بعد إحياء القاهرة لاتفاقية الدفاع المشترك.. أنقرة تدعم البرهان المتجهز للحرب .. وانكشاف أبوظبي

- ‎فيعربي ودولي

في زيارته الأخيرة الممتدة لأنقرة، أكد رئيس المجلس السيادي السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان، في تصريحات خلال مؤتمر صحفي من أنقرة  على رسالة واضحة إلى الدول التي نعدّها صديقه، والتي تظن أن السودان في موقع ضعف وتتهيأ لاتخاذ خطوات خاطئة. السودان اليوم أقوى مما كان عليه، ومن الحكمة التراجع قبل الوقوع في أخطاء ستُدفع كلفتها لاحقاً.

وكشف أنه قبل أكثر من عام جرى حديث مباشر مع محمد بن زايد، وتعهد خلاله بوقف العدوان على السودان، إلا أن هذا التعهد لم يُنفّذ، واستمر المسار نفسه دون أي التزام بما قيل.

 

وشدد البرهان على ضعف موقف أبوظبي قائلا: "واجهنا الإمارات في الولايات المتحدة الأمريكية، بحضور ممثلي الرباعية، وكان وفدنا برئاسة وزير الخارجية وضم مدير جهاز الأمن والمخابرات وقائد الاستخبارات. لم يتمكن الوفد الإماراتي من الدفاع عن موقفه، وهو ما يطرح سؤالاً مشروعاً حول إصرار الإمارات على تقديم نفسها كوسيط في ملف هي طرف فيه.".

وقال المحلل السياسي السوداني ياسر الفضل: "آخر لقاء بين الجانبين السوداني والإماراتي في واشنطن سقطت بعدها مدينة الفاشر" مضيفا أنه "قبل لقاء واشنطن  حشد الطرف الإماراتي جميع مليشياته  في محاولة للضغط على الجانب السوداني وإجباره على القبول بشروطه".

وتابع @yasseralfadol "عندما رفض الجيش السوداني تلك الشروط أصدرت الإمارات أوامر لمليشياتها باجتياح مدينة الفاشر".

وكشف حساب @FCB6O عن طائرة Gulfstream G450 (A6-FLH) 🇦🇪 التابعة لحكومة الإمارات التي أقلعت في 20 من الشهر الجاري من دبي إلى الرياض  ثم الأقصر  واللافت أن طائرة  (Gulfstream IV (TC-IHC التي استخدمها مؤخراً عبد الفتاح البرهان، غادرت الأقصر في نفس التوقيت.

-هل هناك محادثات تهدئة غير معلنة بين أبوظبي والخرطوم ؟

وحازت صورة الرئيس السوداني عبد الفتاح البرهان مع رئيس الاستخبارات التركية "إبراهيم قالن" الأخيرة اهتمام النخب الإفريقية خاصة تلك النخب التي باتت ترى في الدولة السودانية "Paradigme politico-sécuritaire"، تسعى لتفكيك المشروع الإستعماري الجديد الساعي إلى القضاء على رأس المال العسكري والاجتماعي والاقتصادي والمعرفي للدولة الوطنية في إفريقيا.

اتفاق عسكري

وبعد احياء البرهان اتفاقية الدفاع المشترك مع القاهرة، أشارت المحللة السياسية والباحثة الإماراتية (المعارضة لموقف أبوظبي من السودان) أمينة العريمي إلى أنه يبدو أن القيادة السودانية أعطت الضوء الأخضر لأنقرة لاستكمال مشروع "Afak" الأمني الذي طرحته تركيا للسودان بعد توقيع اتفاقية التعاون الأمني بين الطرفين 2017-2018 وطلبت الخرطوم حينها مهلة لدراسته ومع اندلاع الثورة السودانية تم تجميد المشروع، وما محادثات القيادة السودانية مع السفير الروسي "أندريه تشيرنوفول" الذي تبعتها زيارة الرئيس الأرتري "أسياس أفورقي" للخرطوم، وزيارة الرئيس البرهان بعدها للرياض والقاهرة ومن بعدها أنقرة وصولاً للدوحة إلا تأكيد بأن القواعد التقليدية التي كانت تنطلق منها  المحاور "الإقليمية" تغيرت إلى غير رجعة.

