في الوقت الذىي تعلن فيه حكومة الاحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو عن خطة لاحتلال قطاع غزة، تتجاهل هذه الحكومة فشلها طوال عامين منذ بدء حرب طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 في تحقيق أي من الأهداف التي أعلنتها، وتتمثل في استعادة الأسرى والقضاء على حركة حماس لكنها نجحت في تحقيق الهدف غير المعلن، والذي قد يكون هو الهدف الأساسي من كل هذه العمليات العسكرية وهو قتل آلاف الفلسطينيين وتدمير القطاع بالكامل في خطوة تستهدف تهجير السكان إلى الخارج".
أيضا تتجاهل حكومة الاحتلال المقاومة الفلسطينية الصامدة، والتي أعلنت تحديها لمخطط احتلال غزة وأكدت أنها سوف تتصدى لقوات الاحتلال، وسوف تكبدها خسائر فادحة في الأرواح وفى العتاد .
مأساة الفلسطينيين
حول خطة نتنياهو قال أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة: إن "قرار حكومة نتنياهو احتلال مدينة غزة مثير للقلق جدا، مؤكدا أن هذه الخطوة الخطيرة ستعمق مأساة ملايين الفلسطينيين".
وأكد جوتيريش في تصريحات صحفية تعليقا على قرار حكومة نتنياهو احتلال مدينة غزة، ضمن خطة تدريجية تهدف لاحتلال القطاع بالكامل أن هذا القرار سيُعرّض حياة الكثير من المدنيين في غزة للخطر، بمن فيهم الأسرى الصهاينة المتبقين.
وأشار إلى استمرار المأساة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في غزة وبلوغها أبعادا مروعة، مؤكدا أن هذا التصعيد الصهيوني الخطير سيؤدي إلى تهجير المزيد من الفلسطينيين، ومقتل المزيد من المدنيين، وتدمير المزيد من المباني، وزيادة معاناة الفلسطينيين في غزة.
وجدد جوتيريش، دعواته للتوصل لوقف إطلاق نار فوري ودائم، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع دون معوقات، وتبادل الأسرى.
كما دعا حكومة الاحتلال مرة أخرى للالتزام بمسؤولياتها المنوطة في القانون الدولي محذرا من أن هذه الخطوة تتعارض مع قرار محكمة العدل الدولية الصادر بتاريخ 19 يوليو 2024، وينص على أن دولة الاحتلال ملزمة بوقف أنشطة الاستيطان الجديدة فورا، وإجلاء جميع المستوطنين من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإنهاء وجودها غير القانوني في هذه الأراضي، بما في ذلك غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية في أقرب وقت ممكن.
وقال جوتيريش: "من دون إنهاء هذا الاحتلال غير القانوني، وضمان حل الدولتين، لن يكون من الممكن إيجاد حل مستدام لهذا الصراع مؤكدا أن غزة جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، ويجب أن تبقى كذلك".
خطة فاشلة
ووصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور خطة حكومة بنيامين نتنياهو لاحتلال ما تبقى من أراضي القطاع، بأنها “إعادة تدوير لأفكار فاشلة”.
وأكد أنور في تصريحات صحفية أن هذه الخطة تواجه رفضًا عربيًا واسعًا، ، مشيرا إلى أن هناك تحركات سياسية وإنسانية تهدف لتثبيت الفلسطينيين على أرضهم وإحباط مخطط التهجير.
واعتبر أن الخطة الصهيونية الرامية لاحتلال ما تبقى من قطاع غزة أي نحو 25% من مساحته ليست إلا إعادة تدوير لأفكار قديمة فشلت سابقًا، مؤكدا أن حكومة بنيامين نتنياهو، ”حكومة خراب”، لا تقدم جديدًا سوى التخريب والدمار والتجويع تحت مسمى الضغط العسكري.
وشدد أنور على أن هذا الضغط العسكري لم يحقق أي من أهداف الحرب المعلنة أو غير المعلنة، وفي مقدمتها التهجير، الذي أصبح بعيد المنال بفضل تصدي الدول العربية، لهذا المخطط، من خلال رفض التهجير والإصرار على إدخال المساعدات الإنسانية لتثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه.
