لم يفت "حماس" وعلى لسان متحدثيها الإعلاميين الإشارة إلى أن الهدنة مهددة بسبب الخروقات الصهيونية المستمرة لها، وكان آخر هذه الإشارات ما أعلنه الناطق الإعلامي باسم الحركة في غزة حازم قاسم: "ملتزمون بتنفيذ المرحلة الثانية وخروقات الاحتلال تهدد الهدنة".
وعلق الكاتب الصحفي وائل قنديل على الخروقات المستمرة للاحتلال ضد غزة قائلا: "كل ما فعلته الوساطة شرم الشيخ أنها قيدت يد المقاومة، وجردتها من حق الرد، وأطلقت يد العدو في ارتكاب ما يشاء من جرائم»
ورأي وائل قنديل باختصار في مقال له عبر "العربي الجديد" أن "وساطة شرم الشيخ لم تحقق توازنًا أو ردعًا، بل أدت إلى تقييد المقاومة وتجريدها من حق الرد، بينما منحت الاحتلال حرية ارتكاب المزيد من الجرائم دون محاسبة".
وفي مقاله الأخير تناول "وائل قنديل" قضية الوساطة التي جرت في شرم الشيخ بخصوص العدوان على غزة، معتبرًا أنها لم تكن وساطة حقيقية بقدر ما كانت أداة لتكبيل المقاومة الفلسطينية، برأيه، الوساطة جاءت في إطار ضغوط دولية وإقليمية هدفها الأساسي وقف رد المقاومة، وليس وقف جرائم الاحتلال.
وأوضح قنديل أن الوساطة قيدت يد المقاومة، إذ جردتها من حقها المشروع في الرد على الانتهاكات المستمرة، بينما أطلقت يد الاحتلال ليواصل عملياته العسكرية بحرية كاملة، هذا الخلل في ميزان القوى جعل الاتفاق أقرب إلى "هدنة لصالح العدو"، حيث يظل الاحتلال قادرًا على فرض وقائع جديدة على الأرض، بينما المقاومة تُمنع من ممارسة حقها في الدفاع عن شعبها.
وأشار "قنديل" إلى أن مثل هذه الوساطات، التي تُدار غالبًا تحت مظلة أمريكية أو بضغط من قوى إقليمية، تتحول إلى وسيلة لإدارة الصراع لا لإنهائه، فهي لا تضع حدًا للجرائم، بل تمنح الاحتلال غطاءً سياسيًا لمواصلة اعتداءاته، مع تحميل المقاومة مسؤولية أي رد فعل، بهذا الشكل، تصبح الوساطة أداة لإدامة الوضع القائم، لا لتحقيق العدالة أو حماية المدنيين.
وانتقد "قنديل" ما أسماه "التجريد من حق الرد"، معتبرًا أن هذا الحق هو جوهر أي مقاومة مشروعة، وأن سلبه يعني عمليًا نزع سلاحها السياسي والعسكري. في المقابل، يرى أن الاحتلال يستفيد من هذه المعادلة ليُظهر نفسه أمام العالم كطرف ملتزم بالاتفاق، بينما يمارس على الأرض كل أشكال الانتهاكات.
وخلص "قنديل" إلى أن الوساطة في شرم الشيخ لم تكن سوى صفقة غير متكافئة، كرّست اختلال ميزان القوى، وأبقت غزة تحت رحمة الاحتلال، وهو ما يجعلها في نظره جزءًا من المشكلة لا من الحل.
الضامنون من بنها!
وبمعنى شعبي للتجاهل " من بنها "، قال الأكاديمي د.رضوان جاب الله لكم الله يا شعب الرباط #الضامنون_من_بنها_و_ترامب_من_أوكرانيا موضحا أن أهل غزة يقتلون من عدو غادر مجرم بدماء باردة واستكبار غير مسبوق وصلف سياسي وعسكري وصمت دولي وعجز عربي وإسلامي تام وحرب دعائية من إعلام شيطاني وكلها أكاذيب وافتراءات..
وأضاف دولة العدوان نقضت العهد بشكل متدرج منذ أول يوم وتجاوزت الخط الأحمر والأصفر والأخضر، فلا أدخلت المساعدات المتفق عليها بل وقتلت خلال الهدنة أكثر من 400 شهيد وألفين جريح ولم تفتح المعابر ولم تسمح بعودة السكان وعطلت معظم البنود ومجرد استلام آخر جثتين ستكون عادت للإبادة بشكلها السابق والأشد وحشية وبشاعة..".
وجه "السلام" الأمريكي
في مقاله بعنوان "الضامنون الصامتون: جرائم إسرائيل في غزة تكشف وجه السلام الأمريكي"، أوضح عزالدين الكومي أن ما يُسمى بوقف إطلاق النار لم يكن سوى هدنة شكلية استغلها الاحتلال لإعادة ترتيب صفوفه وتجديد ذخيرته، بينما ظل الشعب الفلسطيني في غزة يواجه القصف والقتل والدمار، ففي 22 نوفمبر 2025، حيث أعلن جيش الاحتلال اغتيال علاء الحديدي، أحد مسؤولي الإمداد العسكري في حماس، ضمن سلسلة غارات أودت بحياة 23 مدنيًا بينهم نساء وأطفال، في مشهد يعكس استمرار الجرائم رغم الاتفاق.
وأشار "الكومي" إلى أن هذه ليست حادثة معزولة، بل جزء من سياسة ممنهجة بدأت منذ وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر 2025، الذي كان برعاية أمريكية ومفترضًا أن ينهي حربًا أودت بحياة أكثر من 69 ألف فلسطيني، لكن الواقع أثبت العكس؛ إذ قُتل منذ ذلك التاريخ أكثر من 318 فلسطينيًا وأصيب 788 آخرون في هجمات عقابية تُبرر بانتهاكات مختلقة. أمثلة ذلك غارة أكتوبر التي قتلت 104 أشخاص بينهم 46 طفلًا، وغارات نوفمبر التي دمرت منازل ومدارس في خان يونس ونصيرات وغزة المدينة.
