يقبع بسجونه رغم انتهاء محكوميته .. سلطان بن كايد القاسمي أمير إماراتي ينتقم منه “بن زايد”

- ‎فيعربي ودولي

الشيخ د.سلطان بن كايد القاسمي، أحد أبرز دعاة الإصلاح في الإمارات، وأبرز المعتقلين السياسيين في سجن الرزين أشرس سجون أبو ظبي التي دشنها محمد بن زايد رئيس الإمارات منذ كان وليا للعهد، وعبّر "بن كايد" نجل شقيق حاكم رأس الخيمة (أحد أكبر الإمارات السبع) الشيخ صقر القاسمي في كتاباته وخطاباته قبل اعتقاله عن رؤية وطنية تقوم على احترام الدستور، تعزيز الحقوق، والتمسك بالهوية الإسلامية والعربية. إليك أبرز ما قاله وكتبه:

وتبنى الشيخ سلطان بن كايد القاسمي قبل اعتقاله في أبريل 2012 الدعوة إلى الإصلاح الدستوري والسياسي وقال: "نحن نطالب بالإصلاح من داخل النظام، وفقًا للدستور الذي أقره الآباء المؤسسون، لا من خارجه."

وكان يؤمن بأن الإمارات بحاجة إلى تفعيل المؤسسات الدستورية، خصوصًا المجلس الوطني الاتحادي، ليكون له صلاحيات تشريعية ورقابية حقيقية.

ودعا "بن كايد" إلى التمسك بالهوية الإسلامية والعربية قائلا: "الهوية ليست شعارًا، بل ممارسة يومية في التعليم والإعلام والثقافة والسياسة."، داعيا إلى حماية الهوية الثقافية والدينية من التغريب، واعتبر أن الحفاظ على القيم الإسلامية هو أساس الاستقرار الاجتماعي.

كما أعلن عن رفض التبعية السياسية معتبرا أن "السيادة الوطنية لا تُجزأ، ولا تُباع، ولا تُستبدل بمصالح آنية."، كما انتقد ما اعتبره تبعية لبعض السياسات الخارجية، ودعا إلى استقلالية القرار الإماراتي بما يخدم مصالح الشعب.

وأكد بن كايد في كتاباته على العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان قائلا: "لا يمكن أن نكون دولة متقدمة دون احترام حقوق الإنسان، وضمان العدالة والمساواة." في إطار تحسين التعليم، الصحة، ومستوى المعيشة، وربط ذلك بجذب الاستثمار والسياحة.

وشدد الشيخ القاسمي على الوحدة الوطنية وأن "الوطن ليس ملكًا لفئة، بل هو بيت الجميع، ولا يُبنى إلا بالتسامح والعدل." داعيا إلى  تعزيز اللحمة الوطنية، ورفض الإقصاء أو التمييز على أساس الفكر أو الانتماء.

ورغم أن معظم كتاباته لم تُنشر رسميًا بعد اعتقاله، إلا أن خطابه الإصلاحي كان واضحًا في بيانات جمعية الإصلاح التي ترأسها، وفي مقابلاته ومشاركاته العامة قبل 2012. وقد وثقت منظمات حقوقية مثل "مركز مناصرة معتقلي الإمارات" و"منّا لحقوق الإنسان" بعضًا من أفكاره ومواقفه.

تدوير سياسي للإماراتيين

واعتقل "بن زايد" في 2012 نحو 94 معتقلا من أبناء الإمارات وسحب جناسي بعضهم عقابا لهم على ما طالب به الشيخ سلطان بن كايد كونهم مقربون منه وأعضاء بجمعية الإصلاح برأس الخيمة التي كان يرأسها قبل اعتقاله تعسفيا.

سلطان بن كايد القاسمي لا يزال معتقلًا في الإمارات رغم انتهاء محكوميته منذ عام 2022، وقد أُعيدت محاكمته بتهم جديدة ضمن قضية "الإمارات 87"، وسط مطالب حقوقية دولية بالإفراج عنه، في ظل صمت رسمي إماراتي بقيادة محمد بن زايد.

وفي 7 ديسمبر 2023، بدأت محاكمة جماعية جديدة أمام محكمة الاستئناف الاتحادية في أبو ظبي، شملت سلطان بن كايد ضمن ما يُعرف بـ "قضية الإمارات 87"، حيث وُجهت له تهم إرهابية جديدة رغم أنه أنهى محكوميته الأصلية في أبريل 2022.

 

وفي مارس 2023، أصدر فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي رأيًا رسميًا يعتبر أن استمرار احتجازه تعسفي وينتهك القانون الدولي.

