في هجمة خسيسة على المعتقلين في سجون الانقلاب تصاعدت الانتهاكات داخل سجن برج العرب وسجن بدر3 وسجن العاشر من رمضان وسجن الوادي الجديد، مع اتخاذ المعتقلين الإضراب سبيلا نحو مواجهة حالات التعذيب والتكدير ومنع الزيارات والحرمان من العلاج والتحرش بأهالي المعتقلين بل وملاحقة المسئولين عنها بكشف أسمائهم وعناوينهم على سبيل فضحهم..
ويخوض عدد من المعتقلين في سجن أبو زعبل، إضرابًا مفتوحًا عن الطعام احتجاجًا على قرار ترحيلهم قسرًا إلى سجن الوادي الجديد، الذي يُعرف بانتهاكاته القاسية وظروفه اللا إنسانية. في رسالتهم المسربة، أكد المضربون رفضهم القاطع لهذا القرار الذي يعني تعريض حياتهم لخطر أكبر، مطالبين بوقف الترحيل وإعادة النظر في أوضاعهم بشكل عاجل.
سجن الوادي الجديد
ودخل المعتقلون في سجن الوادي الجديد في إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجًا على سلسلة الانتهاكات الممنهجة والتعذيب اليومي الذي يتعرضون له داخل السجن، في ظل غياب كامل لأي رقابة أو مساءلة.
وكشفت منصات حقوقية منها الشبكة المصرية وجوار والشهاب لحقوق الإنسان أن إدارة السجن تمارس بحق المعتقلين طريقة إجرامية في التعذيب تعرف باسم "حمّام العسل"، حيث يُجرَّد المعتقل من ملابسه، ويُربط في ساحة مكشوفة، ثم يُدهن جسده بالعسل الأسود ويُسكب عليه التراب الساخن تحت شمس الصحراء التي تتجاوز حرارتها 45 درجة مئوية. يُترك في هذا الوضع لساعات، يتعرض فيها للسعات الحشرات، والجفاف، والحروق، والآلام الشديدة – كل ذلك ضمن عملية إذلال جسدي ونفسي متكررة تُنفّذ بعلم وتوجيه من ضباط وأفراد الأمن.
وقالت المنظمات إن سجن الوادي الجديد يقع في قلب الصحراء الغربية، لا يُعرف فقط ببعده الجغرافي عن أعين الرقابة، بل بتحوله إلى مقبرة للأحياء.
وتمتد انتهاكات داخله إلى إجراءات الإذلال والتجريد في "التشريفة"، واحتجاز المعتقلين في زنازين مكتظة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، مثل "المصفحة" التي تضم 60 إلى 70 شخصًا في غرفة لا تتسع لـ 20، دون تهوية أو مياه صالحة للشرب أو طعام آدمي وتُمنع الملابس، وتُصادر الكتب والمصاحف، ويُجبر المعتقلون على قضاء حاجتهم أمام بعضهم، في انتهاك صريح للكرامة الإنسانية.
وأشارت المنظمات الحقوقية إلى أن (عنبر 4)، المعروف بـ"ربع الموت"، وعنبر 8 وغيرهما، تحوّلوا إلى بؤر لتعذيب جسدي ونفسي متواصل. فيُمنع التريض، ويُحرم المعتقلون من أبسط الحقوق، ويواجهون التنكيل المستمر. أما "التأديب" فهو المقبرة الحقيقية، حيث يُحبس المعتقلون بالبوكسر فقط، ويُلقى إليهم الطعام على الأرض، ويُجبرون يوميًا على الوقوف ووجوههم إلى الحائط لساعات.
ووثق البعض "شهادات مروعة عن حالات تعذيب حتى الموت، كما حدث مع المعتقل طارق أبو العزم، ومحاولات انتحار جماعية، فضلًا عن التنكيل بكل من يفكر في الاعتراض أو الإضراب داخل السجن".
