فى زمن الانقلاب الدموى انتشرت جرائم القتل والعنف بين الأزواج وتزايدت معدلات الطلاق بصورة غير مسبوقة وأصبح الزوج يقتل زوجته لأتفه الأسباب، وكذلك قد تقتل الزوجة زوجها ويتم توصيف هذه الجرائم بأنها ناشئة عن خلل او مرض نفسي.
ورغم أن التحقيقات تزعم ان الأهالي يدركون منذ البداية ان هناك خللا بابنهم أو ابنتهم ولم يعالجوه بحجة أن الزواج سيغير هذا السلوك إلا أن حكومة الانقلاب تتجاهل الأسباب الأساسية لهذه الأزمة والمتمثلة فى الارتفاع الجنونى فى الأسعار وانهيار الوضع الاقتصادى وتراجع مستوى المعيشة لدرجة أن أكثر من 65% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولى .
ولا تكتفى حكومة الانقلاب بتجاهل الأسباب الأساسية بل تُريد أن تفرض على الشباب المقبل على الزواج إجراء كشف نفسى والخضوع لجلسات ارشاد زواجى وفى هذا السياق طالب مجلس نواب السيسي بحل هذه المشكلة من وجهة نظره بضرورة أن يشمل الكشف الطبي قبل الزواج عددا من الجلسات النفسية مع متخصصين في العلاقات الأسرية وأن يكون هناك تقارير تثبت أهلية المقدمين على الزواج نفسيا وعقليا تفاديا لحوادث العنف الأسري والطلاق وفق تعبيره .
كانت وزارة التضامن الاجتماعي بحكومة الانقلاب قد اعترفت بأن 38% من حالات الطلاق تحدث في أول 3 سنوات من الزواج، مشيرة إلى أنها ظاهرة سلبية ومن القضايا المهمة التي يجب الانتباه لها،
وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء سجلت أعلى نسبة طلاق فى الفئة العمرية (من 30 إلى أقل من 35 سنة) حيث بلغ عدد الإشهادات بها 46094 إشهاداً بنسبة 20,4٪، بينما سجلت أقل نسبة طلاق في الفئة العمرية (من 18 إلى أقل من 20 سنة) حيث بلغ عدد الإشهادات بها 441 إشهاداً بنسبة 0,2 ٪ من جملة الإشهادات.
كشف نفسي
فى هذا السياق طالبت الاستشاري النفسي الدكتورة ميرفت العماري، بضرورة أن يتضمن الكشف الطبي للمقبلين على الزواج توقيع كشف نفسي ايضا، مشيرة إلى ضرورة أن يكون هذا الكشف بمثابة مشروع قومي تتبناه الأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة صحة الانقلاب لأن الأسرة هي صمام أمان المجتمع.
وقالت "ميرفت العماري" فى تصريحات صحفية إن الطبيب النفسي ليس دوره أن يقول لأحد الشركاء اترك شريكك بل يجعل كل شريك يدير أفكاره ويتعامل مع الأشياء بشكل مختلف عن تفكيره المتبع ويعرف هل هناك توافق أم لا ؟.
وأرجعت معظم مشاكل الشباب التي تؤدي الي الطلاق والانفصال إلى محاولات "التجمل" والتصنع قبل الزواج وأثناء فترة الخطوبة، موضحة أن كل طرف يجمل نفسه ولا يظهر عيوبه في فترة التعارف والخطوبة ، وهناك من يراهن على التغير بعد الزواج لكن هذا معتقد خاطئ لأنه لا أحد يتغير .
وأكدت "ميرفت العماري" أن غالبية من يتزوجون حديثا لا يعرفون شيئا عن المسئولية، لافتة إلى أن البنت تفكر في الزواج على أنه فستان الفرح والقاعة وشهر العسل، والشاب لا يعي حجم المسئولية التي تقع على عاتقه من تحمل نفقات للمنزل وشريكته وأبنائه.
واعتبرت أن فكرة الدعم النفسي للمقبلين على الزواج التى تتعلق بأمن الأسرة المصرية يلزمه مشروع قانون يتم دعمه من خلال المجتمع وعمل حوار مجتمعي للاستفادة من كل الآراء، مشددة على أن رأي كل مواطن مهم لرخاء الشعوب .
العالم الافتراضي
وقال اخصائي الطب النفسي، الدكتور أحمد حجاج، إن التغيرات التكنولوجية والعالم الافتراضي جعلت الشباب يغفلون عن الأشياء المهمة جدا والمعتقدات الصحيحة ويلجأون إلى الشكليات عند اختيار شريك الحياة، وتقليد ما يحدث فى العالم الافتراضي وعند احتكاكهم بالعالم الواقعي ومؤسسة الزواج الحقيقية تحدث المشاكل.
وأضاف "حجاج"، فى تصريحات صحفية : ان لجوء الشباب إلى جلسات الإرشاد النفسى محدود جدا وبالتالى دور هذا الإرشاد فى حل مشاكل الزواج محدود أيضا، موضحا أنه بفرض أن هناك 50 حالة حجزت جلسات إرشاد زواجي أو كما يتم تسمتها عصريا بـ"كابلز ثيرابي" فهناك 5 حالات فقط تستمر فى حين أن الغالبية تكون خائفة من ضياع الشريك عند مواجهته بالخلل وبالتالى يقومون بمعالجة الأمر بشكل سطحي ثم يفاجأون بنفس السلوك يحدث بعد ذلك .
وأكد أن من يستمرون فى جلسات الإرشاد ينجحون فى مواجهة شركائهم بشكل حاسم، موضحا أن البعض يتصور أنه لو لم يتوصل الي توافق وأرضية مشتركة فانه لن يستكمل مشروع الزواج وهذا هو القرار الصائب ومن يقوم به يكون تفكيره عقلانيا منذ البداية وليس عاطفيا .
نمط حياة
وأشار "حجاج" إلى أنه يذهب اسبوعيا الي مركز "أوسيم" بمدينة الجيزة ويلاحظ انتشار "الحالات النفسية" بأعداد رهيبة من تحرش وقتل زوجات يقوم بها مرضى نفسيون لديهم مشاكل رهيبة مقارنة بمناطق أخرى يقوم بزيارتها مثل القناطر الخيرية وشبرا الخيمة والدمرداش، موضحا أنه بصدد عمل دراسة على منطقة أوسيم التي تعاني من نمط حياة وتربية خاطئين ويتم رصد عدد من الجرائم بها.
وكشف أن هناك بعض الأزواج يرفضون رغبة الزوجة أو المخطوبة في الذهاب الي الطبيب النفسى، لمعرفة الخلل في العلاقة مما يضطر بعض الإناث للذهاب بمفردهن للعلاج والحديث عن مشكلات الشريك الغائب، معتبرا أن هذا يندرج تحت بند الخوف من وصمة المرض النفسي او الذهاب لمعالج، وللأسف تلك الفئة تكون على قدر كبير من التعليم وأغلبها من عائلات كبيرة.