في نوفمبر 2025 صدّق عبد الفتاح السيسي على قانون الإجراءات الجنائية الجديد بعد موافقة البرلمان على التعديلات التي طلبها. وسيبدأ تطبيق "القانونط من 1 أكتوبر 2026، لإتاحة الوقت أمام القضاة والنيابة والمحامين لاستيعاب التعديلات.
وأبرز التعديلات التي تم الإعلان عنها
ضمانات إضافية للمتهمين: مثل تقييد الحبس الاحتياطي بزمن محدد وخضوعه للرقابة القضائية.
حماية المنازل: النص على عدم دخول أو تفتيش المنازل إلا بأمر قضائي مسبب.
حضور المحامين: تنظيم حضور المحامي أثناء استجواب المتهم، خاصة في الحالات التي يخشى فيها على حياته.
العدالة الرقمية: إدخال أدوات جديدة لتسريع الفصل في القضايا وتبسيط الإجراءات.
ويرى معارضون أن هذه التعديلات شكلية، وأن الواقع العملي يشهد استمرار الاعتقالات التعسفية، التدوير في القضايا، والحرمان من المحاكمات العادلة. لذلك يعتبرون أن الحديث عن "ضمانات جديدة" لا يغير من حقيقة القمع السياسي والحقوقي.
وتسوق الشركة المتحدة للإعلام المحلي القانون الجديد أنه إصلاح تشريعي يعزز العدالة، لكن هناك شكوك أو ربما تأكيدات واسعة حول تطبيقه الفعلي، خاصة مع استمرار الممارسات الأمنية التي تتعارض مع نصوص الدستور والمواثيق الدولية. لذلك يرى منتقدون أن التصديق ليس إلا محاولة لإظهار صورة إصلاحية أمام الداخل والخارج، بينما الواقع على الأرض يظل مختلفًا.
التعديلات لم تغير الواقع
وبحسب حقوقيين لم تؤد التعديلات لتلافي الاعتراضات على عدد منها، والتي كان أبرزها تعديل المادة 105 لتسمح للنيابة باستجواب متهم دون حضور محامي، في حالات بعينها، أسوة بسماح المادة 64 لمأموري الضبط القضائي بالاستجواب دون حضور محامي، بالمخالفة للدستور، ما جدد الاعتراضات الحقوقية على القانون.
وواجه القانون منذ البداية اعتراضات قانونية وحقوقية وبرلمانية واسعة، تضمنت نقابة المحامين والصحفيين. لمخالفة عدد من مواده للدستور، فضلًا عن عدم تعامله مع أزمة طول الحبس الاحتياطي وتدوير المتهمين. بخلاف إهداره بعض ضمانات حق المتهم والدفاع أثناء التحقي. والتي تخطاها مجلس النواب بفضل أغلبيته الموالية للدولة، رغم مخالفة مشروع القانون لتوصيات الحوار الوطني الذي رعته الدولة.
وقال عضو بالمجلس القومي لحقوق الإنسان لـ«مدى مصر» إن الجهات الأمنية. خاصة وزارة الداخلية، كانت حريصة على أن يخرج القانون أقرب لشكله الذي أُعِد به في 2017. وما تضمنته من مناخ تضييق أمني، وذلك رغم تحفظات جهات أمنية أخرى على هذا الطرح. وطلبها أن يُعدل ليناسب حالة الإصلاحات الحقوقية التي يروج لها النظام.
وفي 21 أكتوبر الماضين صدرت مذكرة من (المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة) رفعتها إلى حكومة السيسي، في أعقاب تبني مخرجات الاستعراض الدوري الشامل للملف الحقوقي المصري، الذي تلقت فيه مصر توصيات بإصلاحات حقوقية من 137 دولة.
وحددت إجراءات واضحة للتصدي لطائفة من الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في مصر، خاصة في مجالات العدالة الجنائية، والقيود على المجال العام، والإنفاق الاجتماعي، وحقوق النساء؛ فضلاً عن تكرار المطالبة بإعادة النظر في قانون الإجراءات الجنائية الجديد.
وشددت المفوضية الأممية في مذكرتها على ضرورة مراجعة تعريف جريمة التعذيب بما يتوافق مع الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وكذلك تعديل تعريف "الإرهاب ومراجعة تشريعات مكافحته بما يتوافق مع المعايير الدولية، وإنهاء ممارسات الاختفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة، بالإضافة إلى ضمان الرقابة على كافة أماكن الاحتجاز.
