ارتفع العجز التجاري في مصر بنسبة 20.2% خلال عام 2024، ليصل إلى 50 مليار دولار، في مؤشر صريح على استمرار الأزمة الاقتصادية وتفاقم هشاشة الاقتصاد الوطني تحت إدارة النظام الحالي. ووفقاً لبيانات رسمية، ارتفعت الصادرات بنسبة 6.5% لتسجل 45.3 مليار دولار، بينما صعدت الواردات بنسبة 13.2% لتصل إلى 95.3 مليار دولار، ما يعكس اتساع الفجوة بين الإنتاج الوطني والاعتماد على الخارج.
من الملفت أن الصادرات غير البترولية سجلت ارتفاعاً بنسبة 14.4% لتصل إلى 39.3 مليار دولار، فيما بلغت واردات السلع غير البترولية 79.2 مليار دولار، بينما شهدت صادرات البترول والغاز تراجعاً 29%، وارتفعت وارداته 38.3%، ما يعكس اختلالاً واضحاً في قطاع الطاقة لا تتحمله السوق المحلية وحدها.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن الذهب والبلاتين المطلي بالذهب تصدرا الصادرات بقيمة 3.2 مليار دولار، تلتها الملابس الجاهزة والإكسسوارات 2.8 مليار دولار، ثم منتجات البلاستيك والحديد بقيمة 2.3 مليار دولار لكل منهما، بينما شهدت بعض السلع الأساسية انخفاضاً في الواردات مثل الذرة والخشب والنفط الخام، ما يعكس سياسات استيراد متذبذبة وغير مستدامة.
لكن وراء هذه الأرقام الرسمية تكمن حقيقة أكثر قتامة: استمرار العجز التجاري مرتبط مباشرة بتحويل مؤسسات الدولة ومقدراتها الاقتصادية إلى أذرع سماسرة وعصابة عسكرية تعمل على تدمير الإنتاج المحلي. آلاف المصانع توقفت، والزراعات الاستراتيجية مثل القطن والسكر تنهار، والمزارع تتحول إلى كتل خرسانية لفائدة مشاريع شخصية ورجال أعمال مرتبطين بالسلطة.
في ظل هذا الواقع، يبدو أن استهداف الحكومة رفع الصادرات إلى 100 مليار دولار سنوياً من خلال اتفاقيات تجارية وتوسيع الأسواق الخارجية، مجرد شعار إعلامي لا يلامس الأزمة الحقيقية على الأرض، إذ إن السياسات الاقتصادية الحالية لا تهدف إلى تنمية حقيقية للاقتصاد الوطني، بل إلى صب الموارد في أيدي النخبة المقربة من النظام.
الصورة النهائية: عجز تجاري متصاعد، مصانع متوقفة، زراعات استراتيجية تنهار، واستراتيجية اقتصادية قائمة على المضاربات والاستيلاء على الموارد، ما يطرح سؤالاً ملحاً: هل يمكن أن يكون هناك نظام أكثر فشلاً من هذا النظام الذي يُدار بعقلية السمسار على حساب الدولة والمواطن؟