تحدثت أنباء سودانية متضاربة، عن قصف اسرائيلي للمرة الرابعة منذ عام 2009، طال سيارتين قرب بورتسودان فجر أمس الخميس، تشتبه تل أبيب انها تنقل سلاح عبر البحر الأحمر للمقاومة الفلسطينية.
بالمقابل نفت جهات رسمية سودانية ذلك تمامًا، وقالت إن ما جري كان حادث تصادم بين سيارتين، وأن صور السيارات المدمرة المحترقة التي نشرت عبر مواقع التواصل قديمة وليست من السودان.
ولو صحت أنباء الهجوم الإسرائيلي، سيكون هو رابع قصف لطائرات إسرائيلية للسودان، والثاني لمدينة بورتسودان شرق البلاد، بعدما قصفتها 5 أبريل 2011، وتأكيد الخرطوم حينئذ القصف الإسرائيلي بدعاوي منع تهريب أسلحة لحركة حماس عبر البحر الأحمر.
حيث ضربت طائرات إسرائيلي في 5 أبريل عام 2011 حي "اللالوبة" الواقع على بعد 500 متر من رئاسة الدفاع الجوي بمدينة بورتسودان، وجاء القصف الجديد – لو صح -فجر أمس لمنطقة "سلال اسير" التي تبعد 4 ساعات عن بورتسودان باتجاه منطقة "أوسيف"، وسبقهما قصف عام 2009 وأخر لمصنع ذخيرة في أم درمان أكتوبر 2012.
ماذا جرى؟
القصة بدأت بتداول خبر في أغلب جروبات "واتس أب" بالسودان وخارجه بأن هنالك قصف طيران إسرائيلي لشرق السودان جري مساء الأربعاء أو فجر الخميس، نتج عنه تدمير واحتراق سيارتين، وأنه الرابع الذي تشنه على السودان، والثاني على مدينة بورتسودان، وأكدت استنفار سلاح الجو السوداني الذي حلقت طائراته بعد الهجوم بقليل.
وأرجعت "مصادر سودانية" عدم كشف الرادارات السودانية للطائرات الاسرائيلية لاستخدام تل ابيب طائرات حديثة تشوش على الرادارات الارضية.
ولم تستبعد هذه المصادر التي قالت إنها تنقل عن شهود عيان أن يكون قصف إسرائيلي حدث بالفعل بأحدث طائراتها "أف 35" التي تنتمي للجيل الخامس، وتجمع بين تقنية التخفي والمناورة، وإمكان رادارها تنفيذ مهام حجب إلكتروني لرادارات دول أخري في الجو وعلى الأرض.
وتستطيع هذه الطائرة الاقتراب من هدف أرضي والتخفي وتنفيذ مهامها بسرعة في وقت لا يكون لدى الخصم قدرة على القيام برد فعال، وبفضل الرادات المتطورة تستطيع هذه الطائرة، رؤية طائرات الخصم قبل وقت طويل من أي رادار جوي آخر.
وقال شاهد عيان عبر واتس اب أن القصف خلف جرحي، وأنه تم أسعاف 12 مواطن من المصابين، فيما توفي سائق إحدى السيارتين (شاحنة بوكس) متأثرًا بالحريق، وتم دفن السائق عصر اليوم الجمعة.
وقال إن الطيران (الاسرائيلي) ظل يحلق فترة زمنية في الجو، وأن طائرات سودانية وصلت للمنطقة واستمرت محلقة في سماء بورتسودان بكثافة، مؤكدا أنها "غارة إسرائيلية"، لأنه حدثت بنفس السيناريو الذي حصل في الغارات الماضية، بحسب تعبيره.
وتحدث نشطاء سودانيين، ومعارضين، عن "قصف" منتقدين غياب سلاح الجو السوداني الذي حضر بعد القصف.
السودان ينفي رسميًا
"محمد جبارة" المستشار الاعلامي لسفارة السودان بالقاهرة، نفى تمامًا وجود أي قصف لإسرائيلي، ونقل عن الناطق باسم الجيش السوداني أيضًا نفيه أي قصف اسرائيلي لبورتسودان، وأشار لأن ما جري هو حادث بين سيارتين، وتصادف وجود تدريبات عسكرية جوية في المنطقة، فتصور الناس أنه قصف جوي.
