بسبب الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار والمخدرات ..الجرائم تهدد المجتمع المصرى بالانهيار فى زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 تشهد جرائم العنف تزايدًا مقلقًا داخل المجتمع المصري، فى زمن الانقلاب ، ويبدو الأمر وكأنه سلسلة متصلة من العنف الذي يمثل مؤشرا خطيرا على الأمن الاجتماعي.

وقائع العنف على تنوعها واختلاف محيطها الجغرافي، تثير حالة من القلق لدى المصريين بشكل عام، كونها غريبة على المجتمع، وتعكس مؤشرا على حالة من الانهيار الاجتماعي .

ورغم عدم وجود إحصائيات دقيقة حول معدلات العنف الاجتماعي في مصر لكن تتبع الجرائم خلال السنوات الأخيرة يكشف زيادة لافتة وتحولا كبيرا في نوعها حيث باتت أكثر وحشية إلى حد كبير.  

ووفق تصنيف موسوعة قاعدة البيانات العالمية (NUMBEO) التي تهتم بتقييم مستوى الجريمة ودرجة الأمان في دول العالم، تحتل مصر المرتبة السادسة عربيًا بمعدل 47.3 نقطة في مؤشر الجريمة لعام 2024، ويؤكد تقرير المؤسسة ارتفاع معدل الجريمة في مصر إلى 60.64% خلال السنوات الثلاث الماضية .

 

البطالة والمخدرات

فى هذا السياق أكدت دراسة نشرتها مؤسسة “فاستر كابيتال” حاضنة ومسرّعة الأعمال، أن هناك العديد من العوامل المختلفة التي يمكن أن تسهم في زيادة معدلات الجريمة في مصر، أبرزها البطالة، وتعاطي المخدرات والكحول، وقضايا الصحة العقلية، والعزلة الاجتماعية، والضغوط الاقتصادية مشيرة إلى أن هذه العوامل ينتج عنها زيادة معدلات الفقر وتآكل الطبقات المجتمعية.

وأوضحت الدراسة أنه يمكن لهذه العوامل أن تخلق شعورًا باليأس، ما قد يؤدي بدوره إلى السلوك الإجرامي وارتفاع معدلات الجريمة. 

 

الأوضاع الاقتصادية

حول أسباب زيادة معدلات الجريمة فى زمن الانقلاب قالت المحامية بالنقض انتصار السعيد إن ازدياد وتيرة العنف في المجتمع المصري في السنوات الأخيرة، يمكن تلخيص أسبابها في عدة عوامل متداخلة، في مقدمتها التوترات الاقتصادية، مؤكدة أن تدهور الأوضاع الاقتصادية من تضخم وارتفاع الأسعار وزيادة معدلات البطالة، يعزز من مشاعر الإحباط والضغوط النفسية، مما يؤدي إلى تصاعد العنف كوسيلة للتنفيس عن الغضب.

وأكدت انتصار السعيد فى تصريحات صحفية أن الفقر والظروف الاجتماعية الصعبة تؤدى إلى تزايد الفجوة بين الطبقات الاجتماعية مشيرة إلى أن ضعف الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، تعمق الإحساس بعدم العدالة الاجتماعية وتزيد من السلوكيات العدوانية. 

وكشفت أن تراجع القيم المجتمعية، أدى إلى تغيرات في التركيبة الاجتماعية وانخفاض الوعي بالقيم الإنسانية والتسامح لافتة إلى أن هذا زاد من انتشار السلوكيات العدوانية والعنف كجزء من سلوكيات الاحتجاج أو الدفاع عن النفس .

وأشارت انتصار السعيد إلى أن تعدد مصادر الأسلحة والمخدرات في بعض المناطق يجعل العنف أكثر شيوعًا، إذ تصبح الوسائل سهلة ومتاحة لتحقيق أهداف فردية أو جماعية، مشددة على أن المجتمع المصري في الوقت الحالي يواجه تحديات مركبة تتطلب تدخلات شاملة في مجالات التعليم والاقتصاد والأمن والعدالة الاجتماعية للحد من ظاهرة العنف.  

