طرابلس – خاص أثار قرار مجلس النواب الليبي باعتماد مخصصات مالية كبيرة لمشروعات التنمية جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والسياسية، في ظل تحذيرات من تأثير القرار على الاستقرار النقدي والمالي في البلاد، وتخوفات من تكريس الانقسام الجغرافي والسياسي. تحذيرات المصرف المركزي جاء القرار رغم التحذيرات المتكررة من المصرف المركزي الليبي، الذي شدد محافظه على ضرورة ضبط الإنفاق العام كشرط لتحقيق الاستقرار النقدي، ومن ثم الاقتصادي، في البلاد. وكان المركزي قد دعا مطلع العام الجاري إلى وقف الإنفاق على مشروعات التنمية مؤقتاً، إلى حين معالجة الاختلالات الاقتصادية، والحفاظ على سعر صرف الدينار الليبي، والتقليل من الضغوط التضخمية التي أثقلت كاهل المواطن. وبحسب مصادر مطلعة، فإن المصرف لم يكن شريكاً في وضع هذه المخصصات، وقد فوجئ بها كغيره، مما يضعه أمام تحديات جديدة في تأمين التمويل اللازم. وتشير التقديرات إلى أن توفير هذه المبالغ، سواء من خلال أدوات تمويل إضافية أو استثنائية، قد يؤدي إلى زيادة الأسعار وتهديد الاستدامة المالية. شبهات بعدم التوزيع العادل ويتهم نواب من المنطقة الغربية مجلس النواب بتمرير مخصصات تركز على مشروعات في مناطق الشرق والجنوب الخاضعة لسلطته، على حساب المناطق الأخرى. ويخشى معارضو القرار من أن يُستخدم بند التنمية لتغذية مناطق بعينها، ما يعمق حالة الانقسام الجغرافي ويعزز التوترات السياسية والاجتماعية. الصراع على الموارد من جهة أخرى، يرى مراقبون أن القرار يعكس صراعاً أعمق على الموارد المالية، ولا سيما تلك الميسرة عبر ميزانية التنمية. فبينما تمتلك الحكومة صلاحيات محدودة، يتمتع "الصندوق" بإمكانيات مالية أكبر، ما يفتح الباب أمام استفادة أطراف متعددة من تلك الأموال، أحياناً بطرق غير مباشرة. ورغم التأكيدات الرسمية بأن المخصصات ستُوجه بالكامل لمشروعات تنموية، إلا أن تجارب سابقة تثير الشكوك حول إمكانية توجيه جزء من الأموال لأوجه إنفاق أخرى، ما قد ينعكس سلباً على الوضع السياسي والأمني في البلاد. خاتمة وسط حالة الانقسام السياسي والهشاشة الاقتصادية، يبرز قرار مجلس النواب كمحور خلاف جديد، يعيد إلى الواجهة إشكالية التوزيع العادل للثروات، وضرورة مواءمة السياسات المالية مع واقع البلاد الصعب. وبينما يرى البعض في هذه المخصصات فرصة لإحياء التنمية في المناطق المهمشة، يحذر آخرون من أنها قد تكون شرارة لأزمة جديدة في بلد لم يتعافَ بعد من أزماته المزمنة.