أحدها: ألاّ دعوة له من الأساس .. الإعلام الأمريكي يكشف أسباب غياب السيسي عن قمة ترامب

- ‎فيتقارير

 

قال موقع منتدى الدراسات المستقبلية: إن “غياب السيسي عن القمة التي عقدها ترامب في 23 سبتمبر الجاري أثارت جدلًا، وتساءل البعض إن كان السبب هو رفض ترامب نفسه حضور السيسي، أو ما تردد من شائعات عن أن أمريكا لم تصدر له تأشيرة دخول، لكنه أكد أنه لا يوجد أي تأكيد من مصادر موثوقة حول الأسباب الحقيقية”
 

وقال “منتدى المستقبل”: “هناك احتمال أن يكون رفض السيسي دعوة ترامب في فبراير وحملة الهجوم على اقتراح ترامب للتهجير في مصر، قد دفع الإدارة الأمريكية لتجاهل السيسي وعدم إرسال دعوة له لزيارة نيويورك، خاصَّة أن سفر رئيس الوزراء مدبولي بديلًا للسيسي جاء مفاجئًا، ربما لتأخر إصدار تأشيرة كما فعلت أمريكا مع الرئيس الفلسطيني”.

 

فسرت صحف أمريكية غياب عبد الفتاح السيسي عن اللقاء الذي دعا له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قادة دول عربية وإسلامية (مصر والسعودية والأردن وقطر والإمارات وتركيا وإندونيسيا وباكستان)، من أجل البحث في ملف الحرب في قطاع غزة، وغاب أيضًا عن اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، عدة تفسيرات أولها؛ أن ترامب سبق أن أحرج ضيوفه علنًا، مثل ملك الأردن ورئيس أوكرانيا، مما جعل السيسي يتجنب الموقف ذاته، وأن ترامب كان يضغط على السيسي لقبول خطة تهجير سكان غزة إلى سيناء، وهي فكرة أثارت جدلًا وغضبًا في الداخل المصري، وأن هناك خلافات دبلوماسية بين القاهرة وواشنطن، رغم أن ترامب وصف السيسي سابقًا بأنه “ديكتاتوره المفضل”، وأن غياب السيسي ربما كان رسالة رفض غير مباشرة لمطالب أمريكية لا تتماشى مع الموقف المصري.

 

ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال”، عن مسؤولين مصريين أن السيسي كان قلقًا من الصورة العامة التي قد تنتج عن لقائه بترامب، خاصة بعد أن قام الأخير بإحراج قادة مثل ملك الأردن ورئيس أوكرانيا في لقاءات سابقة.

وأشارت إلى أن السيسي كان يخشى أن يتعرض لـضغوط علنية من ترامب بشأن خطة تهجير سكان غزة إلى سيناء، وهي خطة رفضتها مصر رسميًا وشعبيًا، وقد تُسبب له أزمة داخلية.

وأشارت الصحيفة إلى أن السيسي يتجنب لقاء ترامب منذ بداية 2025، بعد أن تغيرت نبرة العلاقة بينهما، إذ كان ترامب يصفه سابقًا بأنه “ديكتاتوره المفضل”، لكنه لاحقًا بدأ يضغط عليه بمطالب حساسة.

وفي تحليلات مشابهة نُشرت مواقع مثل The Intercept وForeign Policy  تشير إلى أن غياب السيسي يُفسر على أنه رفض ضمني لخطة ترامب بشأن غزة، خاصة ما يتعلق بتهجير السكان أو فرض إدارة عربية على القطاع

وبعض المحللين الأمريكيين اعتبروا أن غياب السيسي أضعف صورة القمة، لأن مصر تُعد طرفًا محوريًا في ملف غزة، وغياب رئيسها عن لقاء بهذا الحجم يُفقده الزخم السياسي.

وغياب السيسي لم يكن بسبب منع أو رفض تأشيرة، بل كان قرارًا سياسيًا محسوبًا لتجنب الإحراج أو الضغوط .

وأوفد السيسي – على غير المعتاد – رئيس الوزراء المصري مصطفي مدبولي، لينوب عنه في لقاء ترامب وحضور اجتماعات الأمم المتحدة، مع وفد يضم وزير الخارجية وأمين عام الجامعة العربية.

 

وقد أوفد السيسي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بدلًا منه، في خطوة غير معتادة، مما زاد من التكهنات حول أسباب الغياب

ونشر السيسي نفسه تدوينة على حسابه الرسمي رحب فيها بمؤتمر حل الدولتين، لكنه لم يشر إلى القمة التي دعا إليها ترامب، مما اعتبره البعض تجاهلًا متعمدًا.

تكليفات ترامب التي حملها مدبولي

في قمة 23 سبتمبر 2025 التي عقدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نيويورك لمناقشة مستقبل غزة، كلّف ترامب مصر بعدة مهام حساسة، وقد نقل هذه التكليفات إلى رئيس وزراء حكومة السيسي؛ مصطفى مدبولي الذي حضر نيابة عنه.

