بيروقراطية وقوانين قديمة واجراءات معقدة…العدالة الناجزة الحلم المستحيل فى زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

 

العدالة الناجزة حلم مستحيل تحقيقه فى زمن الانقلاب سواء من خلال الميكنة، أو من خلال زيادة عدد الدوائر القضائية .

مشكلة الخبراء تعد واحدة من أهم العراقيل التى تعوق تحقيق هذا الحلم، فعدد الخبراء قليل بالنسبة للقضايا التى تعرض أمامهم، وبالتالى أصبحوا أحد أهم أسباب تأخر الفصل فى القضايا، وهو ما زاد من معاناة المتقاضين الذين تظل قضاياهم معروضة أمام المحاكم سنوات طويلة.

 

الخبير

 

حول هذه الأزمة  قالت الحاجة نوال 60 عامًا : أنا بنت وحيدة ولدى شقيقان، وبعد وفاة والدى انتظرت حتى بدأ  أشقائى فى تقسيم التركة التى كانت تقدر بملايين حينها أرضًا زراعية وعقارات بخلاف أرصدة البنوك، لكنى فوجئت برفض أشقائى إعطائى حقى فى الميراث، وحدثت خلافات بيننا تدخل فيها الأهل وكبار القرية، إلا أنهم رفضوا بحجة أن البنت لا ترث، فلجأت للقضاء كى أحصل على حقى، ومنذ أكثر من 3 سنوات والقضية فى المحكمة، وفى كل مرة تتعطل بسبب الخبير، الذى حدد جلسات معى ومع أشقائى إلا أنهم لا يحضرون، وانتهى الأمر بإعادة القضية للمحكمة مرة أخرى، ثم عادت للخبير بعد جلسات استمرت لأشهر، وفى يوم المعاينة حدثت مشاجرة وتعدى شقيقى عليّ وعلى نجلى الأكبر وحاول منع الخبير من المعاينة، فما كان منه إلا أن تركنا بعد أن سجل ما حدث لتعود القضية للمحكمة مرة ثالثة.

 

تزوير وصية وعقود ملكية

 

وقالت ماجدة صاحبة قضية نزاع على الإرث : بقالى 5 سنين فى المحاكم عشان أخذ ورثى من شقيقى الوحيد الذى استولى على أملاك والدى بعد وفاته وحرمنى حقى، وقام بتزوير وصية وعقود ملكية بالأرض وبيت العائلة وعقار آخر، فأقمت دعوى قضائية للحصول على حقى وإثبات تزويره، ولكن القضية تعطلت كثيرًا بسبب الخبير وتلاعب شقيقى حتى فقدت الأمل مع الحصول على حقى.

 

طلاق وتبديد

 

وقال عمر 35 عامًا موظف بأحد البنوك : زوجتى رفعت قضيتى طلاق وتبديد بعد أقل من عام من زواجنا، رغم انى أحسنت معاملتها من اليوم الأول وقمت بتجهيز شقتنا كاملة ولم أكلف أهلها أى شىء، وبرغم ذلك تمردت على حياتها وملأ الطمع قلبها وقررت مع أهلها إقامة دعوى الطلاق والحصول على المؤخر، والأثاث والذهب وكل شيء .

وأضاف : ليس ذلك فحسب بل كانت تنوى إلحاق الضرر بى فى عملى بعدما صدر ضدى حكم فى قضية التبديد، فاقمت دعوى استئناف على الحكم، وأمرت المحكمة بعرض القضية على الخبير لمعاينه العفش ومطابقته مع قائمة المنقولات، وتكرر الأمر 3 مرات وهى ترفض استلام المنقولات برغم أن قرار الخبير فى كل مرة أنه مطابق ولكن رفضها الاستلام يعيد القضية من البداية.

