الدولة تجبي مرتين: ضرائب على الشركات والمواطن معًا.. وموجة جديدة من إغلاق هواتف المصريين بذريعة "تحصيل رسوم الدولة" في مشهد جديد من فوضى الجباية التي تضرب الأسواق المصرية، تلقّى عشرات الآلاف من مستخدمي الهواتف المحمولة خلال اليومين الماضيين إنذارات من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات تهدد بإغلاق نحو 60 ألف هاتف، بحجة عدم سداد الرسوم المفروضة على الأجهزة غير المسجلة. لكن خلف هذه الإنذارات، تتكشف حلقة جديدة من تحصيل الضرائب مرتين؛ مرة من الشركات المستوردة والموزعة، ومرة أخرى من المواطن البسيط الذي يدفع من جيبه ثمن العجز الحكومي وسوء الإدارة. محمد طلعت، رئيس شعبة المحمول باتحاد الغرف التجارية، أكد لـ"مدى مصر" أن ما يحدث هو "قرارات غير مكتوبة ولا معلنة"، مضيفًا: > "منذ بداية الأزمة لم نتلق أي قرار رسمي أو إخطار واضح.. كل التعليمات شفهية، والجهاز لا يرد على أحد". ويشير طلعت إلى أن التجار فوجئوا بإنذارات إغلاق عشرات الآلاف من الأجهزة، رغم أنها حصلت على إعفاء ضريبي رسمي عبر تطبيق "تليفوني" التابع للجهاز ذاته، ليتضح لاحقًا أن هذا الإعفاء تم إلغاؤه بأثر رجعي، في خطوة وصفها التجار بأنها سابقة خطيرة تفتقر للشفافية وتضرب الثقة بين المواطن والدولة. أما وليد رمضان، نائب رئيس الشعبة، فاعتبر أن الجهاز لجأ إلى تحصيل جديد للرسوم من الأجهزة التي سبق بيعها منذ شهور، مؤكدًا أن القرار المفاجئ أدى إلى خسائر فادحة للتجار والمستهلكين، قائلاً: > "الحكومة كأنها بتفرض الضريبة مرتين.. مرة على الشركات اللي دفعت الجمارك والضرائب، ومرة تانية على المواطن اللي اشتري الجهاز بالفعل". في المقابل، دافع المتحدث باسم الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، محمد إبراهيم، عن الخطوة، مؤكدًا أن "القواعد واضحة منذ بداية العام"، وأن تطبيق "تليفوني" لا يُعتد به قانونيًا ولا يعفي من الرسوم، مشددًا على أن ما يُحصَّل هو "أموال دولة لا يجوز التنازل عنها". لكن هذه التصريحات لم تُقنع المتضررين، خاصة بعد أن تكررت أزمات الإغلاق، إذ سبق للجهاز أن أوقف في يوليو الماضي نحو 60 ألف هاتف بدعوى الاشتباه في التلاعب، قبل أن يعيد تشغيل 47 ألفًا منها بعد التحقق من مشروعية الإعفاءات، فيما اعترف بوجود نحو 13 ألف جهاز فقط حصل على الإعفاء بطريقة غير قانونية. المفارقة، أن الحكومة التي تعلن ليل نهار عن "التحول الرقمي"، تواصل ممارسة سياجسات الجباية العشوائية، دون أن توضح للمواطن أين تذهب هذه الأموال، ولماذا يتحمل هو دومًا كلفة فوضى القرارات. فالمواطن يدفع الضريبة حين يشتري، ويدفعها مجددًا حين يُطلب منه "إثبات" أنه دفعها. وهكذا، تتحول المنظومة الضريبية في مصر إلى أداة لتحصيل مزدوج لا يعرف الشفافية ولا العدالة، فيما يُترك المواطن — وحده — في