اشتعلت منصات التواصل خلال الأسبوع الجاري بسجال غير مباشر بين القاهرة والرياض، بعد إعلان رئيس هيئة الترفيه السعودية، تركي آل الشيخ، الاعتماد شبه الكامل على العازفين والموسيقيين السعوديين والخليجيين في حفلات "موسم الرياض" المقبل، مع تطعيم محدود بمسرحيات سورية وأخرى عالمية، ما فتح باب التكهنات حول تراجع الحضور المصري في أكبر موسم ترفيهي بالمنطقة.
آل الشيخ، الذي أكد أن ما يهمه "رضا الله ثم قيادته والسعوديين الكرام"، وجد دعماً من ناشطين سعوديين، فيما اعتبر وزير الإعلام المصري الأسبق أنس الفقي القرار تعبيراً عن ضيق آل الشيخ من انتقادات "سطو الفن المصري" على الفعاليات السعودية. أما الفنان محمد هنيدي فآثر الدفاع، مذكراً بأن بدايات هيئة الترفيه قبل خمس سنوات منحت المسرح المصري انطلاقة جديدة، وفرص عمل لعشرات النجوم والعاملين.
الموسم الجديد، الممتد من أكتوبر المقبل حتى مارس 2026، يأتي بعد موسم سابق جذب 19 مليون زائر، ما يجعل أي تغييرات في خريطة المشاركين قضية رأي عام فني واقتصادي.
لكن خلف هذا السجال الفني، تكمن معادلة سياسية واقتصادية أكثر عمقاً. فالعلاقات بين القاهرة والرياض وتل أبيب لم تعد تقتصر على تبادل الرسائل الدبلوماسية أو التفاهمات الأمنية، بل امتدت إلى شراكات استراتيجية في ملفات حساسة، أبرزها صفقات الغاز الضخمة التي تربط مصر بإسرائيل، والتي تسهّلها أحياناً بنى تحتية وتمويلات سعودية، وصفقات السلاح التي تعبر موانئ أوروبية – مثل سفينة الأسلحة السعودية التي كشفتها سلطات ميناء "جوا" الإيطالي في طريقها إلى إسرائيل.
في النهاية، يظهر أن الخلافات العلنية بين الأنظمة العربية، سواء في الفن أو الرياضة أو التصريحات الإعلامية، لا تلغي شبكة المصالح العميقة التي تجمعهم، والتي يدفع ثمنها المواطن العربي من ثرواته، فيما تظل إسرائيل المستفيد الأكبر من معادلة "كلنا في الخيانة عرب".