وبحسب "جوار" فإن أسماء الجلادين الذين صنعوا هذه المنظومة القمعية وتحويل سجن الوادي الجديد إلى سلخانة للتعذيب هم: ضابط الأمن الوطني أحمد عصام: اليد الطولى في تغريب المعتقلين والإشراف المباشر على تعذيبهم. ولم يسلم من بطشه حتى من تعاونوا معه. والضباط: أحمد ياسر – شهاب – ممدوح (أمن دولة) ورئيس المباحث: رامي ومعاون المباحث: أمجد، بالإضافة إلى المخبرين المتورطين أحمد عاطف (عنبر ٨)، ومصطفى زكريا، ومحمد جابر (عنبر ١٢/المصفحة)، وأمجد رمضان أبو الغيط، وعبد الله فتحي، وعادل، وجمعة، كما يُستخدم جنائيون في تعذيب السياسيين: بدوي، وعبد الغفار، وحمزة صلاح.
سجن برج العرب
وتصاعدت الانتهاكات في سجن برج العرب خلال الفترة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا ومن خلال التوثيق والرصد المستمر، تمكّنت منظمات من التوصّل إلى هوية عدد من المسئولين المباشرين عن إدارة هذه الانتهاكات والإشراف على تنفيذها داخل السجن.
وقالت منظمات إن ضابط الأمن الوطني المعروف بالاسم الحركي "عمرو عمر"، (واسمه الحقيقي تامر)، هو المسئول الفعلي عن إصدار الأوامر المتعلقة بعزل المحتجزين، وتقليص أوقات التريّض، وتنفيذ عمليات تفتيش مهينة للزنازين، ومنع الزيارات، وقطع إمدادات المياه.
واشارت إلى أن "تامر" يتعامل مع سجن برج العرب باعتباره ملفًا أمنيًا مغلقًا، ويُشرف على كافة تفاصيل القمع فيه بشكل مباشر.
وأضافت إلى جهود تامر الإجرامية، رفيقه أمين الشرطة (أحمد محمد بكري)، المعروف بين المعتقلين وذويهم بلقب "عم بكري المتحرش"، وهو أمين شرطة يبلغ من العمر 45 عامًا، من محافظة الجيزة ويقيم حاليًا في مدينة برج العرب.
يتمتع بكري بصلاحيات واسعة تتجاوز ما هو معتاد لمن هم في رتبته، إذ يُتهم بمنع دخول الأدوية للمحتجزين، والانخراط في سلوكيات تحرّش مباشرة تجاه أهالي السجناء، لا سيّما النساء، إضافة إلى ممارسات الإهانة المتكررة أثناء الزيارات.
وأوضحت أن مدير الانتهاكات الضابط المعروف بالاسم الحركي "حمزة المصري"، (واسمه الحقيقي أحمد ******) مدير سجن برج العرب، والذي بالرغم من تراجع حضوره في الفترة الأخيرة، لا يزال يشرف على تنفيذ توجيهات قطاع الأمن الوطني، ويقوم بدور محوري في التستّر على الانتهاكات والانحرافات الجسيمة التي يتعرّض لها المحتجزون. ولا يمكن اعتباره مجرد مسئول إداري، بل هو أحد الأركان الأساسية في المنظومة التي تمارس التعذيب والانتهاكات داخل السجن بشكل ممنهج وصامت.
ورصدت "جوار" تحول الزيارات في سجن برج العرب من لحظات إنسانية بسيطة إلى مشهد يومي من الإهانة الممنهجة والمعاناة المتعمدة، حيث المضايقات لأهالي المعتقلين من بعض عناصر الأمن، وتصرفات مشينة، من المسئول عن تفتيش العلاج، الذي يرفض دخول الأدوية الضرورية وأيضًا المستلزمات الشخصية الأساسية وأدوات العناية الشخصية الخاصة بالمعتقلين ويتصرف بصلاحيات غير خاضعة للرقابة بحكم تبعيته لجهاز أمن الدولة.
وتجبر إدارة السجن على تعذيب ذوي المعتقلين السياسيين من خلال ممر متهالك غير ممهد، يُجبر أهالي المعتقلين السياسيين تحديدًا على السير فيه وهم يحملون الزيارة بأيديهم، ما يزيد من معاناتهم البدنية والنفسية، في ممارسة مقصودة لإذلالهم.
