قانون العمل الجديد يحابى المستثمرين.. عمال بلا تأمين ولا حد أدنى: شبه دولة السيسي تترك القطاع الخاص في فوضى “النفوذ والمال”

- ‎فيتقارير

 

في الوقت الذي تحكم فيه السلطة قبضتها على الفضاء العام، تواصل حكومة الانقلاب تجاهل معاناة الملايين من العاملين في القطاع الخاص، الذين يُتركون لمصيرهم بلا تأمين اجتماعي، ولا حد أدنى للأجور، ولا حتى وظائف دائمة تضمن لهم الحد الأدنى من الاستقرار.

 

فأصحاب الأعمال الكبار، من أمثال نجيب ساويرس ومحمد أبو العينين وهشام طلعت مصطفى وغيرهم، يتمتعون بنفوذ واسع يجعل وزارة التضامن الاجتماعي، بل وسائر أجهزة الدولة، عاجزة عن إخضاعهم لأي رقابة حقيقية. وفي ظل ما يسميه السيسي “شبه الدولة”، أصبحت القوانين تُفصَّل لحماية أصحاب المصالح، بينما تُترك الطبقة العاملة فريسة للاستغلال.

 

تمييز حتى في حضانة الأطفال

 

لم يسلم حتى الجانب الإنساني من التشريعات الجديدة من هذا الخلل. فمشروع القانون لم ينظر إلى الحضانة باعتبارها حقًا مشتركًا بين العاملين والعاملات، إذ نص على إلزام صاحب العمل بإنشاء حضانة لأبناء العاملات فقط، متجاهلًا أن حضانة الأطفال ليست قاصرة على الأمهات. وهو ما يكشف عقلية تشريعية تقليدية، لا تراعي التطور الاجتماعي ولا العدالة بين الجنسين داخل بيئة العمل.

 

باب خلفي لعمالة الأطفال

 

وفيما يخص حماية الطفولة، فتحت الحكومة بابًا خلفيًا لعمالة الأطفال عبر مشروع القانون نفسه.

فبينما نصت المادة على حظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم سن الخامسة عشرة، سمحت بتدريبهم بدءًا من سن الثالثة عشرة “بما لا يعوقهم عن التعليم”، دون أي تحديد لآلية تضمن عدم استغلالهم.

 

الأخطر أن القانون استحدث مصطلح “المتدرّج”، وهو من يتراوح عمره بين 14 و18 عامًا، ويُفترض أن يعمل لتعلم مهنة أو صنعة. لكن النص سمح لأصحاب الأعمال بدفع رواتب أقل من الحد الأدنى للأجور في بداية فترة التدريب، على أن تزداد تدريجيًا. وهو ما يعني عمليًا تقنين عمالة الأطفال من سن 13 إلى 18 عامًا، مع إعفاء أرباب العمل من أي التزام حقيقي تجاههم.

 

 

غياب الدولة… وحضور رأس المال

 

بينما يرفع النظام شعارات “حماية الفقراء” و“العدالة الاجتماعية”، تتكشف حقيقة أكثر قسوة:

الدولة غائبة تمامًا عن رقابة سوق العمل، وتتركه رهينة لسطوة رجال الأعمال الذين يتصرفون كأنهم فوق القانون.

 

القوانين تُفصّل لخدمتهم، والتشريعات تفتح لهم الثغرات، فيما ملايين العمال بلا أمان وظيفي، ولا ضمان اجتماعي، ولا صوت يُسمع لهم في دولة تُدار لمصلحة أصحاب النفوذ

 

 

في ظل حكم السيسي، لا تتشكل “دولة العدالة”، بل “دولة رجال الأعمال”، حيث يُكافأ النفوذ ويُعاقب الضعفاء بالصمت والتهميش.