الجزائر تفضح الإمارات في الشمال الإفريقي!

- ‎فيعربي ودولي

مثلت الجزائر في الآونة مصدر قلق كبير للإمارات بسبب سياستها المخالفة لاتجاهات الإمارات (الشيطانية) بالمنطقة، خاصة موقف الجزائر الأخير من الأزمة الخليجية ودعمها قطر ضد الحصار الجائر.

وخلال السنوات الأخيرة فجرت عددا من القضايا الإقليمية الخلافات بين “الجزائر والإمارات”، ووسعت الهوة بينهما، غير أن الدولتين حافظا على الشكل الدبلوماسي في العلاقات، رغم التباعد الكبير بين سياسيات كل منهما.

كما تعد الجزائر واحدة من أكثر الدول العربية اختلافا في مواقفها السياسية والإقليمية عن باقي مواقف الدول الخليجية، حيث سعت دولة الإمارات على سنوات طويلة أن تجتذب “السياسية الخارجية الجزائرية” للاتجاه الإماراتي، غير أن الجزائر غالبا ما ترفض ذلك، وتصر على اتخاذ سياسيات مستقلة حسب ما ترى فيه مصالحها.

وخلال الفترة الماضية ثارت العديد من القضايا الخلافية بين الإمارات والجزائر، حاولت فيها الإمارات أن تخضع الجزائر لمواقفها، على غرار ما فعلت مع بلدان عربية أخرى، غير أن بلد المليون شهيد كانت دائما وأبدا عصية على الانصياع لـ”أبو ظبي”.

موقف الجزائر من أزمة قطر

وجاءت أزمة “حصار قطر” الذي أشرفت عليه الإمارات والسعودية، وشاركت فيها مصر والبحرين، ودول عربية أخرى سرعان ما تراجعت، كانت أحدث الأزمات التي أحدثت شرخا في شكل العلاقة بين “الإمارات والجزائر”.

وتطلعت أنظار الإمارات مع بداية الأزمة الخليجية نحو موقف الجزائر من هذه الأزمة، وخياراتها تجاه دعم أي من الجانبين، قبل أن تصدر الجزائر بيانًا رسميًّا تدعو فيه الدول إلى الحوار، بوصفه «وسيلة وحيدة» لتسوية الخلافات بينها، وضرورة احترام السيادة الوطنية للدول، وعدم التدخل في شئونها الداخلية.

ولأن “الجزائر” مالت بعض الشيء حيال الموقف القطري، حين قررت دعم “الحوار”، وعدم التماهي في المواقف السياسية للرباعي العربي، فإن هذا الأمر أزعج “حكام أبوظبي” وحاولوا ممارسة ضعوطا على الجزائر للانحياز إلى جانبهم.

واتخذت الجزائر موقفا محايدا من طرفي الأزمة الخليجية، وأصدرت وزارة خارجيتها بيانا، عند إعلان السعودية ومصر والإمارات والبحرين قطع العلاقات مع قطر، دعت فيه إلى “ضرورة التزام مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، واحترام سيادتها الوطنية في جميع الظروف”، مشيرة إلى أنها “واثقة بأن الصعوبات الحالية ظرفية، وأن الحكمة والتحفظ سيسودان في النهاية”.

وفي أشد أوقات الحصار السعودي الإماراتي على “قطر” وتحديدا في يونيو 2017، قام وزير الدولة للشئون الخارجية لدولة قطر سلطان بن سعد سلطان المريخي بزيارة الجزائر، كنوع من كسر الحصار، والتقى بوزير الشئون الخارجية عبد القادر مساهل، وبحثا في مستجدات الأزمة الخليجية، وزيادة توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين.

كما أن أحد أبعاد التوتر القائم بين الجانبين تمثل في العلاقة «المتينة» بين الجزائر وإيران، خصوصًا بعد زيارة وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، العاصمة الجزائرية، في نهاية 2017، ولقائه وزير الشئون الإفريقية والعربية عبد القادر مساهل، وتأكيده أن البلدين يتفقان على مبدأ «احترام أراضي الدول وسيادتها، وعدم التدخل في شئونها الداخلية، والسعي إلى الحوار، والتوصل إلى الحلول السلمية للنزاعات والخلافات».

