تسبب الارتفاع الجنوني في أسعار الذهب في تراجع مشتريات المصريين من المعدن الأصفر بنسبة 17% ، حيث شهدت أسعار الذهب خلال الأيام الأخيرة قفزات ملحوظة، لتسجل مستويات غير مسبوقة في الأسواق المحلية والعالمية، مدفوعة بحالة الترقب الاقتصادي وتزايد المخاوف من تقلبات الأسواق المالية العالمية.
يأتي هذا الارتفاع وسط توجه المستثمرين إلى المعدن الأصفر باعتباره ملاذًا آمنًا لحماية مدخراتهم من التضخم وعدم الاستقرار، فيما انعكس ذلك مباشرة على حركة البيع والشراء في السوق المحلية، وأثار جدلًا واسعًا بين المواطنين والتجار حول مستقبل الأسعار خلال الفترة المقبلة.
كان مصرف دويتشه بنك الألماني قد رفع توقعاته لأسعار الذهب عالميا، ليصل متوسط سعر الأوقية لـ 4000 دولار في العام المقبل، مدفوعا بزيادة قوية في الطلب من البنوك المركزية، واحتمال ضعف الدولار الأمريكي، واستئناف دورة التيسير النقدي من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
يشار إلى أن سعر جرام الذهب عيار 21، افتتح تعاملات عام 2025 عند مستوى 3740 جنيهًا ووصل حاليًا إلى 5245 جنيهًا، أي بزيادة قدرها 1505 جنيهات، بينما ارتفع سعر الأوقية منذ بداية العام بنسبة تتخطى الـ40% لترتفع من 2624.81 دولارًا، إلى 3816.4 دولارا.
السياسة النقدية الأمريكية
وتسببت الأحداث العالمية السياسية والاقتصادية الحالية، في عدم استقرار الأسواق الدولية والارتفاعات التاريخية لأسعار الذهب، والتي أبرزها:
1- السياسة النقدية الأمريكية: الاتجاه المتوقع لمجلس الاحتياطي الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد.
2- التوترات الجيوسياسية: استمرار الأزمات والنزاعات الدولية التي تعزز من جاذبية الذهب كملاذ آمن.
3- الطلب من البنوك المركزية: زيادة وتيرة شراء الذهب من قبل البنوك المركزية حول العالم كجزء من احتياطياتها.
4- تراجع الثقة بالعملات: البحث عن بدائل استثمارية آمنة للدولار والعملات الورقية في ظل إعادة ترتيب النظام النقدي العالمي.
مشتريات المصريين
وبحسب بيانات المجلس العالمي للذهب، تراجعت مشتريات المصريين من المشغولات الذهبية خلال الربع الثاني من العام الحالي أبريل إلى يونيو بنسبة 17% على أساس سنوي، حيث انخفضت مشتريات المصريين من الذهب إلى 5.7 طن خلال الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بـ 6.8 طن بنفس الفترة من العام السابق.
وأدى استقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار إلى تراجع إقبال المصريين على الاستثمار في الملاذات الآمنة من الذهب، وعلى أساس ربع سنوي انخفض إقبال المصريين على شراء الذهب بنسبة 11% في الربع الثاني من العام 2025 بمقدار 6.4 طن مقارنة بالربع الأول من نفس العام.
أرقام تاريخية
في هذا السياق، قال صلاح عبد الهادي، رئيس شعبة الذهب بالغرف التجارية سابقًا: إن “المعدن الأصفر وصل إلى أرقام تاريخية في مصر لم يكن أحد يتوقعها على مدار السنوات الماضية؛ نتيجة الصراعات الإقليمية الحالية”.
وتوقع «عبد الهادي»، في تصريحات صحفية أن تنخفض الأسعار في حالة انتهاء الصراعات القائمة حاليًا خاصة العدوان الصهيوني على قطاع غزة، مؤكدا أن الذهب لن يرتفع عن هذه المعدلات .
وأشار إلى أن الوقت الحالي مناسب للراغبين في بيع الذهب وجنى المكاسب، خاصة مع وصوله لهذا السعر لأول مرة في تاريخ مصر، مستبعدًا حدوث أي ارتفاعات جديدة أو وصول الأوقية لـ4000 دولار قريبًا.
وبالنسبة للراغبين في الشراء، أكد «عبد الهادي»، أن الوقت الحالي غير مناسب للشراء خاصة للمستثمرين في السبائك والجنيهات الذهب مشددا على ضرورة أن يكون الشراء للحاجة فقط، سواء للهدايا أو الخطوبة، لأن الأسعار سنتخفض مرة أخرى .
المشغولات الذهبية
وقال عمرو المغربي عضو مجلس إدارة شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية: إن “المؤشرات التي نرصدها في السوق والارتفاعات التي تشهدها الأسواق العالمية تدل على حدوث مزيد من الارتفاعات محليًا”.
وأضاف «المغربي»، في تصريحات صحفية أن السبب الأساسي في ارتفاع أسعار الذهب هو زيادة الطلب عالميًا، مع أهداف البنوك المركزية في رفع احتياطي المعدن الأصفر لديها.
ونصح المواطنين الذي يمتلكون فائضا من المال بالتوجه لشراء الذهب، خاصة في الأوقات التي تشهد فيها أسعار المعدن الأصفر، نوعا من الاستقرار أو الزيادة الطفيفة، موضحا أن هناك أيام أزمات يحدث فيها انخفاض أو ارتفاع بقيمة 50 جنيها كل ساعتين، وهذا وقت غير مناسب للشراء .
وأشار «المغربي» إلى أن استمرار ارتفاع الأوقية الأيام المقبلة لتصل إلى 4000 دولار أمر «وارد»، خاصة مع الأحداث العالمية الحالية، ومعدلات التضخم في الخارج، وخفض البنك الفيدرالي الأمريكي للفائدة.
وأكد أن الفترة الحالية تشهد توازنا بين العرض والطلب، قائلًا: “في حالة ارتفاع الطلب أكثر من المعروض سيكون هناك ارتفاع في الأسعار محليًا فقط، ولكن الأسعار تتماشى مع السوق العالمي “.
وأوضح «المغربي» أن السوق لم يشهد رواجًا في عمليات الشراء ولكن رغم ذلك هناك إقبال على السبائك والجنيهات والمشغولات أيضًا، ولكن بشكل منخفض نتيجة دخول موسم الدراسة الحالي.
ولفت إلى أن تفكير المواطنين أصبح مختلفًا بعد ارتفاع أسعار الذهب المستمر، حيث أصبح هناك إقبال كبير على المشغولات الذهبية، مؤكدا أن البعض يلجأ حاليًا للمشغولات للتمتع بها كزينة وخزينة بعد التأكد من تحقيقها مكاسب، والتشبع من راء السبائك .