في خطوة جديدة تعكس استمرار سياسة التفريط في الثروات الوطنية مقابل حفنة من الأموال، وافقت حكومة المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي على منح شركة "قطر للطاقة" حصة تبلغ 27% من عمليات الاستكشاف في منطقة "شمال كليوباترا" البحرية قبالة السواحل المصرية، بالشراكة مع شركات "شل" و"شيفرون" و"ثروة للبترول".
وبينما تقدم السلطة هذه الخطوة كـ"تعزيز للعلاقات الاستثمارية"، يرى مراقبون أنها تأتي ضمن سلسلة من التنازلات الاقتصادية التي يقدمها النظام المصري للدول الخليجية، في إطار بحثه المحموم عن تمويل عاجل يسد العجز المتفاقم في الموازنة، ويغطي الإنفاق على قصور السيسي ومشروعاته الاستعراضية التي لا تعود بالنفع على المصريين.
بيع الثروات لا التنمية
يؤكد خبراء اقتصاديون معارضون أن حصة قطر الجديدة في التنقيب البحري ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل "بيع مصر بالقطعة"، بعد منح امتيازات مماثلة لشركات خليجية في مجالات الطاقة والعقارات والموانئ.
ويشير هؤلاء إلى أن هذه الصفقات لا تذهب عوائدها إلى تنمية المجتمع أو دعم الفقراء الذين تجاوزت نسبتهم الرسمية 33%، بل تُستخدم في خدمة مصالح ضيقة للسلطة، عبر مشاريع دعائية أو إنفاق أمني ضخم لضمان بقاء النظام.
قطر على خطى الإمارات والسعودية
صفقة "شمال كليوباترا" ليست الأولى من نوعها؛ فقد سبقتها اتفاقيات مشابهة، منها توقيع "قطر للطاقة" في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 اتفاقية مع شركة "شيفرون" للاستحواذ على 23% من امتياز شمال الضبعة البحرية، إضافة إلى حصص أخرى في مناطق استكشاف مع "إكسون موبيل" و"توتال".
وتؤكد هذه التوسعات الخليجية أن القاهرة باتت سوقاً مفتوحة للاستحواذ على الأصول والموارد الطبيعية، مقابل تدفقات مالية قصيرة الأجل تخدم النظام أكثر مما تفيد الاقتصاد الوطني.
الغاز المصري في خدمة الآخرين
تُروّج الحكومة للاتفاقية على أنها ستسهم في زيادة إنتاج الغاز المصري لتلبية الطلب المحلي، غير أن الواقع يكشف أن معظم الغاز المنتج يُوجَّه للتصدير، فيما يعاني المواطن من انقطاعات متكررة للكهرباء وارتفاع أسعار الطاقة، ما يطرح تساؤلات حول جدوى هذه الشراكات ومن المستفيد الحقيقي منها.
غياب الشفافية والمحاسبة
حتى الآن، لم تُعلن الحكومة المصرية تفاصيل العائد المالي الحقيقي من الصفقة أو شروطها، ما يعزز مخاوف من أن تكون اتفاقيات الغاز الجديدة جزءاً من صفقات سياسية واقتصادية أكبر، تمنح الخليج مزيداً من النفوذ في القرار الاقتصادي المصري.
ويؤكد مراقبون أن استمرار هذا النهج يكرّس تبعية الاقتصاد المصري ويبدد ما تبقى من ثروات البلاد في وقت يعيش فيه أكثر من ثلثي المصريين تحت خط الفقر أو على حافته.
أحد الخبراء المعارضين علق قائلاً:
"بينما تتسابق الدول على استثمار مواردها لصالح شعوبها، يواصل السيسي بيع مصر بالجملة والقطاعي، فقط ليضمن استمرار سلطته وتمويل شبكة الولاء المحيطة به."
بهذا، تبدو صفقة قطر للطاقة ليست استثماراً بل امتداداً لسياسة الرهن الكامل للاقتصاد المصري، حيث تتحول كل أزمة مالية جديدة إلى فرصة جديدة لبيع جزء آخر من الوطن.