لا أدوية ولا أطباء …قصر العينى تحول لمعسكر تعذيب للمرضى

- ‎فيتقارير

قصر العينى تحول فى زمن الانقلاب من مستشفى للعلاج وتخفيف الآلام إلى معسكر لتعذيب المرضى دون منحهم أى خدمة علاجية.. فلا دواء ولا أجهزة ولا أطباء ..المستشفى جرى تفريغه بفعل فاعل وأصبح تحت سيطرة أمن الانقلاب ولا احد يستطيع الاعتراض .. حتى أساتذة طب قصر العينى الكبار اضطروا إلى الابتعاد عن المهازل التى تشهدها تلك المؤسسة الطبية التى كانت عريقة فى يوم من الأيام .. والمرضى يصرخون ولا مجيب .. والقائمون على المستشفى يقولون إنهم يعملون حسب الامكانات المتاحة وأن التقصير حله ليس بأيديهم ..

فى هذا التقرير نكشف عن  المآسى التى تحدث داخل القصر العينى  

 

متاعب المرضى

أمام العيادات الخارجية يجلس مواطن مسن تحت شجرة ممسكا بشنطة تحتوى على اشعات وتحاليل، وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة، قال إن ابنه يحاول دفع ثمن أشعة سيجريها على الرئتين طلبها منه طبيب الصدر، مشيرا إلى أنه أصيب بفيروس كورونا أثناء ذروة الجائحة، لكن رئته لم تنج من الجلطات التى يُسببها كوفيد 19، ومن يومها وهو يُعانى مع أطباء الصدر.

وأشار إلى أنه اضطر للجوء إلى قصر العينى، بسبب ارتفاع أسعار الكشف والأشعة والتحليل والأدوية لدى الأطباء الخارجين لكنه يواجه الأمرين من أجل الحصول على الخدمة . 

 وأضافت امرأة خمسينية بجوارها فتاة فى سن «المراهقة» من ذوى الهمم تجلس على كُرسى متحرك عفا عليه الزمن، انها تبحث عن مكان عمل «إيكو القلب» مشيرة إلى أنها جاءت لمتابعة الطبيب وصرف العلاج، وكل يوم إجراءات لا تنتهى، وكأن الحالة أمامهم تحتاج إلى أوراق وثُبوت، الله المستعان . 

 مخازن وصيدليات فارغة

 قال كادر طبي فى قصر العينى، رفض الإفصاح عن اسمه، إن سوء الإدارة أدى إلى امتناع أساتذة قصر العينى عن دفع تبرعاتهم المعتادة للقصر، سواء من مستلزمات غرف العمليات أو الأدوية، بالإضافة إلى رجال الأعمال والمستثمرين من الوسط الطبى، التى كانت تسهم بنحو 60% من حجم التبرعات المقدمة لقصر العينى، حيث توفر مخصصات دولة العسكر 40% فقط من مستلزمات المستشفى، سواء لمخازن المستلزمات الطبية أو الأدوية. 

وحمل دولة العسكر مسئولية ما آل إليه قصر العينى، نتيجة اختيار قيادات وكوادر طبية غير ذات خبرة وتحت السن لم تحسن إدارة المؤسسة الطبية العريقة، ولم تحافظ على مصادر مواردها وعلاقاتها بالمستثمرين ورجال الأعمال، موضحا أنه لا أحد يحمل حجم التقصير والإهمال فى قصر العينى إلا ندرة المخصصات المالية، فالمستشفى بالأساس كان يعتمد على تبرعات الأساتذة ورجال الأعمال، والجميع رفض التعاون مع الإدارة الجديدة منذ عامين، وبالتالى لم يعُد هناك دعم، وعليه أصبحت مخازن المستلزمات الطبية والصيدليات فارغة، ويتحمل المواطن فاتورة العلاج والمستلزمات. 

وأوضح أنه منذ عامين لا يوجد فى دولة العسكر مسمى «مدير عام مستشفيات»، ومدير قصر العينى الحالى يقوم بعمل مدير عام المستشفيات، فنحن نعمل بسياسة «الراجل الواحد لكل المهام وأهل الثقة»، وبالتالى رفض رجال الأعمال واساتذة قصر العينى التعامل معه فهم أكبر منه سنا وخبرة، وكلمته المعتادة «أنا محمى من أمن الانقلاب»، ومن هنا خسر قصر العينى الدعم وتحمل المواطن الفاتورة مع عناء المرض.         