وتابع : فى كل مرة كنت أنقل العفش فى سيارة وأحضر عمال للمحكمة فى مكان مخصص لمعاينة الخبير، الذى قام فى الثلاث مرات بالمعاينة ولكن رفض الزوجة الاستلام يعيد القضية، ولا يعتد بتقرير الخبير الذى يقول إن الأثاث مطابق للقائمة، فلماذا يتم انتداب الخبير إذا كان تقريره لا يعتد به؟

 

إصلاح المنظومة التشريعية

 

فى هذا السياق قالت الدكتورة إلهام المهدى، المحامية، إن تقارير الخبراء تُعَدُّ جزءًا أساسيًا من منظومة العدالة، حيث تعتمد المحاكم عليها فى الفصل فى العديد من القضايا الفنية والمعقدة. ومع ذلك، تواجه هذه التقارير تحديات كبيرة تؤثر على سرعة وكفاءة إعدادها، ما ينعكس سلبًا على سير العدالة، موضحة أن هذه التحديات ترجع إلى عدة عوامل، أبرزها القوانين القديمة التى لم تعد ملائمة للتطورات الحالية، والإجراءات البيروقراطية المطولة، وغياب الأدوات الحديثة .

وشددت إلهام المهدى فى تصريحات صحفية على أن إصلاح المنظومة التشريعية وتطوير آليات عمل الخبراء يُعَدُّ أمرًا ضروريًا لضمان تحقيق العدالة بكفاءة وفعالية. 

وأضافت أن الخبراء يواجهون فى عملهم عدة صعوبات منها: قلة عدد الخبراء المتخصصين فى مختلف المجالات ما يؤدى إلى تراكم القضايا وتأخير إعداد التقارير، مؤكدة أن عدد الخبراء فى مصر لا يتجاوز 2700 خبير موزعين على 42 مكتبًا فى جميع المحافظات، ما يجعل كل خبير يتعامل مع حوالى 100 قضية أسبوعيًا، وهذا ينعكس سلبًا على سرعة إنجاز التقارير.

وأشارت إلهام المهدى إلى صعوبة بيئة العمل فى مكاتب الخبراء بسبب نقص الموارد والتجهيزات، ما يؤثر على كفاءة وسرعة إعداد التقارير، وكذلك تعدد المهام الموكلة للخبراء: حيث يُطلب منهم تقديم تقارير فى عدة مجالات مثل القضايا الضريبية، العمالية، التجارية، والمدنية، بالإضافة إلى جرائم الأموال العامة والاختلاس. وهذا التنوع والتعدد فى المهام يؤدى إلى زيادة العبء على الخبراء وتأخر إعداد التقارير.

وأوضحت أن الإجراءات القانونية المعقدة تعد أحد العوامل التى تؤثر فى عمل الخبراء حيث تتطلب بعض القضايا إجراءات قانونية معقدة، مثل إخطار الخصوم بموعد محدد ومكان بدء المأمورية، ما يؤدى إلى تأخر الخبير فى القيام بمهامه وإعداد التقرير .

 

إجراءات معقدة

 

واعتبرت إلهام المهدى أن القانون القديم المنظم لعمل الخبراء رقم 96 لسنة 1952 يعد أحد المعوقات، حيث إنه قانون قديم وغير ملائم للتطورات الحالية، ما يؤدى إلى بطء إجراءات إبداء الرأى الفنى وتأخر إصدار التقارير، ما يعرقل سير العدالة، مشيرة إلى أن هذا القانون صدر فى فترة كانت تختلف فيها طبيعة العمل القضائى والاحتياجات الفنية للخبراء مقارنة بالوقت الحالى، ومع التطور السريع فى المجالات التكنولوجية والاقتصادية والقانونية، أصبح هذا القانون غير قادر على مواكبة التغيرات والتحديات الجديدة.

وأوضحت أن هذا القانون يحتوى على إجراءات معقدة وبطيئة فى تنظيم عمل الخبراء، مثل تعيينهم وإدارة أعمالهم، وهو ما يؤدى إلى تعطيل سير القضايا، كما أنه لا يوفر آليات سريعة وواضحة لحل النزاعات المتعلقة بتقارير الخبراء أو الاعتراضات عليها، بالإضافة إلى أنه لا يتضمن نصوصًا تعالج التطورات الجديدة فى القضايا الفنية المعقدة، مثل تلك المتعلقة بالتكنولوجيا الحديثة أو الجرائم الإلكترونية.

وطالبت إلهام المهدى بضرورة تحسين أحوال الخبراء وتحديث القانون وإعادة صياغته ليعكس التطورات الحالية فى المجالات القانونية والفنية وإدخال التكنولوجيا لتسريع الإجراءات مثل أنظمة إدارة القضايا إلكترونيًا، وإصلاح البيروقراطية لتبسيط الإجراءات وتقليل الوقت المستغرق فى إتمام المهام المرتبطة بتقارير الخبراء.