رغم أن صندوق النقد الدولي اشتهر بكونه أداة اقتصادية للهيمنة تفرض وصفات قاسية على الدول المدينة، فإن ما كشفه ممثل الصندوق بالقاهرة مؤخراً فضح رواية عبد الفتاح السيسي الذي اعتاد تعليق جرائمه الاقتصادية على شماعة الصندوق.
المنقلب السفيه السيسي الذي بدّد المليارات على قصوره وفساده ومشروعات استعراضية بلا عائد، ويواصل بيع مقدرات مصر "بالقطعة" وآخرها صفقة "مراسي"، يزعم أن رفع أسعار المحروقات والكهرباء والمياه جاء بطلب من الصندوق للحصول على القرض الأخير. غير أن تصريحات أليكس سيجورا-أوبيرجو، ممثل الصندوق في القاهرة، أكدت العكس تماماً: الصندوق لم يطلب رفع أسعار الوقود، بل أوصى بالتوسع في دعم الفئات الفقيرة عبر برامج مثل "تكافل وكرامة".
هذا التضارب يفضح بوضوح أن قسوة السيسي على المصريين تفوق قسوة الصندوق نفسه، إذ لا يتورع عن تحميل الشعب المزيد من الغلاء والضرائب لتتكدس أموال العصابة الحاكمة في بنوك دبي وغيرها، بينما يرزح المصريون تحت الفقر والمرض والعجز عن تلبية أبسط احتياجاتهم.
في كلمته أمام المركز المصري للدراسات الاقتصادية، شدد ممثل الصندوق على أن التحدي الأكبر أمام مصر ليس رفع الأسعار، بل غياب الإصلاحات الهيكلية التي تعزز التنافسية وتخلق فرص عمل حقيقية. وأشار إلى أن التضخم تراجع من نحو 40% عام 2023 إلى 12% حالياً، لكن البلاد ما تزال رهينة لغياب رؤية اقتصادية تتيح للقطاع الخاص مساحة حقيقية بعيداً عن هيمنة الدولة والجيش.
المفارقة أن الصندوق –رغم كل ما يمثله من ضغوط– طالب بزيادة برامج الحماية الاجتماعية كمسار انتقالي حتى تتوافر فرص العمل. لكن السيسي، الذي اعتاد اتخاذ الصندوق ذريعة، يمعن في سياسات الجباية وتفريغ جيوب المواطنين، ليغطي على فشل نظامه في إدارة الاقتصاد، بينما يواصل تقديم ثروات مصر على طبق من ذهب للمستثمرين والأجانب، ويعمق اعتماد البلاد على الديون والرهون.
هكذا يتضح أن الأزمة ليست في تعليمات الصندوق بقدر ما هي في نظام فاسد ومستبد، يوظف حتى "فزاعة الصندوق" لتبرير سحق المصريين وتجويعهم.