وأكد أن أى مريض يدخل قصر العينى لإجراء أى جراحة يشترى المستلزمات الطبية من الخارج، كما لو كان فى مستشفى خاص، من «الإبرة إلى الشاش والقطن والجوانتيات الطبية»،

 

سبوبة

حول انهيار مستوى القصر العينى قال الدكتور صلاح الغزالى حرب، أستاذ أمراض السكر والباطنة بكلية طب قصر العينى إن مشروع العلاج على نفقة الدولة «سبوبة»، فهناك مستشفيات حكومية ومن المفترض أنه يتم توريد الأدوية والمستلزمات الطبية لها، حتى تعالج وتصرف الأدوية للمرضى بحسب نص الدستور، لكن لإرضاء الناس وللتغطية على سوء المنظومة الصحية، أقرت دولة العسكر مشروع العلاج على نفقة الدولة، مؤكدا أن 99% من المواطنين «الغلابة» يضيع حقهم بين المستشفيات الحكومية وجواب العلاج، ويسير كل منهم فى بيروقراطية الإجراءات الحكومية للحصول على جواب للعلاج على نفقة الدولة من خلال مستشفى حكومى. 

وتساءل «حرب» فى تصريحات صحفية: أى مستشفى حكومى تخصص له وزارة صحة الانقلاب ميزانية وفقا لديموغرافية السكان، بالإضافة إلى التبرعات، والمفروض توفر الخدمات الطبية والعلاجية للمواطنين بموجب تلك الميزانية، ومعنى استخراج جوابات علاج على نفقة الدولة أن هناك إنفاقا مزدوجا، وبالتالى تُهدر مخصصات الصحة فى ظل الإدارات الأمنية السيئة للمؤسسات الصحية. 

ودعا إلى إصلاح إدارى وهيكلى وتنظيمى للمستشفيات الحكومية وتخصيص ميزانيات ومتابعة إنفاقها، مؤكدا أنه خلال 10 سنوات أهدرت الملايين بسبب السرقات فى منظومة العلاج على نفقة الدولة، لافتا إلى أن المواطن يحصل على جواب العلاج من لجنة تابعة للمجالس الطبية المتخصصة بمبلغ محدد، ثم يذهب إلى المستشفى المحول عليها قرار العلاج، يقوم المسئولون فى المستشفى بخصم نصف مبلغ الجواب، وهنا يكون المواطن تعرض لسرقة مرتين فى الميزانية وجواب العلاج معا . 

 

مهزلة

 

وشدد «حرب» على ضرورة أن توفر المستشفيات الحكومية الأدوية والمستلزمات الطبية والفحوصات والأشعة بالمجان للمواطنين دون جواب علاج على نفقة الدولة، لأنها تحصل على ميزانيات مخصصة لهذا الأمر، مؤكدا أن كل ما يحدث الآن ضحك على الناس وكل ما تريده دولة العسكر أن يُقال إن الدولة تصرف على المواطن. 

وكشف أن المستشفيات الحكومية تُدار بطرق غير علمية على طريقة «الشلة ونحن أسرة مع بعضنا والأقرب إلينا»، مع استبعاد الكفاءات الطبية حتى خرج نحو 50% من الأطباء إلى الخارج، بسبب سوء الإدارة والاعتماد على قيادات غير مؤهلة لمناصب طبية حساسة فى أكبر مؤسسات صحية . 

وأشار «حرب» إلى أن حديث خالد عبد الغفار، وزير صحة الانقلاب عن الانتهاء من قوائم الانتظار من خلال مبادرة السيسي «سُبة عار»، فأين دور المستشفيات الحكومية؟ وأين صُرفت ميزانيتها؟، مؤكدا أن قوائم الانتظار ناتجة عن سوء الإدارة وإهدار المخصصات، وكل ذلك ناتج عن أنه ليس هناك رجل مناسب فى مكانه المناسب. 

ودعا إلى تفعيل دور مدراء ووكلاء الصحة بالمحافظات فى المرور على المستشفيات، موضحا أنه لا يوجد فى دولة بالعالم وزير صحة يتفقد المستشفيات إلا فى مصر، سياسة الرجل الواحد لم تفلح فى أى منظومة، والقصور فى الإدارة ناتج عن اختيارات عمداء كليات الطب ومدراء المستشفيات الحكومية دون النظر للصالح العام للمنظومة الصحية واختيارات القيادات عموما تكون بموافقة أمنية، صحة المواطن أمن قومى لا يقبل المجاملات. 

وحول خلو مخازن قصر العينى من المستلزمات الطبية، وتحمل المريض فاتورة شراء المستلزمات قال «حرب» : فى هذا الأمر يُسأل الدكتور حسام صلاح عميد كلية طب قصر العينى، لافتا إلى أن مشكلة التمويل والميزانية تعانى منها كل المستشفيات الحكومية، والدكتور إيهاب الشيحى مدير مستشفى قصر العينى الفرنساوى، يقول على قدر ما يأتى إلينا من أموال نحاول تجديد قصر الفرنساوى «الأمور مهزلة» المشكلة كلها تعتمد على اختيار قيادات علمية أمينة.