إفراجات محدودة لعدد من المعتقلين تخلو من الاسلاميين..تجميل لنظام غارق فى القمع وسط ضجيج إعلامي

- ‎فيحريات

إفراجات محدودة في سجون الانقلاب … نظام السيسي يواصل سياسة “المنّة”

 

وسط عشرات الآلاف من المعتقلين في مشهد متكرر لا يحمل جديدًا سوى استمرار الخداع السياسي، أعلنت النيابة المصرية، الثلاثاء، قائمة جديدة لإخلاء سبيل عدد محدود من المعتقلين السياسيين، ضمن ما يصفه نظام السفاح عبد الفتاح السيسي بسياسة “العفو الرئاسي” بينما يقبع عشرات الآلاف من المصريين خلف القضبان لمجرد التعبير عن الرأي، أو كتابة منشور على مواقع التواصل ينتقد الفساد أو تردي الأوضاع المعيشية.

 

 ورغم أن السلطة تسوّق هذه الإفراجات على أنها “انفراجة حقوقية”، إلا أن المنظمات الحقوقية ترى فيها مجرد محاولة تجميل لوجه نظام غارق في القمع، يستخدم سلاح الاعتقال كسوطٍ لتكميم كل الأصوات، بما في ذلك بعض مؤيدي 30 يونيو الذين طالهم القمع لمجرد انتقاد بسيط لأداء الحكومة. إفراجات انتقائية ورسائل للخارج القائمة الجديدة التي كشف عنها المحامي الحقوقي خالد علي شملت أسماءً محدودة لا تتجاوز أصابع اليدين، مثل حاتم السيد رشدي عبد اللطيف، ورضا محمد مبروك، ومجدي كامل محروس، وآخرين.

 

وهي قوائم انتقائية تخرج من أروقة السجون بين الحين والآخر، لتُستخدم كورقة علاقات عامة أمام المجتمع الدولي، خصوصًا مع اقتراب استحقاقات أو ضغوط خارجية.

 

وفي الوقت الذي يروّج فيه النظام لما يسمى بـ"اللجنة الرئاسية للعفو"، تؤكد المنظمات الحقوقية المحلية والدولية أن الإفراجات لا تتجاوز كونها فردية وموسمية، لا تمسّ جذور الأزمة المتمثلة في استمرار الحبس الاحتياطي لسنوات بلا محاكمة، والتوسع في تهم “الانتماء لجماعة إرهابية” لتشمل كل من يعارض النظام.

 

السيسي.. عدو الإسلاميين والخصوم جميعًا

وكعادته، لم يُظهر السفاح السيسي أي نية للإفراج عن الإسلاميين، رغم مرور أكثر من عقد على انقلابه الدموي.

 

فالرجل الذي يفاخر بأنه “خلّص مصر من الإخوان”، لا يزال يحتجز آلاف الدعاة والأطباء والمهندسين لمجرد انتمائهم أو تعاطفهم مع تيار إسلامي.

 

حتى من نجا من المقصلة أو السجن، يعيش تحت تهديد دائم بالملاحقة أو المنع من السفر أو تجميد الأموال.

 

 انتقادات دولية متصاعدة الإفراج المحدود جاء بالتزامن مع مذكرة جديدة من المفوضية السامية لحقوق الإنسان، انتقدت فيها سجل مصر الحقوقي بعد الاستعراض الدوري الشامل بجنيف، مشيرة إلى أن “الإصلاحات الجزئية” لا تغيّر واقع الانتهاكات البنيوية.

 

 وطالبت المفوضية بمراجعة تعريفات الإرهاب والتعذيب، ووقف الإخفاء القسري وسوء المعاملة، وتقليص جرائم الإعدام التي تتوسع فيها المحاكم العسكرية والاستثنائية. كما شجعت مصر على إلغاء عقوبة الإعدام تدريجيًا، وضمان حرية عمل المجتمع المدني ووقف ملاحقة الصحافيين والمدافعين عن الحقوق.

 

 إصلاحات على الورق وقوانين تلتف على الدستور

 

ورغم تعهد الحكومة بتنفيذ 265 توصية أممية من أصل 343، تجاهلت السلطة مطلبًا جوهريًا بإعادة النظر في قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي صوّت عليه مجلس النواب الأسبوع الماضي، متجاهلاً الضمانات الدستورية للحق في الدفاع والمحاكمة العادلة.

 

 المنظمات الحقوقية، وفي مقدمتها "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، وصفت هذه التعديلات بأنها “التفاف تشريعي” يكرّس القمع في ثوب قانوني، ويمنح الأجهزة الأمنية غطاءً لاستمرار سياسة القبضة الحديدية. عفو وهمي وقهر مستمر في النهاية، يرى المراقبون أن ما يفعله النظام ليس سوى محاولة لغسل سمعته الحقوقية الملطخة بالدم والانتهاكات. فإفراجات العشرات لا تُغير من حقيقة أن مصر تحولت في عهد السيسي إلى سجن كبير، تُدار فيه العدالة من داخل المكاتب الأمنية، وتُوزن فيه الحريات بميزان الولاء والطاعة.

 

وبينما يخرج البعض من الزنازين وسط ضجيج إعلام النظام، يبقى عشرات الآلاف خلف القضبان، لأن تهمتهم الوحيدة أنهم قالوا “لا” في زمنٍ لا يُسمح فيه إلا بـ“نعم يا ريس”. —