وأضافت د.العريمي @gulf_afro "أرى أن الطريق بات ممهداً للقيادة السودانية خاصة مع بروز جملة من النقاط التوافقية الروسية مع أنقرة وهذا ما تراه الخرطوم أنه أقنع الأطراف الخليجية "الدوحة ، والرياض " والعربية "مصر " في المضي قدماً في دعم الدولة السودانية ومؤسساتها الشرعية، خاصة أن هناك اعترافًا عربيًا- خليجيًا "ضمنيًا" يرى أن الدبلوماسية التركية في السودان تفوقت على نظيرتها الخليجية والعربية وحققت نتائج ملموسة يمكن ببساطة رؤية أثرها في عمق السلاسة السياسية المتبادلة بين الخرطوم وأنقرة التي أفضت إلى تحجيم سقف الحذر المزمن والموسوم بالاجهزة الأمنية ومنتسبيها.

استجابة على الأرض

واجرى الفريق البرهان تغييرات جديدة في قيادة أركان الجيش السوداني وشملت تعيين الفريق الركن معتصم عباس التوم نائباً للعمليات بدلاً عن موقعه الحالي مفتشا للقوات المسلحة، وتعيين الفريق الركن مالك الطيب خوجلي قائداً للقوات البرية بدلاً عن موقعه الحالي كنائب عمليات، وتعيين الفريق الركن رشاد عبدالحميد مفتشاً عاماً بدلاً عن موقعه الحالي كقائد للقوات البرية.

وقال مراقبون إن التغييرات تأتي في إطار ترتيبات يجريها الجيش للقيام بمعارك ضخمة خلال الأيام المقبلة لإستعادة مناطق في كردفان وصولاً لدارفور..

تأكيد سمير فرج

وأخيرا دعم اللواء سمير فرج مسار القاهرة لإحياء اتفاقية الدفاع المشترك وقال إن "القاهرة لن تقبل أي محاولة لتقسيم السودان" هذه الكلمات لم تكن معزولة، بل تكررت بصيغ مشابهة على لسان مسئولين وخبراء عسكريين مصريين آخرين، وأحيانًا في بيانات رسمية مشتركة بين مصر ودول أخرى.

وكرر وزير خارجية السيسي بدر عبدالعاطي ذلك: في اتصال هاتفي مع مسئولين أمريكيين منتصف ديسمبر 2025، حيث شدد على رفض كامل لأي محاولات تستهدف تقسيم السودان أو الإضرار باستقراره.

اللواء سمير فرج أكد أن مصر تعتبر أمن السودان جزءًا لا يتجزأ من أمنها القومي، وأن القاهرة لن تقبل أي محاولة لتقسيم السودان أو الإضرار بمصالح شعبه.

وقال: "السودان خط أحمر" موضحا أن البيان المشترك بين مصر والسودان شدد على أن أمن السودان جزء من الأمن القومي المصري وأن القاهرة لن تقبل أي تقسيم للدولة السودانية، خاصة في ظل الظروف القاسية التي تمر بها.

وأضاف أن تفعيل الاتفاقية بين مصر والسودان كرسالة واضحة ضد أي محاولات لزعزعة استقرار السودان، مشددا على أن حماية جريان النيل الأزرق واستمرار تدفق مياهه موقف مشترك بين مصر والسودان باعتباره شريان حياة للشعبين.

ولاقت تصريحات "فرج" ترحيبًا رسميًا من الحكومة السودانية، بينما أثارت نقاشًا واسعًا بين الكُتّاب والصحفيين السودانيين؛ بعضهم اعتبرها دعمًا إيجابيًا، وآخرون رأوا أنها تدخل مباشر في الشأن الداخلي السوداني.

ورغم هذا الحشد من الداعمين للجيش وحكومته في السودان كشفت حسابات استمرار الغدر الإماراتي من خلال الدعم العسكري المتواصل لقوات الدعم السريع الإماراتية.

والهدف بحسب آفي ديختر (وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق) كما قال عام 2008: "السودان بموارده ومساحته يمكن أن يصبح قوة مضافة للعرب إذا استقر، لذلك يجب ألا يُسمح له بأن يصبح قوة إضافية لمصر… السودان الضعيف والممزق أفضل لأمن إسرائيل".