أحمدي البنهاوي
لم يمضِ على عرض الكويت، من خلال نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله، الوساطة بين الانقلابيين في مصر والسعودية لحل "القضايا الخلافية" عدة ساعات، حتى كتب أحد الأذرع النافذة "سياديا" على بلاط الانقلاب، رئيس تحرير الشروق الصحفي عماد الدين حسين، تحت عنوان "اقتراحات مصرية سعودية غير رسمية للخروج من الأزمة"، أن وزير خارجية البحرين قال لـ«الشروق»، المنحازة للانقلاب، على هامش القمة الخليجية التي عقدت في المنامة، نهاية الأسبوع الماضي، إنه لا يعتقد أن مصر والسعودية تحتاجان إلى وساطة بينهما، وإنه واثق في حكمة قيادات البلدين على تجاوز أي سوء فهم عابر، وهو ما اعتبره مراقبون بمثابة رفض مبطن للوساطة الكويتية، أو انسحاب كويتي من الوساطة بشكل غير مباشر عبر البحرين الجارة والشقيقة.
اتصالات غير رسمية
وقال حسين: إن التواصل المصرى السعودى غير الرسمى مستمر بأشكال وطرق مختلفة، بحثا عن آلية للخروج من الأزمة الراهنة، معتبرا أنها ناجمة عن "خلاف في الرؤى بين البلدين؛ بسبب قضيتي تيران وصنافير والملف السورى".
ونقل عماد الدين حسين عن "مصدر دبلوماسى عربى" في القاهرة، قوله: "إنه لا يستبعد عقد لقاء بين وزيري خارجية البلدين في الأسبوع الأول من يناير المقبل في أبو ظبي، على هامش لقاء يعقده وزراء الخارجية العرب في أبو ظبي؛ للبحث في كيفية مواجهة العرب للأزمات العاصفة التى تضرب المنطقة من جميع الاتجاهات".
وأضاف أن "المصدر"- الذي لم يسمه– قال إن مسئولين سابقين وشخصيات عامة وكتابا وإعلاميين التقوا أكثر من مرة، في الفترة الأخيرة، عقب تردى العلاقات؛ للبحث في آلية جديدة لإدارة خلافات البلدين بصورة حضارية.
وخلال هذه اللقاءات، جرى بحث أفكار متعددة، منها على سبيل المثال ضرورة عقد حوار استراتيجى ثابت بين مسئولين من البلدين كل فترة؛ حتى لا يؤثر أى خلاف تكتيكى صغير على مجمل العلاقات المتشعبة بين البلدين، على أن تنضم دول عربية أخرى إلى هذا المنتدى أو الحوار، مثل الإمارات والأردن والجزائر؛ للبحث في العواصف والأعاصير التى تهدد المنطقة العربية برمتها.
خط الوساطة
وقال خبراء ومتابعون، إن "تيران وصنافير" هي البعد الأهم في الأزمة بين القاهرة والرياض، وإن السيسي طلب من أمير الكويت بعد فشل وساطة "بن زايد"، عدم الضغط على السلطات المصرية من أجل قضية جزيرتي تيران وصنافير التي باتت أمام القضاء، وضرورة احترام الرياض تباين وجهات النظر فيما يتعلق بالعديد من الملفات السياسية عربيا وإقليميا؛ لأن مصر ليست دولة صغيرة تابعة.
وقال السيسي، في تسريبات نقلها المحلل الصحفي أحمد سالم: "لم يكن مقبولا وقف إمدادات البترول؛ لأنه أحرجني داخليا بشكل كبير وبصورة غير مقبولة"، وأضاف "لن أنسى دعم الخليج بعد 30 يونيو، ولكن "لا يمكن أن يكون المقابل هو الانتقاص من مكانة مصر".
الحملات الإعلامية
وأبدت الرياض انزعاجها من الحملات الإعلامية، خصوصا على وسائل التواصل الاجتماعي، في زيادة حدة الخلافات بدلا من تهدئتها. ورأوا أن الاعلام لعب دورا شديد السلبية في إلقاء المزيد من الوقود على النار.
ففي الوقت الذي توقفت فيه السعودية تماما، لا سيما إعلامها الرسمي، عن مجاراة نظيره في مصر، فلم ينتقد الحكومة المصرية مطلقا، مقارنة بما حدث من بعض وسائل الإعلام المصرية.
ونبه سعوديون، بحسب الشروق، إلى أن السفير السعودي في القاهرة أحمد القطان يبذل جهودا مضنية لإعادة المياه إلى مجاريها، وأنه لم يصرح أو يسرب أو يتحدث بأي وسيلة عن وجود لقاء محتمل بين السيسي والملك سلمان بن عبد العزيز في أبو ظبي، الأسبوع الماضي، وأنه ينبغي توجيه اللوم إلى من قام بتسريب هذه المعلومات من دون أن يتأكد منها، مشيرا إلى أن الرئاسة المصرية نفت بدورها وجود أي تغيير في جدول زيارة السيسي للإمارات.
ونفي مصدر سعودي أن تكون زيارة الأمير تركى الفيصل، الرئيس الأسبق للمخابرات السعودية للقاهرة، والتي بدأت الثلاثاء الماضي، واستمرت حتى الجمعة، لها صلة بتطورات علاقات البلدين، ولكنها جاءت في إطار ترؤسه للجنة الحكماء العرب المعنية بقضايا نزع السلاح وعدم الانتشار النووي التي عقدت بمقر الجامعة العربية، وتشكلت بدعوة من الأمين العام للجامعة السفير أحمد أبو الغيط، وعضوية مجموعة من الخبراء العرب.
نصائح غربية
واستعانت زمرة الانقلابيين في مصر بخبير في إدارة الأزمات، وقدم أوراني يونج "Oran oung" ورقة حدد فيها الوظائف الأساسية للوسيط في الوظيفة الإعلامية، ويمكننا التطبيق عبر الخطوات التالية:
1- سرعة احتواء الأزمة، وأن الطرف المصري عليه ضمانه حفظ أمن دول الخليج، والشروع في تنفيذ بعض المشاريع الاقتصادية المشتركة، وإعادة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، وتأجيل البت في قضية جزيرتي تيران وصنافير.
2- التوقف عن الدعم العلني لأحد أطراف الصراع
3- التركيز على البعد الإنساني في الصراع الحالي، حيث نصح يونج بلفت انتباه الطرف الآخر إلى أن الدور المصري في سوريا أممي وإنساني!، من خلال المساعدات الطبية والاقتصادية وغيرها.
4- إطلاق مبادرات سياسية تراعي التوازنات الحالية