ومن أبرزها:

المشاركة في خطة “اليوم التالي” لغزة، حيث عرض خطة أمريكية لإنهاء الحرب في غزة، تتضمن انسحاب “إسرائيل” من القطاع وتشكيل إدارة جديدة لا تشمل حركة حماس، طالبا من مصر أن تكون جزءًا من الجهة التي تساعد في إدارة غزة بعد الحرب، بالتنسيق مع دول عربية أخرى.

ومن المهام في هذا الجانب، إرسال قوات عربية إلى غزة حيث اقترح ترامب أن ترسل مصر، إلى جانب دول عربية وإسلامية، قوات للمساعدة في حفظ الأمن داخل غزة بعد انسحاب جيش الاحتلال الصهيوني، ويكون الهدف من هذه القوات هو تشكيل قوة استقرار تمنع الفوضى وتدعم السلطة الفلسطينية”.

كما دعا إلى “تمويل إعادة إعمار غزة” وطلب من مصر المساهمة في تمويل خطة إعادة إعمار القطاع، إلى جانب دول الخليج وتركيا وإندونيسيا.

وكان هناك تكليف لمصر ب”دعم جهود الإصلاح داخل السلطة الفلسطينية”، بما في ذلك إعادة هيكلتها لتكون قادرة على إدارة غزة والضفة الغربية بشكل موحد.

وضمن بيان صدر بعد القمة، تحدثت تقارير عن “رفض التهجير القسري” وأن ضغوط أمريكية لقبول تهجير سكان غزة إلى سيناء، إلا أن مصر والدول الأخرى رفضت التهجير القسري وأصرت على عودة الفلسطينيين إلى ديارهم.

تعليقات على البيان

وقال وزير خارجية السيسي؛ بدر عبد العاطي: إن “مصر ترفض تمامًا فكرة إخراج الفلسطينيين من غزة، وشدد على أهمية تسريع إيصال المساعدات الإنسانية وتنفيذ برامج التعافي داخل القطاع، دون المساس بحق الفلسطينيين في أرضهم”.

وقالت حركة “حماس”: إن “تصريحات ترامب سخيفة وعبثية، وأكدت أن أي محاولة لفرض واقع جديد بالقوة ستُقابل بمقاومة شعبية”.

وأكدت “السعودية” رفضها التام لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين، وشددت على موقفها الثابت تجاه إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967.

ومن جانب “الأردن”، رفض الملك عبد الله الثاني أي محاولات لضم الأراضي أو تهجير الفلسطينيين، وأكد تمسك الأردن بحل الدولتين.

وفي موقف مموه دعت “الإمارات” إلى “ضرورة إيجاد أفق سياسي جاد لحل الصراع، ورفضت المساس بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني”.

وقالت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك قالت: إن “قطاع غزة ملك للفلسطينيين، وطردهم منه غير مقبول ويتعارض مع القانون الدولي”

وقال رئيس الوزراء لبريطاني كير ستارمر بضرورة السماح للفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم والمشاركة في إعادة البناء.

تقدير موقف

وفي تقدير موقف لمركز المستقبل أشار إلى أنه “لا يوجد أي تأكيد من مصادر موثوقة حول الأسباب الحقيقية وراء غياب السيسي عن المؤتمر الذي دعا إليه ترامب، في 23 سبتمبر 2025م، لبحث مستقبل غزة، لكن هناك عدد من الفرضيات والتقارير الإعلامية التي تحاول تفسير هذا الغياب بناءً على السياق السياسي والعلاقات الإقليمية”.

وأشار إلى أنه “في فترة رئاسته الأولي، التي انتهت عام 2020م، كان ترامب يَصِف السيسي بأنه “عظيم” و”ديكتاتوره المفضل”، في إشارة لقوة العلاقة بينهما، لكن في رئاسته الحالية تغيرت الصورة وأصبح السيسي يخشى لقاء ترامب بعدما أصبح يطالبه بمطالب يمكن أن تثير غضب المصريين عليه، مثل فكرة تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء.

ولفت إلى أن “تفسيرات إعلامية تشير لغضب أو خلافات دبلوماسية مصرية مع ترامب والولايات المتحدة، فبعدما كان الرئيس الأمريكي يعتبر السيسي حليفًا له ووصفه بأنه “ديكتاتوره المفضل”، ورحب السيسي بفوزه وعودته إلى البيت الأبيض، انقلب ترامب على السيسي وغضب عليه لرفضه قبول فكرته للتهجير”.

 

وقال محللون: إن “السيسي اختار عدم الحضور كرسالة رفض أو لتجنُّب موقف محرج، خصوصًا إذا كان الهدف هو أن يضغط عليه ترامب أو يُطلَب منه دعم خطوات لا تتماشى مع الموقف المصري تجاه غزة أو التهجير”.

