السيسي يُحمّل الشعب «العَوَر».. ومراقبون: إعادة الهيكلة مشروع التفافٍ جديد لتبرير الفشل

- ‎فيتقارير

 

الشعب كبش فداء عن السيسي وحكومته

في أحدث ظهور له بالأكاديمية العسكرية، زعم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي أن مشروع "إعادة هيكلة مؤسسات الدولة" يهدف إلى "تصويب العَوَر الموجود في البني آدمين"، مؤكداً أنه "لن تدخل أي دماء جديدة لمؤسسات الدولة إلا بعد المرور بانتقاء وتأهيل ورعاية".

وبرر إعلام السيسي ولجانه الإلكترونية تصريحاته بالقول إن المقصود هو "العيوب البشرية العامة" وليست في النظام أو الحكومة، وأن المشروع "جزء من عملية وطنية لإعادة صياغة الدولة بهدوء ومعايير دقيقة".
لكن مراقبين رأوا في تصريحاته استعلاءً جديدًا على المصريين، ومحاولة لتبرئة نفسه من فشل سنوات حكمه، معتبرين أن حديثه يذكّر بجملة مبارك الشهيرة: "خليهم يتسلّوا"، وأن السيسي يواصل تحميل الشعب مسؤولية الفساد والتخلف والانهيار، رغم أنه هو من صنع الأزمة وأدارها.

 

الشعب متهم والعسكر أبرياء

يرى محللون أن حديث السيسي عن "العوار في البني آدمين" يعكس رفضه الاعتراف بفشل سياساته، وتحويله الأنظار إلى الشعب ذاته، وكأن المصريين هم المسؤولون عن الانهيار الاقتصادي، والديون المتراكمة، وبيع الأصول، والتفريط في الأراضي والموارد.
ويشير مراقبون إلى أن السيسي يتعامل مع المصريين باعتبارهم مادة للتدجين، بعد أن أفقدهم –بحد قوله– القدرة على الانتفاض أو الاعتراض، بينما يقدّم نفسه كمخلّص يسعى لإصلاحهم!

 

غضب شعبي وسخرية على المنصات

الكاتب والناشط زاهي المحبوب علّق عبر منصة “إكس” قائلاً:

يخرج القزم السيسي مجددًا ليعيد على مسامعنا الأسطوانة ذاتها: «أرمم السوءات والمشاكل منذ 2011»! وكأن 2011 صارت الشماعة الذهبية التي يعلّق عليها كل فشلٍ وانهيار… الرجل لا يحارب تداعيات الثورة بل يحارب ذاكرتها وروحها الحرة”.

وأضاف أن “إعادة صياغة مؤسسات الدولة” ليست سوى غطاء لإحكام القبضة وتذويب مؤسسات الدولة في جسد السلطة التنفيذية، لتصبح الدولة مجرد صدى لصوت الحاكم وحده.

أما د. يحيى غنيم فغرّد ساخرًا:

العوار مش في الرئيس ولا الحكومة!.. العوار في الشعب! طيب يا زعيم، بدّل الشعب بآخر مش أعور، أو دور على شعب تاني يستحق عبقريتك الفذة!”

وكتب أحمد خالد مهاجمًا:

عوار مين يا دجّال؟! انت اللي بعت تيران وصنافير، وضيّعت النيل، وخربت الاقتصاد، وبعت البلد حتة حتة مش الشعب!”.

 

فشل انتخابي وشعب يفضح النظام

تأتي تصريحات السيسي عقب فضيحة عزوف المصريين عن المشاركة في ما يسمى "انتخابات مجلس الشيوخ"، إذ أظهرت التقديرات –بحسب الكاتب قطب العربي– أن نسبة المشاركة لم تتجاوز 15% رغم كل محاولات الحشد والتزوير الإعلامي.
وأكد أن نحو 85% من الشعب المصري قاطعوا المسرحية الانتخابية، وهو ما كشف حجم السخط الشعبي على النظام وفقدان الثقة في مؤسساته.

الحقوقي هيثم أبو خليل أشار بدوره إلى أن النسبة الحقيقية “لم تتجاوز نصف في المائة”، قبل أن تُرفع “بجرة قلم” إلى 17% لإخفاء المقاطعة الواسعة.

 

حتى “التكنوقراط” يرفضون خدمة السيسي

حزب “تكنوقراط مصر” أصدر بيانًا عبر منصة “إكس” أكد فيه استعداده لخدمة الشعب المصري فقط، لا النظام، قائلًا:

لن نساعد من دمّر قناة السويس، وتنازل عن تيران وصنافير، وباع مقدرات الوطن، وسجن المصريين في سجن مفتوح. مشاريعنا لمصر وشعبها فقط، وليست لأشخاص”.

 

صناعة الوعي الثائر

الممثل عمرو واكد كتب عن الحاجة إلى “تحرك الشعب لإنقاذ نفسه والإقليم كله من أنياب ضباع الاحتلال”، معتبرًا أن من يحكم مصر اليوم “هو الفساد لا العدل”، وأن “المستسلمين لهذا الواقع أصبحوا شركاء في الإفساد”.
وأضاف:

العلاج يبدأ بأن ترى الأمور كما هي… من يحكمك هو الفساد، والمشروع الذي تخدمه بخضوعك هو الإفساد… إن لم تسعَ للشفاء، فاعلم أنك أصبحت فاسدًا بدورك”.

 

خلاصة

يرى المراقبون أن السيسي لم يقدّم مشروعًا لإصلاح الدولة بقدر ما قدّم مشروعًا جديدًا لإعادة تلميع فشله وتبرير الكوارث المتراكمة، عبر خطاب يُحمّل الشعب مسؤولية ما اقترفته يداه.
فبعد أكثر من عقد في السلطة، يبدو أن “مشروع العَوَر” ما هو إلا محاولة جديدة لتأجيل المحاسبة، وإعادة إنتاج سردية “المنقذ المظلوم”، بينما الحقيقة –كما يقول المنتقدون– أن السيسي هو صانع العوار الأكبر في الدولة.