال المحامى بالنقض محمود عطيه ممثل اتحاد المستأجرين فى تعليق له على الدعوى المقدمة من ملاك الإيجار القديم للمطالبة بالشقق المغلقة أولًا، يجب التأكيد على أن العلاقة الإيجارية تخضع لأحكام القوانين الخاصة المنظمة لعقود الإيجار، وأبرزها: القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والقانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن، مشيرًا إلى أن العلاقة الإيجارية تنشأ بعقد، ولا يجوز إنهاؤها إلا بناءً على الحالات التى نص عليها القانون أو بحكم قضائى .

وأضاف «عطية» فى تصريحات صحفية : ثانيًا الشقق المغلقة وامتلاك المستأجر لوحدة بديلة وإثبات أن الشقة مغلقة لا يعنى تلقائيًا أحقية المالك فى استردادها، إلا إذا كانت مغلقة ولمدة طويلة دون استخدام فعلى، وثبت ذلك بأدلة واضحة (مثل فواتير مرافق منعدمة الاستخدام لفترة طويلة).

وأكد أن القانون ينص صراحة على أنه إذا ثبت أن المستأجر أو زوجته أو أولاده القُصّر يمتلكون وحدة صالحة للإقامة فى ذات المدينة، فإن ذلك قد يُبرر إنهاء العلاقة الإيجارية، ولكن لا يكون ذلك تلقائيًا، بل يتطلب حكمًا قضائيًا بعد تقديم الأدلة الكافية، مشددا على أن فواتير الكهرباء والماء والغاز قد تُستخدم كقرائن على غلق الوحدة أو عدم استخدامها، لكنها لا تكفى وحدها لإثبات الإخلاء أو فسخ العقد .

وأوضح «عطية» أن المحكمة تنظر إلى مجمل الظروف والوقائع، وليس مجرد انخفاض أو انعدام الاستهلاك فى فترة معينة، لافتا إلى إن الدعوى أمام مجلس الدولة تعنى أن المدعى يطعن على قرار إدارى، أو يطالب بإثبات حالة معينة تجاه جهة إدارية (مثل شركات المرافق) وهذه الدعوى لا تُنهى العلاقة الإيجارية بذاتها، بل قد تستخدم لجمع مستندات تُقدم لاحقًا أمام محكمة الموضوع المختصة بفسخ عقد الإيجار.

 

قانون ظالم

وشدد على أن قانون الإيجار القديم فى صورته التى أقرها برلمان السيسي وصادق عليها قائد الانقلاب هو قانون ظالم ومفصل على مقاس كبار الملاك والمستثمرين العقاريين، ويمثل «طعنة فى قلب العدالة الاجتماعية» التى كفلها الدستور.

وقال «عطية» إن القانون الحالى لم يراعِ البعد الإنسانى ولا الاجتماعى، وتم تمريره تحت ضغط لوبى المال والعقار، دون حوار مجتمعى حقيقى، وحكومة الانقلاب تجاهلت ملايين الأسر التى لا تملك سوى هذه الشقق كمأوى وحيد لها، وقررت ببساطة أن ترفع عنها الحماية وتتركها فريسة لجشع السوق .

وأشار إلى أن القانون مهدد بالبطلان الدستورى، لأن مواده تتعارض مع نصوص الدستور الواضحة التى تنص على حماية السكن كحق أساسى للمواطن، وتمنع الإخلاء القسرى دون توفير بديل، مؤكدا أن الدعاوى المقدمة أمام المحكمة الدستورية  تمثل الأمل الأخير فى إنقاذ مئات الآلاف من الأسر من التشريد.

وتابع «عطية» قائلا: نحن لا ندافع عن الإيجار الرمزى، بل عن الحق فى الأمان السكنى، معتبرا قانون السيسي فى صورته الحالية ليس إصلاحًا، بل مؤامرة تشريعية لصالح الأثرياء وسنواجهه قانونيًا فى الدستورية، وسيعلم الجميع أن العدالة لا تُكتب فى برلمان السيسي فقط، بل تُنتزع من ساحات القضاء .

 

إلغاء التعديلات

وأكد أن الطعون المقدمة أمام المحكمة الدستورية العليا بشأن قانون الإيجار القديم ليست مجرد تحركات شكلية، بل تحمل وجاهة قانونية حقيقية يمكن أن تفتح الباب أمام إبطال جزئى لبعض المواد المثيرة للجدل، خصوصًا تلك المتعلقة بإخلاء المستأجرين دون توفير بدائل مناسبة .

وقال «عطية»  إن المحكمة الدستورية تنظر فى مدى توافق القانون مع مبادئ العدالة الاجتماعية وحق السكن الآمن المنصوص عليه فى المادة (78) من الدستور، التى تلزم دولة العسكر بضمان الحق فى السكن الملائم لكل مواطن، وهناك مواد فى القانون الجديد قد تُفسر بأنها تُميز فئة على حساب أخرى، وهو ما قد يضعها فى دائرة عدم الدستورية، موضحا أن القانون يجب أن يُوازن بين حماية الملكية الخاصة وعدم المساس بالأمن الاجتماعى وإذا ثبت الإخلال بهذا التوازن، فالمحكمة الدستورية قد تتدخل لتعديل المسار.

 

المحكمة الدستورية

 

ولفت إلى أن محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة حددت جلسة 8 نوفمبر المقبل لنظر أولى جلسات الدعوى المقامة، حيث تطالب بوقف تنفيذ وإلغاء تعديلات قانون الإيجار القديم رقم 164 لسنة 2025، بدعوى عدم دستوريتها ومخالفتها لمبدأ المساواة والحق فى السكن، وطالبت الدعوى بقبولها شكلًا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القانون رقم 164 لسنة 2025 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وبخاصة نص المادة الثانية التى نصت على أن تنتهى عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لغرض السكنى بانتهاء مدة سبع سنوات من تاريخ العمل به، وذلك ما لم يتم التراضى على الإنهاء قبل ذلك .

وحذر «عطية» من أن تطبيق هذه المادة من شأنه أن يؤدى إلى طرد آلاف الأسر من مساكنها بعد انتهاء مدة السبع سنوات، دون توفير بدائل مناسبة أو حماية كافية للمستأجرين القدامى، معتبرا هذا مخالفة للدستور الذى يكفل حق المواطن فى السكن اللائق والآمن .

واكد أن ملف الإيجار القديم لم يُغلق فعليا لأن ساحة القضاء الدستورى قد تعيد فتحه من جديد، مشيرا إلى أن برلمان السيسي أنهى القانون سياسيًا، لكن المحكمة الدستورية قد تُعيد صياغته قضائيًا، والقرار المنتظر سيكون له أثر بالغ على حياة ملايين المصريين.