ولا تنفصل العلاقات القوية بين الجزائر وإيران، خصوصًا في المجالين الدبلوماسي والاقتصادي، من خلال عرض التعاون المصرفي والاقتصادي، والطرق الكفيلة بتفعيله ودفعه نحو الأمام، عن العلاقات المتقاربة بين قطر وإيران، على خلاف الخلاف السياسي بين الإمارات والسعودية من جهة وإيران من جهة أخرى، وهي المسألة التي ترسم صورة كاملة عن أحد محددات الخلاف بين الإمارات والجزائر.

أيضًا، فإن الجزائر تختلف مع الإمارات بشأن الموقف من “حزب الله” اللبناني، حيث تراه الإمارات وتصنفه على أنه تنظيم إرهابي، في حين لا ترى الجزائر ذلك، وهو الأمر الذي يزيد الهوة والخلاف بين البلدين.

أيضًا، فإن عدم انخراط الجزائر في التحالف العسكري في اليمن الذي تقوده السعودية، وعدم اشتراكها بشكل فعال في الضربات التي توجهها الإمارات والسعودية ضد الحوثيين في اليمن، أحدث شرخا كبيرا في العلاقات بين البلدين.

وعلى خلاف الموقف الإماراتي من “حماس” والذي تعادي فيه “أبوظبي” حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بشكل كبير، فإن دولة الجزائر بدأت مؤخرا في احتضان الحركة، فضلا عن أحاديث مختلفة تؤكد أن “حماس” قد تفتح مكتبا لها في الجزائر في وقت قريب.

وفي وقت سابق من العام الماضي، تحدثت مصادر بـ”حماس” أن السلطات الجزائرية حتى اللحظة لم ترفض طلب حركة “حماس” للإقامة في الجزائر، وهذا مؤشر اعتبره مراقبون فلسطينيون أنه إيجابي للغاية، ودليل على الموافقة الجزائرية على إقامة أعضاء “حماس” داخل التراب الجزائري.

كل هذا الاحتضان من قبل الجزائر لحركة “حماس” والحفاواة الكبيرة بأعضائها، أزعج بشكل كبير السلطات الإماراتية، والتي على ما يبدو أنها تواصلت مع الجزائر كثيرا لتقليل الدعم المقدم للحركة، غير أن الجزائر ترفض التبعية للإمارات.

مواجهة الأطماع الإماراتية بليبيا

كان الجمود الرسمي من جانب الجزائر تجاه خطط «خليفة حفتر»، أبرز الفاعلين، الذي تعول عليهم الإمارات في الأزمة الليبية، أحد مُحددات توسع الهوة بين البلدين، وحدث أشبه ما يكون بالشقاق السياسي في ظل الحضور والنفوذ الجزائري القوي في الأزمة الليبية كون الجزائر تتعامل مع الأزمة الليبية بمنظور أنها امتداد للأمن القومي الجزائري، وذلك للتقارب الجغرافي مع ليبيا.

ولم تدعم الجزائر “حفتر” في ليبيا، إذ رفضت عدة مرات دعم مشروعه وقراراته، للحد الذي دفع “حفتر” إلى وصف الجزائر «بالدولة غير الشقيقة والعدوة»، واتهامها بالانحياز للحكومة التي كانت تتخذ طرابلس مقرًّا لها، بغض الطرف عن الإرهابيين الذين يدخلون ليبيا.

وفي نهاية عام 2017 تجدد الرفض الجزائري لخيارات “حفتر” في الأزمة الليبية؛ حين أعلنت رفضها وقف العمل بالاتفاق السياسي الذي رعته الأمم المتحدة، وهو الاتفاق المُعروف بالصخيرات بالمغرب، برعاية الأمم المتحدة والدول المجاورة.

كل تلك الأحداث زادت من الهوة بين الجزائر والإمارات، وشعرت الأخيرة أن “الجزائر” لن تكون حليفة لها في الملف الليبي على الإطلاق، بخلاف الموقف المصري مثلا، الذي يسير خطوة بخطوة على غرار الموقف الإماراتي.

وفي ضوء الفشل الإماراتي في فرض سيطرتها على الجزائر كما يحدث مع مصر، بدأت تتلاعب في الخفاء بتحريك الازمات في الجيش الجزائري.. فيما يعرف حاليا باحتجاجات المتقاعدين الذين تم استدعاؤهم في التسعينيات لمكافحة الإرهاب، وكذا استغلال تحركات المسلحين في المناطق المجاورة للعاصمة الجزائرية مؤخرا.