حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في غزة لها دور كبير في تعريف شعوب العالم بالإجرام الصهيوني والدعم الأمريكي لهذه الإبادة، والمأساة التي يعيشها الفلسطينيون تحت الاحتلال والحصار الخانق الذي يفرضه الجيش الصهيوني عليهم .
ورغم الدعم والمساندة الأوروبية للإجرام الصهيوني، إلا أن حكومات هذه الدول اضطرت بضغط من شعوبها إلى اتخاذ مواقف ضد دولة الاحتلال والاعتراف بالدولة الفلسطينية، حتى وإن كان ذاك لم يوقف دعمها للاحتلال.
النتائج الإيجابية لحرب الإبادة والتي أدت لإصابة واستشهاد أكثر من 220 ألف فلسطيني أغلبهم من الأطفال والنساء، بخلاف المجاعة التي ابتلعت السكان خاصة الأطفال والشيوخ، تمثلت في مقاطعة قطاعات كبيرة وواسعة داخل دولة الاحتلال من قبل مؤسسات أو أفراد أو شركات، اعتبرت أن التعامل مع الكيان الصهيوني بمثابة مشاركة في الجرائم التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني.
كانت قناة i24news، قد كشفت عن الكارثة التي يعيشها القطاع الأكاديمي الصهيوني مشيرة إلى أن الدراسات التي يشارك فيها باحثون صهاينة أصبحت كأن لم تكن، ويتم رفض مراجعتها من قبل نظرائهم في الأكاديميات الخارجية أو حتى فكرة قبول أوراق التقدم، في معاملة أشبه بالمقاطعة.
الأبحاث الصهيونية
وأشارت القناة إلى حدوث انخفاض كبير في تمويل تلك المشاريع البحثية المشتركة، فبينما كان عام 2023 هو الأعلى في مستوى التعاون بين باحثي الاحتلال والأكاديميين الأوروبيين، وكانت 38% من الأبحاث الصهيونية يتم دراستها في الخارج، إلا أنه ومع حرب الإبادة انخفض هذا التعاون بصورة كبيرة جدًا.
وأكدت أن وصول الباحثين الصهاينة إلى المختبرات والبنية التحتية البحثية في أوروبا أصبح محدودًا بنسبة كبيرة، كما تم إلغاء أو منع مشاركة الصهاينة في المؤتمرات المهنية من قبل المنظمين، وانخفض عدد التبادلات بين الأكاديميين الصهاينة والأوروبيين، حتى أن الشركات التي كانت تتنافس على التعاون مع العلماء الصهاينة باتت تختلق الأعذار من أجل وقف التعامل معهم.
وأوضحت القناة أن المقاطعة أثرت على عدة مجالات بحثية في الأوساط الأكاديمية الصهيونية، منها المجالات الطبية والفضاء وعلوم الكمبيوتر، وأيضًا علوم الفيزياء والأحياء، ومن أجل ذلك عملت وزارة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا التابعة للاحتلال على تشكيل لجنة للتعامل مع تلك المقاطعة التي يقودها أكاديميون في الدول الأوروبية.
مدينة برشلونة
في السياق ذاته، قرر مجلس مدينة برشلونة الإسبانية قطع العلاقات المؤسسية مع دولة الاحتلال رسميًا وإنهاء اتفاق التوأمة مع مدينة تل أبيب على خلفية حرب الإبادة على قطاع غزة، كما أوقف المجلس اتفاقية الصداقة بينهما، وذلك حتى يتم استعادة احترام القانون الدولي والحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.
أيضًا ألغت برشلونة اتفاقية الصداقة والتعاون التي تنظم العلاقات مع تل أبيب، إلى حين استعادة احترام القانون الدولي، بجانب عدم استضافة أجنحة تابعة لحكومة الاحتلال في معارضها، ولا لشركات الأسلحة أو أي قطاع آخر يستفيد من الإبادة الجماعية والاحتلال والفصل العنصري والاستعمار ضد الشعب الفلسطيني.
مهرجان البندقية السينمائي
ولم يسلم المجال الثقافي والفني من المقاطعة التي تضرب جوانب الاحتلال ، حيث وقع أكثر من 1500 متخصص في مجال السينما من إيطاليا وحول العالم، بينهم مخرجون وممثلون وفنانون، طالبوا فيها منظمي مهرجان البندقية السينمائي الشهير باتخاذ موقف حازم تجاه الأزمة الإنسانية في غزة.