 

وفي فبراير 2025م، وَجَّه ترامب دعوة للسيسي وملك الأردن للحضور ومناقشة خطته للتهجير من غزة، ووجّه ترامب دعوة له لزيارة واشنطن في اتصال بينهما في الأول من فبراير 2025م، لكن ما جرى مع ملك الأردن من إحراج علني على الهواء؛ دفع السيسي لرفض السفر وتأجيل الزيارة خشية أن يضعه ترامب تحت ضغط مباشر في قضية التهجير.

 

وبإحراج ترامب للسيسي بأفكار التهجير وقيامه بإحراج ملك الأردن وقبله رئيس أوكرانيا بنصب فخ إعلامي لهم، والسيسي يتجنب لقاء ترامب ويرفض السفر إلى أمريكا خشية أن يحرجه على الهواء ويضطره للقبول بتنازلات تشوه صورته.

 

في 12 فبراير 2025م، قالت صحيفة “وول ستريت جورنال”: إن “السيسي قَلِقٌ من لقاء ترامب، ويخشى أن يتعرض خلاله للإحراج العلني، ونقلت عن مسؤولين مصريين أن السيسي قلق بشأن الصورة التي سوف تنتج عن لقائه مع ترامب”.

 

‏وأضافت الصحيفة أن الرئيس المصري يخشى خطر التعرُّض للإحراج العلني في وقت يُروِّج فيه الرئيس الأمريكي لفكرة بشأن غزة تتعارض تمامًا مع توجهات غالبية الشعب المصري، وتشكل مصدر قلق أمني للجيش.

 

رفض الضغوط

وأشار المركز في تقديره إلى أن تفسير آخر يرى أن غياب السيسي يعكس موقفا مبدئيا مصريا من التهجير أو الضغوط على إسرائيل، فقد أكدت مصر رسميًّا وخلال مناسبات عديدة أنها ترفض التهجير القسري للفلسطينيين وأنها ستتفادى المشاركة في قرارات أو خطوات قد تُظهِر الموافقة على تهجير أو دعم تقسيم القطاع، ما يعني انه قد يكون السيسي رفض أن يكون في مكان يُطلَب منه تأييد مقترحات تُخالف الموقف المصري الرسمي.

ونقل هذه الرؤية من إشارة ل” معهد تشتام هاوس” في 19 سبتمبر، قالت إن “مصر ترى “إسرائيل” الآن كتهديد وشيك، وفي قمة الدوحة، صعد السيسي من خطابه تجاه إسرائيل ووصفها بأنها “عدو”.

 

أكد المعهد أن السيسي يشعر بقلق بالغ من أن الطرد الجماعي للاجئين الفلسطينيين إلى سيناء سوف يهدد أمن حكمه واستقرار مصر، ولو حدث نزوح واسع النطاق من غزة لمصر “سيُمثل هذا كابوسًا سياسيًّا للسيسي”.

تراجع دور مصر

ونبه إلى تحليلات إعلامية أخرى أشارت إلى احتمال أن يكون غياب السيسي يعكس تراجع دور مصر الإقليمي أو أن واشنطن لم تعد تعتبره شريكًا مؤثرًا كما في السابق، لذا لم تدعوه أو تكترث لحضوره أو عدم حضوره، لذا تصدر الطاولة بجانب ترامب، الرئيس التركي وولي عهد قطر.

وذكر أن صحيفة الأهرام قالت إن السيسي يرى أن المؤتمر الدولي المرتبط بحل الدولتين، وهو مؤتمر أوسع دعت له فرنسا، وعُقِد لقاء ترامب موازيا له، فرصة تاريخية للحل، لكن الصحيفة لم تذكر لماذا غاب عنه السيسي مع أنه يراه فرصة تاريخية، ومن ثم غاب أيضًا عن لقاء ترامب.

 

واشارت إلى أنه قد يكون لغياب السيسي أسباب أخرى، مثل تعارض في الجدول الزمني أو أولويات داخلية حالت دون حضوره شخصيًّا، لكن هذا غير منطقي؛ لأن تاريخ اجتماعات الأمم المتحدة معلوم سنويًّا، ودعوة ترامب من الصعب التخلي عنها.

ونشر موقع أكسيوس الأمريكي تسريبات، يوم 20 سبتمبر، تزعم أن نتنياهو طلب من الولايات المتحدة الضغط على مصر بسبب تعزيز عسكري في سيناء، مدعيًا أنه ينتهك معاهدة السلام لعام 1979م، وذكر أن إسرائيل قالت: إن “مصر وسعت القواعد الجوية، وبنت منشآت تحت الأرض، وزادت القوات بالقرب من غزة دون تفسير، ويخشى السيسي أن يطرح ترامب هذا الأمر علنًا خلال اللقاء معه، ما يضعه في حرج”.