كتب- كريم محمد:
"الداخلية ما زالت تدرج التوحيد والإصلاح ضمن قوائم الحركات المتطرفة".. هذا عنوان لخبر صغير نشرته صحيفة مغربية مغمورة تسمى "اليوم 24"، يوم 10 فبراير الجاري، يتحدث عن حصر تجريه السلطات الأمنية المغربية لأتباع الجماعات الإسلامية في البلاد "مع تركيز السلطات أكثر على الجماعات المحظورة أو المتطرفة"، كشف بوضوح صحف السيسي ولجانه الإلكترونية.
فرغم أن الصحيفة مغمورة، والخبر الذي نشرته ليس به أي جديد، ويشير فقط لأن الحصر أظهر استمرار وضع الداخلية المغربية لجماعة "التوحيد والإصلاح ضمن قوائم "الحركات المتطرفة"، ولم تؤكد الداخلية ولا الحركة المغربية هذا الخبر، ولم تنشره أي صحيفة مغربية أخرى سواها، إلا أن آلة عبد الفتاح السيسي الإعلامية تلقفته لتنشره على أنه حظر جديد لجماعة الإخوان في دولة عربية لتبرر قمعها وقتلها لأعضاء الجماعة وسنهم.
تقرير الصحيفة المغربية تحدث عن "طلب مسؤولي أقسام الشؤون الداخلية إعداد بطائق معلومات تخص نشطاء وأتباع حركات وجماعات وإرسالها في كشوف".
ولكن اللافت في خبر الموقع المغمور المغربي أنه ذكر أن "التوجيه حمل عبارة: تركيز السلطات أكثر على الجماعات المحظورة أو المتطرفة"، وحين تحدث عن الجماعات فرق بين "نشطاء وأتباع كل من جماعة التبليغ والدعوة إلى الله، وحركة الإصلاح والتوحيد، والسلفية التقليدية، وجماعة العدل والإحسان، من جهة.. وبين السلفية الجهادية، والمعتقلين السلفيين (الذين قضوا أو ما زلوا يقضون عقوبة حبسية)، ثم أتباع المذهب الشيعي، ثم الأشخاص المشتبه في انتماءاته، من جهة ثانية؛ ما يعني أنه ليست كافة الجماعات الواردة في المنشور، ومنها فرع جماعة الإخوان (الإصلاح التوحيد)، ليست جميعها محظورة ومتطرفة في العرف الأمني المغربي، الذي يعتبر جماعات السلفية التقليدية والجهادية، والشيعة كذلك.
إعلاميو الانقلاب يهللون
ولم يتحدث خبر موقع "اليوم 24" عن حظر نشاط الإخوان ولم يذكر كلمة "إخوان"، ولكن جاءت حفاوة صحف ومواقع إخبارية مصرية به وتكرر نشره بنفس الصيغة "المغرب يحظر جماعة الإخوان"، ليكشف إعلاميو النظام ولجانه الإلكترونية الذين تصلهم أخبار جاهزة لنشرها دون التيقن من صحتها.
ولو كان الخبر صحيحًا وكانت جماعة الاخوان وحركة الاصلاح والتوحيد محظورة لما تولى حزبها "العدالة والتنمية" رئاسة الحكومة المغربية، عبر عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب.
فقد نشر موقع "مبتدأ"، المحسوب على أجهزة المخابرات في مصر، خبر موقع "اليوم 24" المغربي تحت عنوان: "المغرب يضع الإخوان على قوائم الجماعات المحظورة"، ونشرته ايضًا بنفس الصيغة مواقع "فيتو"، و "التحرير".
وأردت صحيفة "الفجر" المزايدة وإظهار العمالة أكثر لأجهزة الامن فقالت: "المغرب يسير على خطى السيسي ويضع الإخوان على قوائم الجماعات المتطرفة"!.
وتورطت صحف ومواقع محايدة واسلامية في نشر الخبر نقلاً عن صحف الانقلاب دون الرجوع للمصادر المغربية لتأكيد الخبر.
ويشير احتفاء صحف وإعلام الانقلاب في مصر بهذا الخبر الكاذب غير المهني ولا يستند لأي مصدر رسمي، إلى الرغبة في أن تسير الدول العربية على سياق ما يفعله السيسي كي يبرر لهم ذلك القمع الذي يقومون به لأعضاء وأنصار الاخوان في مصر.
وكان فوز الحزب الاسلامي بالأغلبية في انتخابات المغرب الأخيرة قد أزعج الابواق الإعلامية للسلطة، بعدما تمنوا خسارة الإسلاميين.
وحاولت صحف الانقلاب تعداد الدول التي حظرت جماعة الاخوان والتي تنحصر في السعودية والامارات لأسباب تتعلق بالقلق من انتقال رياح الثورات الربيع العربي لها، وهللت لما أعلنه الرئيس الامريكي المتطرف "ترامب" وإدارته عن حظر الاخوان، والذي يرفضه الامريكان.
كما هللوا من قبل لمحاولات الحكومة البريطانية حظر الاخوان قبل أن ينقلب عليها البرلمان البريطاني ويرفض ذلك ويعتبر الاخوان فصيل سياسي يعاني من القمع في مصر، والقرار دعمته السعودية عبر شراء صفقات اسلحة بريطانية.
الإخوان المسلمون في المغرب
ونشأت جماعة الإخوان المسلمين في المغرب من خلال جماعة التوحيد والإصلاح الإسلامية المنبثقة من اتحاد عدة حركات إسلامية في المغرب، وذراعها السياسي هي "حزب العدالة والتنمية المغربي" الذي أسسه الشيخ عبد الكريم الخطيب، رئيس البرلمان المغربي الاسبق.
وبدأ نشاط الإخوان المسلمون في المغرب، يونيو 1937 ضمن شُعبهم في العالم الإسلامي شُعْبَتين في المغرب الأقصى.
ونشطت حركة الإخوان في الستينيات على يد الدكتور عبد الكريم الخطيب والذي يعتبر مؤسس حركة العدالة والتنمية في المغرب، حيث تأسست الحركة عام 1967م، وكان وقتها الخطيب رئيس البرلمان المغربي غير أنه مورس ضده التضييق من قبل الدولة.
ويُعرِّف حزب العدالة والتنمية المغربي نفسه بأنه "حزب سياسي وطني، يسعى انطلاقًا من المرجعية الإسلامية وفي إطار الملكية الدستورية القائمة على إمارة المؤمنين".