بعد اعتراف دوائر بحثية صهيونية بفشل “عربات جدعون”.. حجارة داود تنجح مجددا في إزهاق “جالوت”!

- ‎فيعربي ودولي

 

يبدو أن عملية "عربات جدعون" انتهت بدون تحقيق أهدافها، مما يعكس فشل الاحتلال في حسم المعركة، بينما تستمر المقاومة في تصعيد الضغوط العسكرية والسياسية.

وكانت نهاية العملية بحسب محللين سياسيين أن سحب جيش الاحتلال الفرقة 98 (فرقة النار) من غزة، مما يشير إلى نهاية عملية "عربات جدعون" بعد 3 أشهر من بدئها، ورغم بقاء 4 فرق أخرى في القطاع، إلا أن جيش الاحتلال برئاسة وزير الطاقة الأسبق كاتس قلص قوات الاحتياط بنسبة 30%.
 

ورأى المحللون أن العملية حادت عن أهدافها لمعلنة وفشلت في الوصول إليها وأبرزها "الحسم العسكري، وإسقاط حماس، واستعادة المحتجزين "الإسرائيليين".! كما "لم تنجح في تهجير الفلسطينيين بشكل كامل رغم النزوح القسري نحو المناطق الجنوبية".
 

وأشار المحللون إلى خسائر الاحتلال التي تمثلت في؛ تكبّد الجيش الإسرائيلي خسائر كبيرة بسبب كمائن المقاومة، مع مقتل العشرات من الجنودونحو 45 حالة انتحار موثقة بين الجنود بسبب الضغوط النفسية!

الوضع الراهن عسكريا على الأقل فإن المقاومة لا تزال قادرة على الضغط ميدانياً وسياسياً..

دوائر بحثية صهيونية

وقال (معهد دراسات الأمن "الإسرائيلي") إن "الحملة الطويلة في قطاع غزة، التي تقترب الآن من عامها الثاني، تنبع بشكل حاسم من التحدي الذي يشكله المجال تحت الأرض، فبعيدًا عن قضية الرهائن، التي تقيّد بشكل كبير عمليات جيش الدفاع "الإسرائيلي"، يتيح الفضاء الواسع تحت الأرض في قطاع غزة لحماس الاحتماء والاختباء . ومن هناك، تنطلق وحدات صغيرة من مقاتلي الحركة من فتحات مخفية مدمجة داخل الأحياء العمرانية، سواء المبنية أو المدمرة، لتنصب الكمائن، وتطلق صواريخ RPG، وتزرع أو تلصق العبوات الناسفة".
 

وأكد المعهد أنه "رغم كل الخبرة والمهارات التي اكتسبها الجيش الإسرائيلي في هذا المجال، لا توجد حتى الآن طريقة بسيطة وعملية لتحييد هذا النوع من القتال. علاوة على ذلك، فإن ما يعكس هذا التحدي ليس فقط طول مدة القتال في قطاع غزة، بل أيضًا الصعوبة في تحقيق حسم عسكري واضح، والحجم الهائل للقوات المطلوبة – بما يشمل الألوية والفرق من الجيش النظامي والاحتياط. ويعود ذلك مباشرة إلى القدرة المحدودة على التعامل مع التهديد تحت الأرض".
 

وأشار إلى أن "طول مدة الحملة في قطاع غزة، وصعوبة تحقيق نتيجة حاسمة، والحجم الهائل للقوات المنخرطة، كلها تعود بشكل مباشر إلى التحدي تحت الأرض". وهو ما يعني بحسب محللين منهم خليل العناني الذي ساق هذا التعليق من المعهد؛ "اعتراف ضمني بفشل عملية (عربات جدعون)"
 

ومضة تحليلية

مركز "إنسان للإعلام" أشار اعترافات  نخبوية بالهزيمة الاستراتيجية ضمن "تحلل تدريجي في قدرة "الكيان" على مواصلة الحرب".
 