وبسبب ذلك، لن تستطيع الممثلة الصهيونية جال جادوت حضور افتتاح المهرجان هذا الأسبوع، والتي تشارك آل باتشينو بطولة فيلم “أيدي دانتي”، الذي يُعرض في المهرجان العالمي، بسبب دعمها العلني لحكومة الاحتلال في الإبادة الجماعية.
المنتجات الصهيونية
وفي خضم طوفان المقاطعة الشعبية العالمية الذي تتعرض له دولة الاحتلال، قررت إحدى أكبر سلاسل متاجر السوبر ماركت في المملكة المتحدة التوقف عن الحصول على المنتجات والخدمات من دولة الاحتلال بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان وللقانون الدولي، بل وإزالة جميع المنتجات الصهيونية من الرفوف.
جاء القرار في سابقة تاريخية، حيث نال تأييدًا ساحقًا في الجمعية العمومية السنوية للشركة العالمية، وتم التوقف عن استيراد المنتجات الصهيونية مثل الأفوكادو والفلفل والأعشاب والتمور، التي يتم جلبها من مزارع ومعامل تعبئة في مستوطنات غير شرعية في الضفة الغربية المحتلة.
مقاطعة عشاء ترامب
وفي الإطار السياسي قرر رئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي البريطاني، إد ديفي، مقاطعة المأدبة التي سيقيمها ملك البلاد على شرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء زيارته خلال شهر سبتمبر الجاري للمملكة المتحدة احتجاجا على موقفه من غزة.
ونشرت صحيفة " الجارديان " مقالا لديفي يستحضر فيه صورة أم تحمل رضيعا نحيفا جدا من الجوع لدرجة أنك تستطيع رؤية هيكله العظمي، وجثث أطفال هامدة قتلوا وهم ينتظرون الماء.
وعلق قائلا : "هذه الصور، وغيرها الكثير، أرعبتنا جميعا في الأشهر الأخيرة، يجب أن تتوقف الأزمة الإنسانية في غزة، يجب أن تنتهي المجاعة".
وأضاف ديفي: هناك رجل واحد، أكثر من أي شخص آخر، يملك القدرة على تحقيق ذلك، رجل واحد يستطيع الاتصال ببنيامين نتنياهو، ويطلب منه إنهاء حصار المساعدات الذي يسبب معاناة ومجاعة على نطاقٍ مروع، رجل واحد يستطيع استخدام نفوذه للمساعدة في تأمين الإفراج العاجل عن الأسرى، ألا وهو ترامب، الذي يستطيع القيام بهذه الأمور فلديه القدرة أكثر من أي شخص آخر على فرض وقف إطلاق النار.
وأعرب عن أسفه لأن ترامب اختار حتى الآن، عدم القيام بذلك، وبدلا من ذلك، منح نتنياهو دعمه الكامل.
يشار إلى أن ترامب سيصل إلى بريطانيا بعد ثلاثة أسابيع، في زيارته الرسمية الثانية، والتي تتضمن مأدبة رسمية في قصر وندسور يستضيفها الملك تشارلز، ويقول ديفي: من أعظم امتيازات كوني قائدا لحزبي أني وزوجتي إميلي مدعوان من الملك لحضور المآدب الرسمية.
وتابع: بعد تفكير عميق وصلوات طويلة مع إميلي، توصلت إلى أنه يجب علي رفض حضور هذه المناسبة .
وأعرب ديفي عن تخوفه من أن يأتي ترامب إلى بلدنا، ويكرم بعشاء فاخر في أحد أفخم قصورنا، ولا أحد يذكره بأنه يملك القدرة على وقف المجاعة المروعة والموت في غزة، ولا أحد يستغل هذه اللحظة لمطالبة الرئيس الأمريكي بالاتصال بنتنياهو والوسطاء لفعل الصواب .
وقال : "أشعر بمسئولية بذل كل ما في وسعي لضمان عدم نسيان أهل غزة خلال هذه الاحتفالات، ولضمان أن تجعل المملكة المتحدة مسؤولية ترامب الشخصية في تأمين السلام في فلسطين".