مع تخفيض “المركزي” سعر الفائدة .. ترقب لانسحاب الأموال الساخنة ومزيد لارتفاعات الذهب والدولار

- ‎فيتقارير

يترقب مراقبون بمزيد من القلق انسحاب الأموال الساخنة، وارتفاع الذهب وسعر الصرف الدولار، بعد أن خفض البنك المركزي أسعار الفائدة خمس مرات متتالية بإجمالي 7.25%، ليصل معدل الإيداع إلى 20% والإقراض إلى 21%.

وهذا التوجه يعكس بحسب الإعلام المحلي رغبة في دعم الاستثمار والنمو بعد سنوات من التشديد النقدي، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام تحديات تتعلق بسعر الصرف، وتدفق الأموال الساخنة، وارتفاع أسعار الذهب.

واجتمعت لجنة السياسة النقدية في 25 ديسمبر 2025 ، وقررت خفض الفائدة بمقدار 1%، وهو الخفض الخامس خلال العام بعد قرارات في أبريل، مايو، وأغسطس، وأكتوبر، ووصل إجمالي الخفض منذ بداية العام إلى 7.25%، وهو أكبر تراجع منذ أكثر من 4 سنوات ونصف.

 

ويعني معنى القرار عمليًا

قرار خفض الفائدة، للاقتصاد والاستثمار، خفض تكلفة الاقتراض، وتشجيع التوسع، وتخفيف عبء خدمة الدين المحلي ولكنه يعني عمليا للمواطنين؛ تراجع عوائد المدخرات، مقابل تسهيل الحصول على قروض استهلاكية وعقارية.

 

ورغم أنه نظريا يعكس ثقة البنك المركزي في السيطرة على التضخم، ويهدف لتحفيز النمو إلا أن مخاطر محتملة منها أن انخفاض الفائدة يقلل جاذبية الجنيه، ما قد يضغط على العملة، إلا إذا استمرت التدفقات الدولارية من السياحة والتحويلات.

 

وقال المحلل المالي محمد عبدالعال (البنك المصري الخليجي): إن “الخفض يجب أن يكون تدريجيًا لتجنب ضغوط على الجنيه، وأنه إذا لم يقترن الخفض بإصلاحات إنتاجية، قد يعود التضخم للارتفاع، كما يؤثر على خروج الاستثمارات قصيرة الأجل قد يضعف الاحتياطي النقدي”.

فيما قال محللون آخرون: إن “استمرار التدفقات الدولارية قد يبقي سعر الصرف في نطاق 47–49 جنيه وبحسب “العربية Business ” فإن تأثير الخفض على الأموال الساخنة محدود مع تحسن التصنيف الائتماني”.

وعن سيناريو الاضطراب الداخلي يتوقع وصوله إلى 52–54 جنيه إذا زادت الضغوط على الاحتياطي بحسب الساخنة.

وقال الوزير السابق د. محمود محيي الدين: إن “الذهب انعكاس لثقة الناس في الاقتصاد، وخفض الفائدة يدفعهم للبحث عن أصول آمنة، ورغم طرح شهادات ادخار جديدة، كثير من المدخرين يتجهون إلى الذهب”.

والذهب يظل المستفيد الأكبر كملاذ آمن، بينما الجنيه قد يواجه ضغوط إذا لم تُعزز التدفقات الدولارية.

كما أنه له أثر اجتماعي حيث يرفع ارتفاع الذهب تكلفة الزواج (شبكة ومصوغات)،  وارتفاع الذهب بالفعل أدى إلى تراجع الإقبال على الزواج أو الاكتفاء بشبكات رمزية.

 

ورغم توقعات البنك المركزي انخفاض التضخم من متوسط 14% في 2025 إلى 11–12% في 2026، إلا أن محللين اعتبروها تقديرات متفائلة باعتبار استقرار أسعار الغذاء والطاقة إلا أن التوترات الجيوسياسية (المرجحة لبلد تحاصرها الأزمات من جهاتها الأربع) قد ترفع أسعار الطاقة والغذاء عالميًا.

وبلغ حجم الأموال الساخنة 30.9 مليار دولار حتى نوفمبر 2025، منها 9 مليارات قصيرة الأجل ومع قرار خفض الفائدة التالي والمتوقع في 2026 (600–700 نقطة أساس)، قد تتراجع جاذبية هذه الاستثمارات.

والتحدي الأكبر أمام الحكومة هو تقليل الاعتماد على الأموال الساخنة عبر تعزيز الاستثمار المباشر طويل الأجل، وضبط السياسات المالية لمواجهة التضخم.

وتساءل المجلس الثوري المصري @ERC_egy: “شهادات بنكية تقدر بتريليون ونصف جنيه سوف تنتهي في يناير ٢٠٢٦. الشهادات كانت تعطي فائدة ٢٧ % سنوياً و٢٣ % شهريا، حاليا بعد تخفيض الفائدة أصبحت أعلي شهادة ٣ سنوات بفائدة ١٧ %، فما مصير الترليون ونصف قيمة الشهادات عندما تنتهي؟ هل تستطيع الحكومة توفير هذه السيولة النقدية؟ ولو تحولت لشراء الذهب أو العقارات، كيف ستعيش الشريحة الكبيرة من المواطنين التي تستخدم فوائد الشهادات مدخل اضافي للأسرة؟”.

واعتبر مراقبون أن بيع الأصول لا يعالج السبب الجذري للأزمة المتمثل في ضعف الإنتاجية وتراجع الاستثمار المحلي، بحسب د. محمود محي الدين. وأن الركود التضخمي يعني أن الاقتصاد يعاني من ضعف النمو وارتفاع الأسعار في الوقت نفسه.

وخلص محللون إلى أن أدوات السياسة النقدية التقليدية مثل خفض الفائدة محدودة التأثير، لأن المشكلة ليست في “سعر المال” بل في “توفر المال”. المواطن لا يملك القدرة الشرائية الكافية، والشركات تواجه تكاليف إنتاج مرتفعة، ما يخلق حلقة مفرغة من الركود والتضخم.

ومقابل الديون والركود، اتجاه قوي من حكومة السيسي لحلول سريعة بمزيد من بيع الأصول لسداد الديون قد يبدو حلًا سريعًا، لكنه يحمل مخاطر استراتيجية، فهو يعني فقدان الدولة السيطرة على مواردها الأساسية، وتحويل ملكية مشروعات حيوية إلى أطراف خارجية، هذا يضعف قدرة الدولة على تحقيق التنمية المستدامة، ويجعلها رهينة لمصالح الدائنين.