عقوبة بحد ذاته.. سوار السيسي الإلكتروني لا يلغي زيارات الأمن الوطني

- ‎فيحريات

يعتبر وزراء العدل في الدول العربية الجزائر والكويت وغيرهما، التي طبقت وضع سوار تعقب إلكتروني على المعتقلين السياسيين هو عقوبة بحد ذاته، لاسيما ، وإن كان يوضع قسرا أو طرحه كعقوبة بديلة كما أدعت رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان مشيرة خطاب أنه بديل ضمن بدائل الحبس الاحتياطي.

ومع انتشار كورونا في 2020، طرحت وزارة العدل بحكومة السيسي السوار الإلكتروني من خلال المحاكم وجهات التحقيق والأجهزة السيادية ووضعت السوار ضمن التدابير الاحترازية، والمعني بها المراقبة الشرطية (زيارة الأمن الوطني) أو منع المتهمين من مغادرة منازلهم، مثلما حدث في حالة الأكاديمي حازم حسني وغيره من المحبوسين احتياطيا.
 

وفي فرنسا، وبعد الحكم بسجنه مع وقف التنفيذ بقضايا فساد ورشوة العام الماضي، كان ساركوزي أول رئيس فرنسي في السجن المنزلي بسوار إلكتروني بتهمة تمويل حملته الانتخابية بشكل غير قانوني.

وعربيا، وفي السعودية كشف حساب “مجتهد” عبر تويتر في يونيو العام الماضي، تعرض الداعية السعودي البارز، محمد العريفي، لظروف نفسية سيئة، مرجعا ذلك للضغط الواقع عليه من الأجهزة الأمنية السعودية التي تتابع تحركاته من خلال سوار.

تحسين الحقوق
والسوار الإلكتروني المزمع منذ فترة تطبيقه، سيوضع برأيهم في اليد، لإجراء مراقبة على الشخص المعني بذلك، ويبدو أن له أنواعا منها الذي يرصد حركة المعتقل بنظام التتبع الجغرافي (gps)، وآخر عبارة عن جهاز تنصت على المعتقل يراقب حركاته وسكناته (مخبر إلكتروني) .

إلا أن مشيرة خطاب ، والقادمة بآلة الزمان من عهد مبارك إلى رفيقه السيسي اعتبرت في تصريحات لـلجزيرة مباشر، أنها حركة نشطة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر، من دون الحديث عن تفاصيل أخرى حول توقيت وشروط تنفيذ السوار.

وكان ما يسمى (التحالف المصري لحقوق الإنسان والتنمية) أو ما يسمى (مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان) رحبوا في بيان مع منظمات حقوقية داخل مصر بالاتجاه إلى استخدام بدائل الحبس الاحتياطي مثل السوار الإلكتروني وتحديد الإقامة فى نطاق جغرافي محدد".

وأشارت المنظمات إلى إجراء يشابه سوار التعقب وهو استمارة إلكترونية لتدوين الطلبات المقدمة للجنة عبر موقع المؤتمر الوطني للشباب، وإتاحتها لأي شخص محبوس احتياطيا على ذمة إحدى القضايا أو صدر بحقه حكم ، حيث يمكن لذويه تسجيل بياناته من خلال هذه الاستمارة، بالإضافة إلى التواصل مع لجنتي حقوق الإنسان بمجلسي النواب والشيوخ، ولجنة الشكاوى بالمجلس القومي لحقوق الإنسان وأعضاء اللجنة شخصيا، وذلك على نسق خطابات الاستتابة التي تطرح بين حين وآخر من الأمن الوطني للمعتقلين.

من دون السوار
حتى ومن دون السوار، يبقى التهديد بالعودة مجددا للسجن من نصيب المعتقل السياسي، وهو ما أشارت إليه حالة شريف الروبي الذي توقع إعادة اعتقاله مجددا، في مداخلة مع "الجزيرة" في 4 سبتمبر 2022  قائلا  "في الشارع نعاني أمنيا، ومعرض في أي وقت لو أمين شرطة قابلك وتعرف عليك وعرف أنت مين يحتجزك ، ويتجه بك مباشرة للأمن الوطني ويشوف هيسيبك ولا هيتم ترحيلك لأحد مقرات الأمن الوطني، وده حصل بالفعل من أسبوعين مع أحد النشطاء".