وأشار إلى أن هاموس يدلين  "أحد أبرز عقول الأمن في تل أبيب" حذر من أن "إسرائيل تقترب من هزيمة استراتيجية عميقة"، في تقييم يُمثل تحولاً دراماتيكياً في موقف المؤسسة الأمنية من الحرب المستمرة على غزة منذ أكثر من 22 شهرا.
 

واشارت إلى أن تحذير "يدلين" رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، أذاعته القناة 12 العبرية السبت، موضحة أنه "لم يكن سطحياً، بل شموليًا في أبعاده، حيث أقرّ بفشل "إسرائيل" في تحقيق أبرز أهدافها المعلنة: استعادة المخطوفين، القضاء على "حماس"، وإعادة فرض الردع، وبدلاً من ذلك، رأى أن تل أبيب تواجه مأزقاً مركباً من الاستنزاف العسكري، والعزلة السياسية، والانقسام الداخلي، وتآكل شرعية الحكومة عسكرياً وأمنياً".
 

وأضافت أنه "يبدو أن "الردع "الإسرائيلي" الذي طالما اعتُبر أحد ركائز العقيدة العسكرية، قد تآكل فعلياً، في ظل عجز الجيش عن القضاء على المقاومة الفلسطينية في غزة، واستمرار عجزه عن استعادة الأسرى رغم الدمار الهائل الذي ألحقه بالقطاع.. هذه الحقيقة، حين تخرج من لسان مسؤول أمني بارز، فإنها تفضح هشاشة ما تبقى من الهيبة العسكرية للكيان الصهيوني".

وعن النواحي الاستراتيجية، قالت "تحوّلت الحرب إلى عبء ثقيل على صورة "إسرائيل" دولياً، حيث فقدت الكثير من دعمها التقليدي في الغرب، وصارت موضوعاً للانتقادات الدولية المتصاعدة، فالعزلة السياسية باتت ملموسة، ليس فقط على مستوى الحكومات، بل أيضاً في الرأي العام الغربي الذي بدأ يرى في "إسرائيل" دولة خارجة عن القانون".
 

أما الوضع سياسياً، فأشارت إلى تصريح "المسؤول الأمني عن عمق التخبط داخل القيادة "الإسرائيلية"، متهماً إياها –ضمناً– بإدارة حرب بلا أهداف سياسية واقعية. . ووصف شعار "تحقيق النصر المطلق" في غزة بأنه غير منطقي، وهو نقد مباشر لنهج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يصرّ على مواصلة الحرب رغم الكلفة الباهظة والنتائج المعدومة".
 

ونقلت عنه رؤيته للأزمة من جانب اجتماعي، حيث "اعترف بأن "الشرعية الإسرائيلية في أدنى مستوياتها"، وهذا ليس تفصيلاً عابراً، بل مؤشراً على تفكك الجبهة الداخلية، وتزايد الشعور الشعبي بالخداع والعجز، خصوصاً مع تصاعد احتجاجات عائلات الأسرى، والتمرد داخل الوحدات العسكرية، وامتناع جنود احتياط عن تلبية أوامر التعبئة".

واشارت إلى أن "الرسالة الأكثر جرأة في كلام "يلدين"، كانت دعوته الصريحة إلى "إنهاء الحرب وإعادة المخطوفين دفعة واحدة"، في قطيعة واضحة مع خطاب الحكومة القائمة، ما يعكس تصدعاً متزايداً في إجماع النخبة "الإسرائيلية" على رفض استمرار الحرب، ويفتح الباب أمام سيناريوهات سياسية داخلية غير محسومة".

وخلصت "إنسان" إلى أنه "ما يدور في الكواليس الأمنية الإسرائيلية –وفق هذه التصريحات– ليس مجرد قلق، بل هو اعتراف بهزيمة وشيكة أو على الأقل تحلل تدريجي في قدرة "الكيان" على مواصلة الحرب دون أن يدفع ثمناً استراتيجياً وجودياً.".