وحول نشر صور لحطام متناثر محترق، ما يدل على إنه الأمر أكبر من مجرد تصادم سيارتين، قال إن "الصور المنشورة قديمة، ومن مكان أخر غير السودان وكلام "المعارضين" غير حقيقي.
أيضًا نفت شرطة ولاية البحر الأحمر، ان يكون الإنفجار الذي تعرضت له ناقلة وقود بمنطقة سلالاسير شمال مدينة بورتسودان بسبب قصف جوي، ولفتت إلى أن الانفجار نتج عن حادث مروري بين الناقلة ولوري قادم من الإتجاه المعاكس وعربة بوكس، مساء الأربعاء الماضي.
وأكد هذا مدير شرطة البحر الأحمر اللواء صالح حسين سلمان، الذي أوضح أن السيارة المحترقة كانت ناقلة وقود واصطدمت بعربة لوري كانت تسير في الاتجاه المعاكس، ما نتج عنه انفجار الناقلة بسبب الوقود الذي كانت تحمله، واحتراق كامل للبوكس واللوري ووفاة سائق البوكس وتفحّم جسده في الحال، وإصابة سائق اللوري ونجاة سائق شاحنة أخري.
وفي اتصال هاتفي لشبكة سودان ناو بواسطة رئيس التحرير دفع الله إبراهيم، بوالي مدينة حلايب عثمان السمري، أكد ان "الصور المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي هي لحادث سير عادي في طريق بورتسودان أوسيف أدى لانفجار المركبتين نتيجة لحمولة البوكس (وقود) وتفاعلها مع (غاز) الثلاجات التي يحملها اللوري، ونفى ما تردد عن أنه قصف لطائرات إسرائيلية جملةً وتفصيلاً".
قصف إسرائيلي سابق
وفي أبريل 2011، قال وزير الخارجية السوداني السابق (علي كرتي) أن الطيران الحربي الإسرائيلي قام بقصف السودان مرتين عامي 2009 و2011 بدعوي قصف قوافل سلاح متجهة لحماس.
وقال إن هدف القصف حينئذ، "توجيه رسائل سالبة" لكل من مصر وأمريكا هدفها تصوير السودان على أنه يأوي إرهابيين وبمارس دورا إرهابيا فتزيد أمريكا حصارها له وتتخوف مصر من فتح حدوده للتكامل مع السودان، بحسب تعبيره.
وقال الوزير السابق "كرتي" أنه في المرة الأولي (فبراير 2009) تم قصف قافلة لتهريب البشر قرب البحر (أودت بحياة 119 شخصًا) بزعم أنها قافلة لتهريب أسلحة عبر البحر الأحمر وسيناء لغزة، وفي المرة الثانية (أبريل 2011) تم قصف سيارة في بورتسودان أيضًا بزعم أن بها قيادي من حركة حماس، في حين أنها كانت سيارة مدنية تقل شخصين من شرق السودان.
والقيادي الذي دار الحديث عنه حينئذ بحركة حماس هو "عبد اللطيف الأشقر" الذي تعتبره تل ابيب من أخطر قيادات حماس العسكرية وأنه بديل للقيادي (المبحوح) الذي اغتالته اسرائيل في دبي 2010، حيث تتهم اسرائيل السودان بفتح ممر عبر شرق السودان علي البحر الأحمر ثم سيناء لمد حركة حماس بالسلاح.
ولاحقًا أكد موقع (ديبكا) الاستخباري الاسرائيلي أن قوة خاصة كانت متمركزة في البحر الأحمر هي من قصفت سيارة القيادي في حماس هو وسائقه السودان قرب مطار بورتسودان، وحسب مصادر الموقع فقد أطلقت القوة صاروخ أرض أرض نحو سيارته من نوع (هونداي سوناتا) ولم يطلق صاروخ من طائرة استطلاع اسرائيلية كما قيل في السابق.