وأضاف الروبي  أن "أي معتقل سياسي -بغض النظر عن انتمائه أو توجهه- يخرج في وضعية سيئة جدا، إن كان صاحب عمل أو مالك شركة يتوقف عمله لأن الدولة والأجهزة الأمنية تحاربه، أصحابه والأقربون منه يحاولون تجنبه كي لا يتعرضوا لمشكلات أمنية".

وعن المعاناة التي يلاقيها المُخلى سبيلهم، قال الروبي في المداخلة نفسها "نعاني من مشكلات كثيرة منها الضائقة المادية وعدم وجود عمل، وذهبت للعمل في أحد محلات الفول والطعمية، وعندما علم صاحب العمل شخصيتي رفض تشغيلي".

وأردف "أتحدث في هذه المداخلة عن معاناة المعتقلين ولا أتحدث عن النظام أو معارضة النظام، أنا مُعرض بعد هذه المداخلة للاعتقال مرة أخرى، رغم أني أحاول الحديث عن معاناة المعتقلين ونشر كل آلام المعتقلين ممن عانوا معي في الاحتجاز".

وأكمل الروبي "أنا ممنوع من السفر، وترفض السلطات استخراج جواز سفر لي، حاولت التواصل مع جهات عدة للسماح لي بالسفر حيث إني لا أستطيع الحصول على عمل، جميع المعارضين غير قادرين على الحياة في مصر، الوضع الأمني في مصر خطر جدا، وحتى أصدقاؤنا في الخارج يعانون".
 

ادعاءات الحوار

وكانت 7 منظمات حقوقية رأت أن اعتقال الناشط السياسي  شريف الروبي للمرة الرابعة بعد 3 شهور من إخلاء سبيله يدحض ادعاءات ما يسمى بالحوار الوطني ويجدد المخاوف بشأن جميع المفرج عنهم.

ودانت المنظمات في بيان صادر عنها اعتقال " شريف " بعد ثلاث أشهر فقط من الإفراج عنه، بعد حبس احتياطي دام عاما ونصف العام.

كما أكدت  أن استمرار هذه الممارسات يكذب ادعاءات البعض بشأن انفراجة حقوقية في مصر، ويتنافى مع المجهودات المعلنة للجنة ما يسمى بالعفو الرئاسي المزعوم وسعيها للإفراج عن المعتقلين السياسيين.

وكان قد تم اعتقال الناشط السياسي شريف الروبي يوم 16 سبتمبر 2022 فجرا من أمام أحد الفنادق في ميدان أحمد حلمي بوسط القاهرة، وبعد إخفائه لمدة يوم، ظهر الروبي في نيابة أمن الانقلاب  وتم التحقيق معه على ذمة القضية رقم 1634 لسنة 2022 بزعم  نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.

وقضى الروبي قرابة العام ونصف من الحبس الاحتياطي في الفترة بين ديسمبر 2020 ومايو 2022 على خلفية الاتهامات نفسها، في القضية رقم 1111 لسنة 2020 ليصبح احتجازه هذه المرة الرابع من نوعه، إذ تم القبض عليه للمرة الأولى في2016 بتهمة خرق قانون التظاهر، ثم في 6 أبريل 2018 في محافظة الإسكندرية، حين اختفى لمدة 8 أيام قبل العرض على نيابة أمن الانقلاب العليا في 16 أبريل للتحقيق معه على ذمة القضية 621 لسنة 2018 وفي 22 يوليو 2019 وبعد قرابة عام ونصف من الحبس الاحتياطي، قررت محكمة جنايات القاهرة إخلاء سبيل الروبي بتدابير احترازية.