الهزيمة الإستراتيجية

وفي تقرير ليوسف ابو وطفة عن  "فشل أهداف الاحتلال في غزة" من جانب أن أحدها كان "هو نقل السكان الفلسطينيين نحو جنوبي القطاع، وحشرهم في المنطقة الواقعة بين محوري موراغ (بين خانيونس ورفح) وصلاح الدين (فيلادليفي، بين القطاع ومصر)، لتهجير السكان في وقت لاحق، وهو أمر لم يتحقق على الرغم من حالة النزوح والتهجير المستمرة".
 

ونقل "أبو وطفة" عن مدير مركز رؤية للتنمية السياسية، أحمد عطاونة، رأيه أن إنهاء عملية "عربات جدعان" يعكس حالة من الفشل في تحقيق الأهداف التي أعلن عنها جيش الاحتلال مع بداية العملية، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "تقليص الوجود العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة يأتي نتيجة عدة عوامل". أبرز هذه العوامل، وفق عطاونة، أن "الاحتلال قد أحدث دماراً واسعاً ولم يعد بحاجة لقوات كبيرة على الأرض".
ورأى أن "المقاومة لا تزال فاعلة، والأسرى لا يزالون بيدها، ما يُعد ضربة قوية لرواية الاحتلال التي روّجت إمكانية إنهاء الحرب عبر هذا المسار العسكري".

 

وعن سؤال اليوم التالي للحرب، أشار "عطاونة" إلى أن قيادة الاحتلال "لم تعد تملك تصوراً لإدارة القطاع سياسياً أو أمنياً، ولا تقبل بعودة حكم حماس، ولم تنجح في إعادة السلطة الفلسطينية".
 

وزاد أن الاحتلال فشل أيضاً، "في إنتاج طرف فلسطيني بديل يمكنه التعاون معه لإدارة غزة، مضيفاً أن "كل ما يُطرح من صيغ بديلة، كفكرة المدينة الإنسانية (على أنقاض رفح) أو المناطق الآمنة لم تتجاوز نطاق الأفكار النظرية غير القابلة للتطبيق". ورأى أن "الاحتلال عالق سياسياً وميدانياً، فيما المجتمع الدولي عاجز عن تقديم حل عملي بسبب الدعم الأميركي المفتوح (لإسرائيل) وتطرّف الحكومة الإسرائيلية، ما يجعل إنهاء هذه الحرب الدموية بعيد المنال في الأفق القريب".

خلاصة رأي أحمد عطاونة (مركز رؤية): "العملية فشلت عسكرياً وسياسياً، والاحتلال عالق دون رؤية واضحة لإدارة غزة بعد الحرب".
 

أما مدير مركز عروبة للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، أحمد الطناني، فاعتبر أن قرار الاحتلال تقليص قواته في قطاع غزة إلى التداعيات الميدانية والإنهاك واسع النطاق، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الانتشار العسكري المكثف، والذي شمل نحو 70% من مساحة القطاع.
 

وشدد على أن كمائن المقاومة استمرت، حتى في المناطق التي سبق للاحتلال أن وصفها بالمؤمّنة فلم تعطه راحجة مطلقا..

وأضاف، "هناك حاجة ميدانية مُلحة لتقليص أعداد الجنود في الميدان، ليس لأغراض الراحة فقط، بل لتقليل عدد الأهداف المكشوفة أمام المقاومة، خصوصاً مع رصد الجيش مؤشرات على نية المقاومة تفعيل خيار خطف الجنود كأداة ضغط في ظل انسداد المسار السياسي".

 

وعن رؤية رئيس أركان جيش العدو أضاف الطناني أن "زامير يُظهر حساسية متزايدة إزاء ارتفاع أعداد القتلى في صفوف الجيش داخل القطاع، خصوصاً مع التراجع الملحوظ في شرعية استمرار الحرب أمام الرأي العام الإسرائيلي، وتصاعد موجة الرفض للخدمة العسكرية، والحراك الشعبي الغاضب من عائلات الجنود، إلى جانب تنامي ظاهرة الانتحار في صفوف الجنود".
 

خلاصة رأي أحمد الطناني (مركز عروبة): "قرار سحب القوات يعكس الإرهاق الميداني وخوفاً من عمليات نوعية للمقاومة، خاصة مع تصاعد رفض الحرب ".