تتزايد الضغوط على الاقتصاد المصرى الذى يعانى من حالة تدهور وانهيار فى زمن الانقلاب خاصة بعد تهديدات الرئيس الأمريكى الإرهابى دونالد ترامب بقطع المساعدات الآمريكية عن دولة العسكر وفرض رسومً جمركية تهدد دخول الصادرات المصرية للسوق الأمريكية، وترفع من قيمة الواردات القادمة من الولايات المتحدة .
هذه الضغوط دفعت عددا من برلمانيي العسكر إلى ضرورة إعداد “موازنة حرب”، لمواجهة تهديدات الرئيس الإرهابى ترامب وبما تتخذها حكومة الانقلاب ذريعة لإجراء تعويم جديد للجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية وهو ما سيؤدى إلى تداعيات كارثية على ارتفاع الأسعار ومستوى معيشة المواطنين .
ورغم أن بعض المراقبين يرون أن سيناريو “موازنة الحرب” أمر مبالغ فيه، معتبرين أن كل ما صدر عن ترامب بشأن قطع المساعدات وفرض الرسوم عبارة عن تهديدات فقط إلا أن هناك حالة من القلق فى كواليس دولة العسكر بسبب القرارات التي يصدرها ترامب منذ وصوله للسلطة في يناير الماضي، وشنه حروباً تجارية، تبشر بأزمة اقتصادية عالمية عميقة، تدفع دول المنطقة إلى حالة من عدم الاستقرار تؤثر على مواردها المالية وترفع من تكلفة الواردات والمعيشة.
يشار إلى أن الدعوة إلى “موازنة حرب” تأتي وسط تحديات كبيرة تواجه حكومة الانقلاب بسبب الزيادة الكبيرة في الدين العام وتصاعد الدين الخارجي، مع ارتفاع العجز بين صادرات تبلغ 40 مليار دولار وواردات بنحو 80 مليار دولار. كما يتعين على حكومة الانقلاب سداد 43.2 مليار دولار التزامات خارجية خلال أول تسعة أشهر من العام الحالي، بينها 5.9 مليارات دولار فوائد، و37.3 مليار دولار أصل قروض، حسب بيانات “البنك الدولي”. .
6 تحديات
فى هذا السياق كشف محمد عطية الفيومي، أمين صندوق الاتحاد العام للغرف التجارية، أن هناك نحو 6 تحديات يجب على حكومة الانقلاب التعامل معها وعلى رأسها التحولات في السياسات الاقتصادية العالمية خاصة فيما يتعلق بالسياسات التجارية للولايات المتحدة، والتي قد تؤثر على الأسواق الناشئة وترفع من مستوى المخاطر.
وأكد الفيومي في تصريحات صحفية أنه رغم تراجع الضغوط التضخمية عالميًا نسبيًا، إلا أن أي ارتفاع جديد في أسعار السلع والطاقة وهذا تحد ثان قد ينعكس سلبًا على الاقتصاد المصري.
وأشار إلى ملف إدارة الدين العام وتكلفة التأمين على الديون السيادية وهو تحد ثالث يحتم على دولة العسكر أن تتبنى استراتيجيات لخفض الدين وزيادة الإيرادات.
ولفت الفيومي إلى أن هناك تحد رابع يتمثل في تحقيق نمو قائم على الإنتاج بدلًا من الاعتماد على القطاعات غير الإنتاجية، مشددا على ضرورة التركيز على تعزيز الصادرات وزيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية بجانب تعزيز تنافسية الصناعة المصرية من خلال تحسين بيئة الاستثمار، وتقديم المزيد من الحوافز للمصدرين، ورفع كفاءة الإنتاج المحلي لتلبية احتياجات الأسواق العالمية وهذا تحد خامس .
وأكد أن التغيرات المناخية تمثل تحديا ساديا لأن لها تأثير على الاقتصاد، حيث يجب الاستعداد لمواجهة تداعيات تغير المناخ على الزراعة والصناعة، وتوسيع استثمارات الطاقة المتجددة لمواكبة المتطلبات.
ورقة تفاوضية
من جانبه أكد الدكتور مصطفى كامل السيد الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة أن مطالبة برلمانيي السيسي باعداد “موازنة حرب” أمر مبالغ به، حاليا مشيرا إلى أن توجهات ترامب حول رفع التعريفة الجمركية لم تتضح بعد خاصة في مصر خاصة أن الدول التي قرر رفع تعريفتها، تم تعطيل التنفيذ، لأن ترامب يعتبر القرار ورقة تفاوضية، مع الدول يمكن له التراجع عنها، إذا ما حقق المكاسب التى يسعى إلى تحقيقها من وراء هذه التهديدات.
وقال السيد فى تصريحات صحفية إن معظم الإجراءات التي اتخذها ترامب تتعلق بدول متقدمة لديها فائض تجاري مع الولايات المتحدة، بينما حكومة الانقلاب لديها عجز تجاري دائم لمصلحة واشنطن، ويظل التهديد بقطع المعونات الاقتصادية قاصرا عند حدود 250 مليون دولار، التي تحصل عليها دولة العسكر سنوياً لدعم القطاعات المدنية، بينما المعونة العسكرية التي تقدر بنحو 1.3 مليار دولار، لن يمسها ترامب، لارتباطها بمصالح الولايات المتحدة، التي تستفيد من التزام نظام العسكر بعملية السلام مع إسرائيل، وهذه المصلحة لا تتحقق إلا باستمرار الدعم الأمريكي للأسلحة التي تقدمها للقوات المسلحة.
صندوق النقد
واستبعد دخول دولة العسكر في حرب مع إسرائيل فى ظل وجود قناعة لدى العسكر بأن إسرائيل لن تلجأ إلى طرد الفلسطينيين من قطاع غزة بالقوة، كما يزعم نتنياهو، مشيرا إلى ان نظام الانقلاب يطرح خطة واضحة لإعادة إعمار غزة بدون المساس بالفلسطينيين، بما يزيل مخاوف العودة للحرب.
وأوضح السيد أن ارتباط حكومة الانقلاب باتفاق مع صندوق النقد الدولي وإعلان مديرته كريستالينا جورجييفا التزامها بتقديم الدعم المالي لمساعدة حكومة الانقلاب على مواجهة العجز بالموازنة، وسداد التزاماتها للديون الأجنبية، ووضع سقف للنفقات المالية، كل ذلك سيدفع حكومة الانقلاب إلى تنفيذ وثيقة ملكية الدولة وبيع الأصول للقطاع الخاص، بما يسمح لها بمساحة واسعة، لتمويل برامج الحماية الاجتماعية.
وطالب حكومة الانقلاب بإعادة هيكلة الاقتصاد بصورة شاملة ، بما يحد من وجود العسكر في الاقتصاد، ويدفع بدور القطاع الخاص في تمويل الاستثمارات العامة وتوفير فرص العمل، على أن تركز حكومة الانقلاب على توفير حاجة المواطنين للتعليم والصحة، وحماية الطبقات الفقيرة، مشددا على أن ذلك لن يحدث في ظل اتفاق حكومة الانقلاب مع صندوق النقد على السير في برنامج بيع الأصول وخفض الدعم عن المحروقات والسلع الأساسية، التي تستفيد منها الأغلبية العظمى من ذوي الدخل المنخفض والفقراء.