25مليون حكم قضائي لم يُنفّذ خلال 4 سنوات ..أحكام الشامخ حبر على ورق في زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

 

 

«أحكام القضاء الشامخ حبر على ورق» في زمن الانقلاب؛ لأن الأحكام القضائية التي تصدرها محاكم الجنح والجنايات لا تنفذ؛ وهو ما يهدد استقرار المجتمع ويؤدي إلى انعدام ثقة المواطنين بالنظام القانوني، بل وينشر الفوضى والبلطجة من خلال إضعاف سلطة القضاء، وتشجيع الاعتداء على الحقوق، وزيادة الصراعات، وانهيار العدالة الاجتماعية والاقتصادية.

ورغم أن عدم تنفيذ الأحكام يكشف تراجع دور دولة العسكر، إلا أن هناك ملايين الأحكام القضائية تنتظر دورها في التنفيذ، وهذا يكشف الضغط الواقع على وحدات تنفيذ الأحكام بوزارة داخلية الانقلاب.

 

أرقام صادمة

 

كان مجلد العدالة الصادر عن المركز القومي للبحوث الجنائية، قد كشف أنّ 25،834،197 مليون حكم حبس لم ينفذ خلال 4 سنوات، وهي عبارة عن 21،663،801 مليون حبس جزئي، و3،843،653 ملايين حبس مستأنف، و326،743 ألف حكم في الجنايات.

وأوضح أن الأحكام المنفذة بلغت 14،190،747 مليون حكم حبس خلال تلك الفترة وتشمل 11،578،525 مليون حبس جزئي، و2،402،225 مليون حبس.

وأشار مجلد العدالة إلى أنه وفق قانون الإجراءات الجنائية ، تسقط العقوبة بعد مرور خمس سنوات في الجنح و٢٠ سنة في الجنايات وأيضًا في أحكام الإعدام التي تسقط بمضي ثلاثين سنة، شرط وجود المتهم داخل البلاد، لكن في حالة وجوده خارج البلاد يوقف التقادم، وتسقط  الأحكام بمضي المدة كل يوم.

 

أحكام لا تنفذ

 

حول عدم تنفيذ الأحكام القضائية قالت نهلة محمد «اسم مستعار» مقيمة بالقاهرة : “ظلم بيّن” مشيرة إلى أنها حصلت على حكم قضائي ، ومضت عدة سنوات دون أن يقوم تنفيذ الأحكام بالقبض على خصمها الذي أُدين في حكم حبس نهائي في جنحة «ضرب».

وأشار محمود عبد الكريم، «اسم مستعار» مقيم بمدينة الغردقة، إلى مرور 7 سنوات على عدم تنفيذ الحكم القضائي الذي حصل عليه ضد خصمه الذي أُدين في حكم حبس نهائي مدته ثلاث سنوات بعد إصداره شيكا دون رصيد.

وأعرب «عبد الكريم» عن حزنه على حقه الضائع، وعلى حكم الحبس الذي سقط بعدما ظل حبيس الأدراج دون تنفيذ، مؤكدا أنه حصل على حكم من القضاء لا قيمة له .

 

تشابه أسماء

 

في المقابل قال علي إبراهيم، مقيم في جنوب القاهرة : "فوجئت بأنه صادر ضدي حكم قضائي بشهرين ولم ينفذ هذا الحكم، في قضية تبديد لا ناقة لي فيها ولا جمل" .

وأضاف : طلعت سألت بعدها في الإستيفا على الحكم، قالوا لي تعالى اعمل معارضة وتخلص، لكن أنا نفضت، وسقط الحكم، والقضية اتشالت من على الحاسب الآلي، لأن القضية لا تخصني مجرد تشابه أسماء فقط .

 

 

فوضى

 

من جانبها قالت الدكتورة صابرين أحمد مصطفى، محامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة: إن "أزمة عدم تنفيذ الأحكام القضائية تتسبب في مشاكل كبيرة للمجتمع، حيث يشعر المجني عليهم بالظلم وعدم الرضا عن النظام القضائي، محذرة من أن عدم تنفيذ الأحكام يؤدي إلى انتشار الفوضى وعدم احترام القانون، مما يؤثر على الأمن المجتمعي".

وكشفت صابرين مصطفى في تصريحات صحفية أن هناك عدة أسباب تؤدي إلى عدم تنفيذ الأحكام القضائية، منها؛ تغيير محل الإقامة مما يجعل من الصعب على الأجهزة الأمنية المختصة تنفيذ الأحكام.

وحول وجود آلية تنفيذ فعالة من عدمه، أكدت أنه لا توجد آلية تنفيذ فعالة للأحكام القضائية، وهو الأمر الذي أدى إلى تراكم الأحكام غير المنفذة، وهذا يؤثر على الأمن المجتمعي بشكل كبير، كما يؤدي إلى انتشار الجريمة نتيجة شعور المتهمين بالحصانة وعدم المساءلة.

واشارت صابرين مصطفى إلى أن تنفيذ الأحكام القضائية، يتطلب تطوير آلية تنفيذ فعالة للأحكام القضائية، مما يضمن تنفيذ الأحكام بشكل سريع وفعال، وزيادة الاهتمام بالتنفيذ، إضافة إلى توعية المجتمع بأهمية تنفيذ الأحكام القضائية، مما يضمن احترام القانون وانتشار الأمن المجتمعي .

وحذرت من أن عجز آليات التنفيذ يجعل الحكم الذي حصل عليه المجني عليه عبارة عن «حبر على ورق»، وبهذا الشكل  لا يتحقق الرادع الخاص الذي يسعى إليه القانون؛ نتيجة تكاسل جهة التنفيذ، خاصة أن هذا الأمر يحدث بأحكام كثيرة جدا في جنح تبديد منقولات زوجية، أو جنح ضرب، أو جنح سرقة، أو غيرها.

 

جهة مستقلة

 

وأكدت صابرين مصطفى أن نسبة التنفيذ لا تتعدى 30% ، والباقي عبارة عن أحكام «حبر على ورق»، مستشهدة بحصولها على حكم قضائي صادر ضد متهم عام 2018  لم يتم تنفيذه إلا الأسبوع الماضي، وأوضحت أنه يجب على قسم الشرطة الذي بدائرته الواقعة الخاصة بالضرب أو غيرها، أن يسعى بمجرد صدور الحكم لتنفيذه.

وشددت صابرين مصطفى على ضرورة أن تكون جهة التنفيذ مستقلة وألا  تواجه عراقيل مثل : عدم وجود أفراد أمن كافيين للتنفيذ، مطالبة بمعاقبة أي متهم في أي قضية، لأن تنفيذ العقوبة هو ما يحقق الردع العام وهذا هو الهدف .

وقالت: "المجني عليه حينما يحصل على حكم لا ينفذ، تحدث ثورة في داخله أن المجتمع ما جابلوش حقه، فيسعى إلى إشباع غريزته في الانتقام، والانتقام يحول المجتمع من السكينة والعدالة إلى غابة، والقوي يأكل حق الضعيف وهكذا، مشددة على ضرورة تفعيل آليات التنفيذ بشكل فوري حتى يشفي غليل كل مظلوم ".