الحق بالقوة

وأرجع إخصائي الطب النفسي والأمراض العصبية وعلاج الإدمان الدكتور عبد العظيم الخضراوي ازدياد العنف إلى عدة عوامل متداخلة، تشمل الضغوط النفسية المتزايدة، وشعور الفرد بأنه لا يستطيع الحصول على حقه إلا بالقوة، بالإضافة إلى بعض المفاهيم الثقافية التي تُمجّد العنف كشكل من أشكال البطولة. 

وقال الخضراوى فى تصريحات صحفية : الصورة النمطية للبطل في وسائل الإعلام، خاصةً في الأفلام والمسلسلات التي تُروّج للعنف، تُسهم في تفاقم المشكلة، يُضاف إلى ذلك تعاطي المخدرات بأنواعها المختلفة، بدءًا من الحشيش وصولًا إلى الأنواع الحديثة كـ الأستروكس والشابو، التي تُؤدّي إلى زيادة العنف إما بسبب تأثيرها النفسي أو الحاجة إلى المال لشرائها.  

وشدد على أن العنف ليس حكرًا على الأمراض النفسية وحدها، صحيح أن بعض حالات العنف ترتبط باضطرابات نفسية خطيرة تُسبّب للشخص الشكّ والتهيّج وسهولة الاستثارة، إلا أن هذه النسبة تُعتبر قليلة نسبيًا، كما هو متعارف عليه علميًا، موضحا أن من أمثلة هذه الاضطرابات: الفصام، والاضطراب الوجداني (الذي يُعرف أيضًا بالاضطراب ثنائي القطب)، وأحيانًا الاكتئاب في حالات مُعيّنة كالانتحار، أو ما يُعرف بالانتحار الموسّع الذي يمتد ليشمل أفراد الأسرة. في هذه الحالات، يكون المرض النفسي عاملًا مُحفّزًا أو مُباشرًا للسلوك العنيف  .

 

تركيبة مرضية

ولفت الخضراوى إلى ضرورة التمييز بين هذه الحالات وبين حالات أخرى يكون فيها العنف ناتجًا عن تركيبة شخصية مُختلّة، تتشكّل عبر الزمن نتيجة عوامل مُتعدّدة، منها التنشئة والظروف الاجتماعية والخبرات الحياتية. هذه التركيبة المرضية تُؤدّي إلى تصرّفات عنيفة، إضافة إلى سمات أخرى كعدم القدرة على التعاطف مع الآخرين، ما يُسهّل إلحاق الأذى بهم دون الشعور بالندم أو التأنيب. في هذه الحالة، لا يُعتبر الشخص بالضرورة مُصابًا بمرض نفسي بالمعنى الطبي، بل يُعاني من اضطراب في الشخصية يُؤثّر على سلوكه وعلاقاته . 

وأوضح أن التصدي لظاهرة العنف يبدأ من أساس المجتمع، وهو الأسرة، فالأهل يتحملون مسؤولية كبيرة في تشكيل سلوك أبنائهم من خلال الطريقة التي يتعاملون بها معهم، سواءً كانت تربية قائمة على الحوار والتفاهم والاحترام، أو على العنف والإهمال. إلا أن هذه المسؤولية لا تقع على عاتق الأهل وحدهم، بل تتطلب تضافر جهود المجتمع بأكمله.  

وطالب الخضراوى حكومة الانقلاب بوضع سياسات وبرامج تُساهم في توعية الأهل وتثقيفهم بأساليب التربية السليمة. وأن يلعب الإعلام والفن دورًا حيويًا في صياغة القدوة المجتمعية الإيجابية، ونشر الوعي الجمعي بأهمية نبذ العنف وتبني قيم التسامح والمحبة. معتبرا أن مكافحة المخدرات بكل أنواعها ووسائل انتشارها خطوة حاسمة في الحد من العنف، حيث تُعتبر المخدرات سببًا مباشرًا وغير مباشر في زيادة مستويات العنف، وغالبًا ما تكون متورطة في الجرائم والقضايا التي تُثير الرأي العام.