وأضاف أن هذه الجرائم، ليست عشوائية بل استراتيجية تهدف لإضعاف المقاومة وإبقاء الشعب في حالة خوف دائم، وتحويل الاتفاق إلى أداة لإدامة الاحتلال بلا عقاب. في المقابل، التزمت حماس بالاتفاق، فأفرجت عن 20 أسيرًا إسرائيليًا مقابل 250 فلسطينيًا، وواصلت مفاوضات القاهرة حول إعادة الإعمار، بينما الاحتلال صعّد الاغتيالات والغارات".
وانتقد الكاتب صمت الضامنين – أمريكا ومصر وقطر وتركيا – الذين وعدوا بضمان الالتزام، لكنهم تركوا الاحتلال يمارس الإرهاب المنظم ويمنع المساعدات، محولًا غزة إلى سجن مفتوح. ويؤكد أن صمت واشنطن، التي تنسق الهجمات وتوفر الغطاء السياسي، يكشف حقيقة "السلام الأمريكي" الذي يخدم إسرائيل وحده، بحسب المقال،.
وخلص المقال إلى أن استمرار هذا الوضع سيؤدي حتمًا إلى اندلاع حرب جديدة، حيث سيُحمّل الإعلام الغربي المسؤولية لحماس، رغم أنها التزمت بالاتفاق وفقدت ورقة الأسرى. هكذا يظهر أن الكيان الصهيوني لا يعيش إلا على إشعال الحروب، في ظل حماية أمريكية مطلقة، وأن السلام الحقيقي لن يأتي من وسطاء صامتين أو ضامن منحاز بالكامل لإسرائيل.
تهدد الهدنة
وفي ظهر 24 نوفمبر 2025 شدّد الناطق باسم حركة حماس، حازم قاسم، على أن أي قوات دولية يُقترح دخولها إلى قطاع غزة في إطار اتفاق وقف إطلاق النار يجب أن تُكلّف بمهمة الفصل بين المدنيين الفلسطينيين وجيش الاحتلال الذي يواصل اعتداءاته اليومية.
وأوضح قاسم في تصريحات له أن وجود وفد الحركة في القاهرة يؤكد جدّية حماس في التعاون مع الوسطاء للمضي نحو تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكداً أن مسارات هذه المرحلة معقدة، وأن الحركة أنجزت ما هو مطلوب منها مقابل استمرار الاحتلال في الخروقات والانتهاكات، وفق ما نقلته الجزيرة.
ونوّه إلى أن استمرار الاحتلال في تجاوزاته قد يعرّض اتفاق وقف إطلاق النار للانهيار، وهو ما نقلته الحركة بشكل واضح للوسطاء خلال محادثات القاهرة.
وأشار قاسم إلى أن جيش الاحتلال يواصل يومياً تحريك الخط الأصفر داخل القطاع في إطار سياسة الزحف البطيء، محذّراً من أن هذا السلوك يمسّ جوهر الاتفاق ويزيد من التوتر الميداني.
دعم صمود غزة
ومن جانب مواز، وبالأمس أيضا، دعا رئيس حركة حماس في غزة، خليل الحية، الأمة الإسلامية بمؤسساتها الخيرية وعلمائها إلى تحمّل مسئولياتهم في تعزيز صمود الفلسطينيين، والإسراع في إعادة إعمار قطاع غزة ليبقى "قلعة صامدة للأمة في طريق التحرير”.
وحذّر الحية من حجم التهديدات التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، وسط تصاعد الاقتحامات ومحاولات فرض التقسيم الزماني والمكاني.
وأكد أن معركة "طوفان الأقصى" أحدثت تحولًا لافتًا في الوعي العالمي، وأسهمت في كسر الرواية الصهيونية وتوسيع دائرة التضامن الدولي مع فلسطين، إلى جانب تعزيز مسار وحدة الأمة في مواجهة الأخطار المحدقة بها.
جاءت تصريحات الحية خلال كلمة مسجّلة شاركت بها الحركة في الاجتماع العام للجماعة الإسلامية بباكستان، الذي انعقد أمام منارة باكستان في مدينة لاهور، وحضره علماء وقادة وسياسيون من دول إسلامية عدة.
وعبّر الحية في كلمته عن تقدير حركة حماس العميق لباكستان قيادةً وشعبًا وجيشًا، مستذكرًا مواقف المؤسس محمد علي جناح المؤيدة لحق الفلسطينيين ورفضه منح الاحتلال أي شرعية على أرض فلسطين، كما أشاد بالعلامة محمد إقبال ودوره في ترسيخ الهوية الإسلامية وربطها بقضايا الأمة.
وأكد الحية أن فلسطين "أرض وقف إسلامي وملك للأمة كلها"، وأنها تتطلّع إلى دور باكستاني تاريخي في مسار تحريرها ونصرة القدس والأقصى.
وجدد رئيس حماس في غزة التأكيد على أن الحركة "لن تعترف بالكيان الصهيوني"، وأن الشعب الفلسطيني ومقاومته أفشلوا الأهداف التي أعلنها الاحتلال منذ بدء عدوانه على قطاع غزة.
وفي سياق متصل، عقد وفد من الحركة برئاسة مروان أبو راس لقاءات مع رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي، وقيادات من جماعات وأحزاب إسلامية من الدول المشاركة، إضافة إلى اجتماعات مع عدد من القيادات الكشميرية.