من “الجفادون” مركز الفشن بمحافظة بني سويف، عادت من جديد حالات التسمم الغذائي لطلاب المدارس، التي تسببت في إسهال معوي وقيء مستمر لنحو 60 طالبًا من إحدى مدارس القرية.
السبب- بحسب المراقبين- يعود لكيس “البسكوت” الذي توزعه المدارس على الطلاب كبديل أقرته وزارة التربية والتعليم بحكومة الانقلاب في 2017 عن الوجبة الغذائية الجافة التي تسببت هي الأخرى في العديد من حالات التسمم، خلال السنوات الثلاث الماضية.
الهدف العام من التغذية المدرسية هو توفير وجبة غذائية صحية وسليمة، تساعد على إشباع الأطفال وتركيزهم أثناء اليوم الدراسي، وخفض نسب التسرب من التعليم، إلا أنه ومنذ السنة الدراسية الأولى بعد الانقلاب العسكري شهدت عشرات المستشفيات بأنحاء البلاد حالات طوارئ بسبب تسمم جماعي لطلاب المدارس بدلا من تحقيق الأهداف والغايات.
وعاد الحديث في مارس الماضي، عن عودة التسمم بنقل 30 طالبًا بالمرحلة الابتدائية إلى المستشفى العام بالفكرية في مركز أبو قرقاص، ومستشفى المنيا العام، على إثر الاشتباه في إصابتهم بتسمم غذائي بسبب الوجبة المدرسية. فى المقابل نفت مديرية التعليم بالمنيا أن تكون الوجبة المدرسية التي توزع على الطلاب هى سبب الإعياء الذي حدث لبعض الطلاب، مؤكدة أن “البسكوت” الذي يجرى توزيعه على طلاب المرحلة الابتدائية كوجبة غذائية سليم وتاريخ انتهاء صلاحيته في شهر أغسطس.
الحادث المتكرر- بحسب أولياء أمور ومواطنين- هو نتيجة أمرين أساسيين: الفساد الناتج عن “بيزنس” القوات المسلحة، والإهمال في تقديم وجبة غذائية منتهية الصلاحية في أحيان كثيرة. الطريف أن نتيجة معامل التحاليل التابعة لوزارة الصحة تثبت أن البسكوت لا غبار عليه، وأن العيب في شيء آخر.
بديل الوجبة الجافة
وأعلنت وزارة التعليم بحكومة الانقلاب، في 20 أغسطس 2017، قبل نحو عامين عن إلغاء الوجبة المدرسية الجافة ابتداءً من العام الدراسي 2017 -2018، واستبدالها ببسكوت الجيش الذي يطلق عليه مُحسن (50 جرامًا) لتلاميذ رياض الأطفال، و80 جراما لطلاب المرحلة الابتدائية، وقطعة باتيه 50 جرامًا سادة (نوع من اللحوم المعلبة)، وقطعة حلاوة (سكاكر) “تورد جميعها بواسطة جهاز الخدمة الوطنية، التابع للقوات المسلحة”.
الوجبة الجافة الملغاة كانت الجبنة (مثلثات أو النيستون) والخبز المصنع من الدقيق الفينو، والتي حدثت مشكلات بسببها وحالات تسمم بين الطلاب.
وزارة التربية والتعليم أكدت آنذاك أن 90% من التغذية المدرسية يجرى إنتاجها وتصنيعها من قبل الجيش ووزارة الزراعة، وأن اختيار جهاز الخدمة الوطنية في توريد الوجبات المدرسية جاء بهدف “توريد وجبة كاملة العناصر الغذائية للطالب، سواء فيما يتعلق بالبسكوت أو الوجبة الجافة (الملغاة).
الإسبرتام
وكشفت بوابة الحرية والعدالة، في وقت سابق، عن أن جهاز الخدمة الوطنية الذي يقوم بتصنيع البسكوت وتورده شركة النصر للخدمات والصيانة (كوين سرفيس)، التابعة لجهاز الخدمة الوطنية، وتحمل أغلفة الوجبات الفاسدة عبارات “تحيا مصر”، و”مصر آمنة”، هي ليست آمنة.
وكتب زميلنا حسن الإسكندراني عن تسريب لمحادثة بين شخص يعمل بمصنع بسكويت تحيا مصر وبين مدرسة تدعى “أميرة”، حول خطورة بسكويت تحيا مصر، جاء فيها: “أميرة، أى طفل ياخد البسكويت دا خليه يرميه ولا يأكله”.
وتابع: “البسكويت دا من قلب شغلي داخل فيه مادة اسمها “إسبرتام محلى الصنع”، توضع بدل السكر وتسبب أوراما بالمخ، والذي لا يطابق المواصفات القياسية العالمية، والضار بالصحة”.
وأضاف “بعد النتائج التى أكدت أنه غير صالح للاستخدام، وزير التعليم شكل لجنتين بعد ضغط لتغير النتيجة بأنه “صالح للاستخدام الآدمى”.
وواصلت المحادثة: “كل دا عشان بسكويت الجيش هو اللى بيورده، وهناك ضغوط كبيرة علينا”. وأردف: ” الحاكم العسكرى أخبرهم اللى معترض يقدم استقالته”.
وجبة مدفوعة
وتتقاضى حكومة الانقلاب منحا دولية لتوزيع الوجبات الغذائية، وهي في العادة تكون من الأمم المتحدة ومنظمة “الفاو”، ووفقا لبيانات رسمية جرى الإعلان عنها عام 2017، تغطى الوجبة المدرسية نحو 13,5 مليون تلميذ، بتمويل حكومي يصل إلى 957 مليون جنيه، بخلاف تمويلات أخرى يتيحها الشركاء من الاتحاد الأوروبي لذات الغرض.
وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي، إن برنامج التغذية المدرسية للعام الدراسي 2017/2018، يستهدف أكثر من 10 ملايين تلميذ في مراحل رياض الأطفال والابتدائي، إلى جانب تلاميذ مدارس التربية الخاصة والرياضية والمدارس الداخلية، بتكلفة إجمالية مليار و100 مليون جنيه.