وأشار إلى وجود تحركات سياسية على مستوى الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية للحد من العدوان الصهيوني، معتبرًا أن هذه الجهود قادرة على تقويض مخطط دولة الاحتلال.
وتوقع أنور أن تلقى خطة نتنياهو لاحتلال غزة مصير محاولات صهيونية فاشلة سابقة، مشيرًا إلى أن رئيس الأركان الجديد سيواجه نفس مصير سلفه، خاصة في ظل الانقسام الداخلي بدولة الاحتلال والتباين بين القيادة العسكرية والسياسية، وهو ما يهدد استقرار حكومة الاحتلال.
وحذر من أن نتنياهو يقود دولة الاحتلال نحو مصير مشابه لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، لافتًا إلى أن دولًا صديقة لدولة الاحتلال مثل بريطانيا وفرنسا والبرتغال وكندا من المتوقع أن تدعم لأول مرة إعلان دولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال سبتمبر المقبل.
وأكد أنور أن استمرار هذه السياسات يضر باستقرار المنطقة ككل، وبالمصالح الصهيونية ذاتها، داعيًا الداخل الإسرائيلي إلى اليقظة وممارسة ضغط حقيقي لوقف هذه المخططات الوهمية.
الأسرى الصهاينة
وأكد الخبير السياسي عادل شديد أن دولة الاحتلال الحالية التي يشكلها التيار الديني القومي العقائدي والاستيطاني بحاجة لاحتلال غزة، ليس لإطلاق سراح الأسرى، وإنما لإعادة بناء المستوطنات وتهجير الفلسطينيين، مشيرا إلى أن هذا المشروع قديم، وأثير بشكل قوي قبل السابع من أكتوبر في الحكومة الحالية.
وقال شديد في تصريحات صحفية: إن "احتلال غزة يعني التخلي بشكل واضح عن الأسرى الصهاينة، والاستعداد لدفع ثمن كبير من الجنود سواء قتلى أو جرحى ".
وشدد على أن دولة الاحتلال جادة جدًا، وهنا أمامنا خيارين، إما أن تقبل حماس والفصائل بالشروط التي وضعها الأمريكي والصهيوني في الصفقة، وفي حال الرفض وهو المتوقع، لأنها لا يمكن أن تقبل بنزع سلاحها وإبعاد قادتها، لأن ذلك معناه إعطاء شرعية للاحتلال، ولذلك ستذهب دولة الاحتلال تجاه هذا التصعيد.
وأشار شديد إلى انسحاب الكيان الصهيوني من غزة عام 2005، موضحًا أن جزءا من المطالبات والضغوطات اليمينية المتطرفة الحالية لإعادة احتلالها، يُراد منها معالجة وإصلاح ما يسمى الخطأ الكبير الذي ذهب إليه بالانفصال عن غزة والخروج منها .
وحذر شديد من مجرد التعاطي، بأن احتلال غزة هدفه التلويح والضغط على حماس وفصائل المقاومة، مؤكدًا أن الموضوع جدي جدًا ويجب التعامل معه على هذا الأساس.
إبادة جماعية
وأكد استشاري الأمن الإقليمي والدولي الدكتور أحمد الشحات، أن هناك رغبة سياسية واضحة لدى حكومة الاحتلال الحالية لتنفيذ مخطط ضد قطاع غزة، مستغلة أحداث 7 أكتوبر كذريعة للتحرك بما يتجاوز حدود رد الفعل، وصولًا إلى ما وصفه بـ"النقطة الزمنية المشينة" المتمثلة في احتلال القطاع وفرض ترتيبات أمنية أكثر تعقيدًا.
وقال "الشحات"، في تصريحات صحفية: إن "المعطيات الراهنة، وفي مقدمتها التحرك العسكري المكثف وفتح محاور جديدة للعمليات، تتزامن مع استمرار الاستهدافات الجوية والبحرية التي تطال أهالي غزة، بما يمثل شكلًا واضحًا من الإبادة الجماعية، فضلًا عن استخدام سلاح التجويع".
وأضاف: أن هذه الممارسات تأتي في ظل تجاهل تام لدعوات المجتمع الدولي، واستمرار الدعم الأمريكي اللامحدود والفاضح، الذي أسهم في إطالة أمد التصعيد وإدامة المعاناة الإنسانية في القطاع.