ودعت الحكومة المصرية لتنفيذ التزامها بتقليص عدد الجرائم المعاقب عليها بعقوبة الإعدام، وضمان ألا تطبق هذه العقوبة إلا على "أشد الجرائم خطورة" وفقًا للالتزامات الدولية لمصر، وشجعت مصر على التحرك التدريجي وصولًا إلى الإلغاء الكامل لعقوبة الإعدام.
وخصت المذكرة بالذكر مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، حيث كررت المفوضية السامية مطالبتها للحكومة المصرية بإعادة النظر كليًا في مشروع القانون، لضمان توافقه مع التزامات مصر الدولية.
وهي التوصية التي تجاهلتها الحكومة المصرية ومجلس النواب عند تصويتهم للمرة الثانية على تعديلات محدودة للقانون، تلتف حول الضمانات الدستورية الأساسية بشأن الحق في الدفاع حتى في المواد القليلة التي أعيدت صياغتها بحسب لمذكرة الأمم المتحدة.
وأشارت المفوضية السامية إلى الإفراج عن عدد من المحتجزين باتهامات متعلقة بالإرهاب ورفع بعض الأسماء من قوائم الإرهابيين.، وتلك الإشادة جاءت مقرونة بتأكيدٍ على أن التحسينات الجزئية لا تغير واقع الاستخدام الواسع لاتهامات الإرهاب ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والصحفيين. ودعت المفوضية إلى ضمان حرية عمل المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني، والإفراج عن جميع المحتجزين تعسفيًا بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم.
تدوير واعتقالات وإخفاء
وفي نفس يوم تصديق السيسي على "قانونه" للإجراءات الجنائية، يبقى الوضع على ما هو عليه، ففي محافظة واحدة (الشرقية) تجمعت كل الجرائم والانتهاكات الحقوقي التي يدعى اللجان والإعلام المحلي أنها عدلت، حيث في الأربعاء جرى التحقيق في نيابة منيا القمح الجزئية مع كل من: أحمد يحيي جوده، ومحمد رشدي عبدالمنعم بدر، بعد اختفائهما لمدة 50 يومًا، وقررت النيابة حبسهما 15 يومًا على ذمة التحقيقات، وإيداعهما مركز شرطة منيا القمح.
وأمام نيابة الزقازيق الجزئية جرى التحقيق مع عمار الغمري من الزقازيق، بعد اختفائه لمدة ٣٥ يومًا، وقررت النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات، إيداعه قسم شرطة ثان الزقازيق.
كما حققت نيابة الزقازيق الجزئية قبل 24 ساعة مع كلٍّ من:
1. محمد عبدالحميد دهبية – النكارية، الزقازيق
2. خالد فاروق – كفر أباظة
3. نادر أحمد حسن – كفر أباظة
4. أحمد فتحي عطوة – كفر أباظة
بعد اختفائهم لمدة 35 يومًا، وقررت النيابة حبسهم 15 يومًا على ذمة التحقيقات، وإيداعهم مركز شرطة الزقازيق.
وهو ما حدث أيضا، مع "المعتصم بالله سعيد" في نيابة الإبراهيمية الجزئية، بعد اختفائه لما يقارب 55 يومًا عقب صدور قرار بإخلاء سبيله.
وقرر النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات، وقد تم إيداعه مركز شرطة الإبراهيمية.
وضمن تدوير المعتقلين، وصلت المحاضر المجمعة بالشرقية فقط إلى المحضر رقم 191 التحقيق مع ثلاثة معتقلين جدد أمام نيابة الزقازيق الكلية، ليصبح إجمالي المعروضين على ذمة هذا المحضر ستة معتقلين، وهم:
1. ………….. – منيا القمح
2. هيثم مسعد عبد العظيم إبراهيم – بلبيس
3. مصعب فوزي عبد الواحد إسماعيل – بلبيس
4. خالد محمد أيوب – كفر صقر
5. أحمد محمد محمد السيد خليل – كفر صقر
6. عبد الرحمن العربي – أبو حماد
وقررت النيابة حبسهم 15 يومًا على ذمة التحقيقات، وتم إيداعهم مركز شرطة منيا القمح.