بعد تكرار السيسي لمزاعمه حول خسائر ثورة يناير ..خبراء : ٤٥٠ مليار دولار رقم عشوائي ويستهدف تبرير فشله الذريع !

- ‎فيتقارير

 

كرر المنقلب عبدالفتاح السيسي رقم "450 مليار دولار" عدة مرات قبل سنوات وأعاد تكراره بشكل سمج خلال العامين الأخيريين لكن لم يصدر أي تقرير رسمي أو دولي يؤكد دقة هذا الرقم، وقد أثار انتقادات من خبراء اقتصاديين وإعلاميين اعتبروه مبالغًا فيه وغير واقعي.

حتى أن رئيس الحكومة استخدم الرقم مرات هو أيضا، في أكثر من مناسبة، مؤيدًا تصريحات السيسي حول تكلفة أحداث 2011–2013، دون تقديم تفاصيل مالية دقيقة أو دراسات منشورة تشرح كيفية احتساب هذا الرقم.

وفي مؤتمر "حكاية وطن" بتاريخ 30 سبتمبر 2023، أيد مدبولي تصريح السيسي بأن الدولة تحملت خسائر تقدر بـ450 مليار دولار نتيجة أحداث الثورة وما تلاها من اضطرابات.

ولم يقدّم مدبولي تفصيلًا دقيقًا للرقم، لكنه أشار إلى أن الحكومة تأخذ هذه الخسائر بعين الاعتبار في قراراتها الاقتصادية، خاصة في ظل محدودية الموارد.

وفي مناسبات أخرى، كرر الرقم ضمن سياق الحديث عن التحديات التي واجهتها الدولة بعد الثورة، مثل تراجع السياحة، انخفاض الاستثمار، وتكلفة مواجهة الإرهاب.
 

في حين أن الناتج المحلي الإجمالي لمصر في 2011 كان حوالي 230 مليار دولار، وفي 2014 حوالي 300 مليار دولار. ويعادل الرقم المذكور 400 : 450 مليار تقريبًا ضعف الناتج المحلي الإجمالي السنوي، مما يثير شكوكًا حول منهجية التقدير.

وفي عيد الشرطة يناير 2024 قال إن المنقلب عبدالفتاح السيسي "مصر خسرت 450 مليار دولار بسبب أحداث 2011–2013.". وأعاد ذكره في الندوة التثقيفية الـ42 للقوات المسلحة في 19 أكتوبر 2025، زاعما أن هذه الخسائر ما زالت تؤثر على الاقتصاد المصري.
 

وفي منتدى شباب العالم  في يناير 2022 وفي تصريحات لقناة MBC مصر كرر السيسي أن مصر أنفقت 400 مليار دولار للخروج من متاهة الفقر، مؤكدًا أن البلد كانت على وشك الانهيار في 2011.

وفي المنتدى نفسه ل"شباب العالم– شرم الشيخ " في 12 يناير 2022، وخلال الجلسة النقاشية بعنوان "تجارب تنموية في مواجهة الفقر، قال السيسي إن مصر أنفقت 400 مليار دولار خلال 7 سنوات لمواجهة الفقر وتحسين أوضاع المعيشة، خاصة في الريف المصري عبر مبادرة "حياة كريمة".

ويبدو أنه اختلت الأرقام وأدخلها مشتركة في بعضها ويعلم المصريين أن البنية التحتية لا تعني له شيئا فأكبر شبكة صرف صحي في أي قرية او حي تكون على حساب المواطنين ولا تتحمل منها حكومة السيسي شيئا.

وفي فبراير 2023 نقل القم إلى الخارج وخلال مشاركته في القمة العالمية للحكومات في دبي زعم أن "الثورة كلفت مصر 450 مليار دولار"، وطلب من الحضور التصفيق له بعد هذا التصريح، في سياق حديثه عن تداعيات ثورة 2011 على الاقتصاد المصري وذلك أثناء جلسة "حوارية" حضرها محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات.

وربط السيسي في هذه المناسبات بين ثورة يناير 2011، مدعيا أن الخسائر الناتجة عنها بلغت 450 مليار دولار، وأن المصريين الذين خرجوا في الثورة بسبب تردي الأوضاع، لكن الدولة لم تكن قادرة على تلبية المطالب حينها.

أضاف: "نعمل ثورة والدولة تخسر 400 مليار دولار، والدولة في أحوج ما يكون لكل دولار فيها".

 

وقال مراقبون أن الرقم استخدم لتبرير السياسات الاقتصادية الصارمة (الفاشلة بالأحرى) التي اتبعتها الدولة لاحقًا، كا أنه لم يصدر أي تقرير مالي مفصل يشرح كيف تم احتساب هذا الرقم. مشيرين إلى أن الرقم يفوق الناتج المحلي الإجمالي لمصر في تلك السنوات مجتمعة، مما يجعله غير منطقي.

وأضافوا أن الرقم يعد رمزيًا أو سياسيًا، يُستخدم لتبرير الأوضاع الاقتصادية الحالية وليس مبنيًا على حسابات دقيقة.

ووصف معارضون الرقم بأنه مبالغ فيه ويهدف إلى تحميل الثورة مسؤولية الأزمة الاقتصادية، رغم أن عوامل أخرى مثل سوء الإدارة والفساد لعبت دورًا كبيرًا. حيث لم تُنشر أي وثائق أو دراسات حكومية تفصيلية تشرح كيف تم احتساب هذا الرقم.

 

ووصف المحامي والحقوقي جمال عيد؛ الرقم بأنه محاولة لتحميل الثورة مسؤولية الأزمة الاقتصادية، وقال إن "الفساد وسوء الإدارة هما السبب الحقيقي".

واعتبر د. عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادي المعتقل في سجون السيسي أن "الرقم غير منطقي"، مشيرًا إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لمصر في تلك الفترة لا يدعم هذا الرقم.

وأشار الأكاديمي د. عمرو عادلي أستاذ الاقتصاد السياسي إلى أن غياب الشفافية في الأرقام الرسمية يجعل من الصعب تصديق مثل هذه التصريحات دون مستندات.

ووصف د. هاني توفيق خبير الاستثما الرقم بأنه تقديري سياسي وليس محاسبي، وقال إن "الخسائر الحقيقية تحتاج إلى تفصيل قطاعي دقيق".

ولم يصدر عن "صندوق النقد الدولي" أي تقرير يشير إلى خسائر بهذا الحجم، بل ركز على الإصلاحات الهيكلية المطلوبة، ولم يذكر البنك الدولي رقمًا قريبًا من 450 مليار دولار في تقاريره عن مصر، بل تحدث عن تحديات في النمو والاستثمار.

واشار مركز "كارنيجي" للشرق الأوسط: في تحليلاته عن مصر، إلى أن الجيش والدولة يسيطران على الاقتصاد بشكل يعيق القطاع الخاص، دون الإشارة إلى خسائر رقمية بهذا الحجم.