تصاعدت أزمة نزع سلاح حزب الله فى الداخل اللبنانى ما يهدد بإشعال صراع بين الحكومة والحزب ودخول لبنان فى دوامة الصراع الطائفى الدامى الذى كانت قد شهدته فى حقبة الثمانينيات .
ويتوقع الخبراء مع اصرار الحكومة على تنفيذ هذا القرار أن يُطلق الحزب شرارة أزمة سياسية في البلاد، باستقالة جميع الوزراء الشيعة الخمسة من الحكومة
وقال الخبراء : إذا واصل حزب الله رفض قرار الحكومة فقد يجد الجيش اللبناني نفسه تحت وطأة ضغوط متزايدة تدفعه دفعاً إلى مواجهة مع الحزب .
كان مجلس الوزراء اللبناني قد قرر تحت ضغوط أمريكية وصهيونية في 7 أغسطس الحالي حصر السلاح بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطة لإتمام ذلك وتنفيذها قبل نهاية عام 2025. وذلك وسط تخوّف من أن تنفّذ دولة الاحتلال تهديداتها بشن حملة عسكرية جديدة بعد أشهر من مواجهة واسعة بينها وبين الحزب.
مشروع صهيونى
من جانبه اتهم الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم الحكومة اللبنانية بخدمة المشروع الصهيونى بمضيها في قرار حصر السلاح، مهددا بخوض ما وصفها بـ"معركة كربلائية" لمواجهة القرار .
وقال قاسم في كلمة متلفزة جرى بثها بمناسبة إحياء أربعينية الإمام الحسين في مدينة بعلبك إنه لن تكون هناك حياة في لبنان إذا حاولت الحكومة مواجهة الحزب.
واعتبر أن قرار الحكومة خطير ويعرض البلاد لأزمة كبيرة ويناقض ميثاق العيش المشترك محذرا من أن القرار يجرد المقاومة ولبنان من السلاح الدفاعي أثناء العدوان، كما يعد تسهيلا لقتل المقاومين وطردهم من أرضهم تنفيذا لقرار أمريكي صهيوني .
وشدد قاسم على رفضه تسليم سلاح المقاومة، محذرا من أن الحزب سيخوض معركة كربلائية إذا لزم الأمر في مواجهة هذا المشروع الصهيوني الأمريكي .
انفجار داخلي
وأكد أنه لا سيادة في لبنان إلا وهي مشفوعة بالمقاومة التي حررت خيار لبنان السيادي محملا الحكومة اللبنانية المسئولية الكاملة عن أي انفجار داخلي وأي خراب للبنان.
وقال قاسم إنه لا حياة للبنان إذا كنتم ستقفون في المقلب الآخر، وتحاولون مواجهتنا والقضاء علينا، لا يمكن أن يُبنى لبنان إلا بكل مقوماته، موضحا أن دور الحكومة هو تأمين الاستقرار، وإعمار لبنان وليس تسليم البلد إلى متغوّل صهيوني لا يشبع، أو طاغية أمريكي لا حدود لطمعه .
وحذر من أن احتجاجات الشوارع ضد تسليم السلاح قد تصل إلى السفارة الأمريكية في بيروت، وقال في هذا السياق : راودتنا بعض الأفكار بشأن الاعتراض في الشارع، لكن قيادتي حزب الله وحركة أمل اتفقتا على تأجيل ذلك إفساحا للمجال من أجل الحوار قبل أن نصل إلى المواجهة التي لا يريدها أحد.
وخاطب قاسم الحكومة قائلا : أوقفوا العدوان وأخرجوا الصهاينة من لبنان، ولكم منا كل التسهيلات خلال مناقشة الأمن الوطني والاستراتيجي.
إيران
من جانبها، أكدت إيران معارضتها لقرار الحكومة اللبنانية بنزع سلاح الحزب، متوقعة أنْ تبوء هذه المساعي بالفشل.
وقال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني، إن هذه ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها مثل هذه الأفكار في لبنان، مؤكدا أنها كما فشلت سابقاً ستفشل هذه المرة أيضاً، والمقاومة ستصمد في مواجهة هذه المؤامرات.
وشدد ولايتي على أن بِنية حزب الله لا تزال قوية جداً رغم الضربات التي تلقاها خلال المواجهة الأخيرة مع الكيان الصهيونى، مشيرا إلى أنه حينما كانت المقاومة تملك إمكانات أقل أفشلت هذه المخططات، واليوم مع ما تتمتع به من دعم شعبي أكبر وإمكانات أوفر، لن تسمح لهذه المشاريع بأن تتحقق.
وأكّد أن بلاده تدعم أيّ قرار يتخذه حزب الله بشأن سلاحه، مشدداً على أن طهران تدعم الحزب اللبناني عن بُعد لكن دون تدخل في قراراته.
أزمة سياسية
وحذر ديفيد وود، المحلل السياسي لدى "مجموعة الأزمات الدولية"، من أن حزب الله قد يلجأ إلى التصعيد إذا شعر بخسارة وشيكة لسلاحه.
وتوقّع وود فى تصريحات صحفية أن يُطلق الحزب شرارة أزمة سياسية في البلاد، باستقالة جميع الوزراء الشيعة الخمسة من الحكومة متوقعا أنه إذا واصل حزب الله أسلوب الممانعة، فقد يجد الجيش اللبناني نفسه تحت وطأة ضغوط متزايدة تدفعه دفعاً إلى مواجهة مع الحزب في سيناريو يحرص قادة البلاد بشدة على عدم حدوثه .
وقال إنّ توقُّف عملية نزع سلاح حزب الله، قد يشجّع الكيان الصهيونى على تولّي الأمر بنفسه عبر توسيع هجماته على أهداف تابعة للحزب موضحا أنه في ظل هذا الوضع الذي لا تُحسّد عليه الحكومة اللبنانية، فإنها تحتاج إلى دعم من الولايات المتحدة لمنع الكيان الصهيونى من الإقدام على مثل هذا السيناريو، ريثما تحاول هي في المقابل إقناع حزب الله بمسألة نزع السلاح .
مفاوضات تدريجية
وطالبت كريستينا بطرس المسئولة الأولى عن الإعلام والمناصرة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات بالتعامل بحذر شديد مع ملف سلاح حزب الله من خلال مفاوضات تدريجية، تضمن تقليص قدرات الحزب العسكرية من دون دفعه لاتخاذ موقف تصعيدي قد يعيد لبنان إلى أزمات داخلية خطيرة.
وأكدت كريستينا بطرس فى تصريحات صحفية أن الحزب لا يزال قادرا على تعطيل العملية السياسية عبر حلفائه في البرلمان والحكومة، مشيرة إلى أن حزب الله وحركة أمل يسيطران بشكل شبه كامل على تمثيل الطائفة الشيعية في البرلمان والحكومة .
وأشارت إلى أن نبيه بري قائد حركة أمل ما زال يحتفظ بمنصب رئيس البرلمان، مما يمنحه نفوذا حاسما في أي قرار سياسي كبير.