 

وأكدت تقارير حقوقية أن إعادة محاكمته تهدف إلى منع الإفراج عنه، ضمن سياسة ممنهجة لإسكات الأصوات الإصلاحية.

ولم تُنشر تفاصيل كثيرة عن أفراد عائلته مؤخرًا، لكن تقارير سابقة أشارت إلى أن علاقته كانت متوترة مع بعض أفراد الأسرة الحاكمة في رأس الخيمة، خاصة بعد مطالبته بإصلاحات سياسية.

 

يُذكر أنه ابن عم حاكم رأس الخيمة الحالي، الشيخ سعود بن صقر القاسمي، ما يجعل قضيته شديدة الحساسية داخل العائلة الحاكمة.

وبصفته رئيس دولة الإمارات والقائد الفعلي للسياسات الأمنية، فإن استمرار اعتقال سلطان بن كايد يُنظر إليه من قبل منظمات حقوقية على أنه انعكاس لنهج الدولة في قمع المعارضة السلمية.

 

قضية سلطان بن كايد القاسمي أصبحت رمزًا للاعتقال السياسي في الإمارات، وتثير تساؤلات دولية حول التزام الدولة بحقوق الإنسان، في وقت تسعى فيه لتعزيز صورتها عالميًا.

 

هل ترغب أن أساعدك في صياغة بيان أو مقال حقوقي حول قضيته؟ يمكنني إعداد مسودة لك.

وفي مارس 2023، أصدر فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي رأيًا يعتبر أن احتجازه ينتهك القانون الدولي لاسيما وأنه تبنى خطابًا إصلاحيًا يدعو إلى العودة إلى مبادئ الدستور الإماراتي، وتعزيز الوحدة الوطنية، والعدالة الاجتماعية.

ويرى أن الشيوخ يجب أن يكونوا في صف الشعب، وأن المواطنة تعني الحفاظ على كرامة الإنسان وحقوقه.

عاشق القرآن

وقال عنه الصحفي الفلسطيني "نظام المهداوي" أنه كان يُلقَّب في الإمارات بـ"عاشق القرآن" لشدة حرصه على فتح دور التحفيظ في مختلف الإمارات، وهذا ليس كل شيء ممّا يميّز هذا الرجل الفاضل؛ فلم ألتقِ به شخصيًا، لكنني وجدتُ نفسي مُقحَمًا في قضيته، وأُحاكَم كأني «شاهد ما شفش حاجة»، رغم أنّني فلسطيني مهاجر إلى أمريكا منذ ثلاثة عقود، ولم تطأ قدماي أرض الإمارات يومًا.

وابتُعث القاسمي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث نال درجة الماجستير في تخطيط المناهج والتنمية البشرية من جامعة جورج واشنطن عام 1990 بتقدير امتياز. ثم واصل دراساته العليا في المملكة المتحدة، فتحصّل على درجة الدكتوراه في السياسة التعليمية والتنمية الوطنية من جامعة مانشستر عام 1997. وتولّى الإشراف على المناهج التعليمية، ثم شغل منصب رئيس جامعة الاتحاد.

 

كما كان يرأس جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي، التي تأسست في إمارة دبي عام 1974 بمباركة حكام الإمارات آنذاك، بهدف ترسيخ قيم الإصلاح الإسلامي والاجتماعي والحفاظ على الأخلاق والقيم في المجتمع الإماراتي.

 

لكن ما لبث بعد موت زايد أن جُرّم جميع أعضائها دون ذنب أو مخالفة، بعد أن قرر محمد بن زايد توجيه ضربة استباقية بحبس كلّ أحرار الإمارات الذين قد يعارضون سياساته، فاعتُقل نحو 300 شخص، وهو رقمٌ كبير مقارنة بتعداد سكان الإمارات.

 

وهكذا أُهينت القواسم، واعتُقل ابن عمّهم الشيخ سلطان، ووُضع في حبسٍ انفرادي يتعرض فيه لأصناف من المعاملة القاسية، دون أن يتدخل شيوخ القواسم، وكأنهم مجرد خدم عند ابن زايد، رغم أنهم أصحاب تاريخ راسخ في المنطقة.

 

في نظر كثيرين، القاسمي فخرٌ للإماراتيين، لكنه سيبقى في معتقله ما دام ابن زايد في السلطة مع أنه الأولى أن يكون حاكماً للإمارات بسبب علمه وتدينه وحفاظه على القيم الإسلامية والعربية والإنسانية والتربية.