كما تستغل إدارة السجن الكانتين.. وسيلة ضغط قذرة، من لم يشترِ منه يتعرض لمضايقات، وقد تُمنع بعض محتويات زيارته من الدخول، في استغلال واضح لحاجة الأهالي وعدم وجود رقابة وانتهاج نهج السبوبة من إدارة السجن.
ومن الانتهاكات الموثقة للأهالي أثناء الزيارة؛ ساعات انتظار طويلة في طوابير ممتدة تحت الشمس أو المطر، دون مظلات أو رحمة، وتفتيشات متكررة عبر أجهزة إلكترونية، ومعاملة للأهالي كأنهم مشتبه بهم، وإعادة تفتيش كامل لمحتوى الزيارة كيسًا كيسًا، مع تعمد إرجاع بعض الأغراض دون مبرر، وقاعات ضيقة ومكتظة، تفتقر للتنظيم والمقاعد، مما يجبر كبار السن والنساء على الوقوف لساعات، وتمييز صارخ، حيث يُسمح بدخول أهالي المعتقلين الجنائيين أولًا، بينما يُجبر أهالي السياسيين على الانتظار حتى نهاية اليوم.
أما بالنسبة للمعتقلين فيتعرضون بأوامر ضابط الأمن الوطني عمرو عمر إلى العزل الانفرادي للمحتجزين وتقليص أوقات التريض والتفتيش المهين للزنازين ومنع الزيارات العائلية وقطع المياه عن الزنازين
سجن العاشر من رمضان
ووثقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، الاخفاء القسري لـ7 معتقلين نزعا من زنازينهم بعد الاعتداء الوحشي عليهم بسجن العاشر من رمضان واستمرار إنكار الأمن المصري عن معرفته بهم.
ووثقت "الشبكة المصرية"أن المعتقلين الـ7 داخل محبسهم سحبوا من غرفة رقم (29) على زيرو – تأهيل 2 – قطاع 3 بسجن العاشر من رمضان، محافظة الشرقية، منذ صباح الأحد 22 يونيو 2025، في أعقاب اقتحام أمني وحشي للزنزانة وتعرضهم لاعتداءات بدنية عنيفة وتعذيب ممنهج.
واقتحمت قوة أمنية مدججة بالهراوات والعصي الكهربائية والصواعق الزنزانة بعد منتصف ليلة السبت – بحجة “التفتيش المفاجئ” – حيث رفض المعتقلون هذا الإجراء في توقيت غير قانوني وطالبوا بتأجيله للصباح. إلا أنه وفي الساعات الأولى من صباح الأحد، تم تنفيذ الاقتحام بالقوة المفرطة، وأسفر عن إصابة كافة المعتقلين التسعة المتواجدين بالغرفة، بينهم من تعرض لكسر في الأسنان، وآخرون أصيبوا بإصابات بالغة جراء التعذيب الجسدي والنفسي.
وأشارت إلى تجريد الزنزانة من كافة محتوياتها، واقتياد جميع المعتقلين التسعة إلى خارجها. وبحسب المعلومات، تم نقل اثنين منهم إلى زنازين التأديب داخل نفس السجن، في حين انقطعت كافة سبل التواصل مع السبعة الآخرين، وسط إنكار إدارة السجن الكامل لمعرفة مصيرهم أو أماكن احتجازهم.
وما كشف عن جريمة الاخفاء القسري للمعتقلين كان عند توجه ذوي المعتقلين لزيارة أبنائهم، تفاجأوا بإنكار إدارة السجن لوجودهم، ما أثار مخاوف جدية حول ترحيلهم القسري إلى سجن الوادي الجديد المعروف إعلاميًا بـ”سجن الموت”، في ظل استمرار اختفائهم لما يزيد على أسبوعين دون تمكينهم من التواصل مع محاميهم أو أسرهم أو عرضهم على النيابة.
وارسلت أسر المختفين السبعة تلغرافات رسمية إلى النائب العام ووزير الداخلية ومصلحة السجون، للمطالبة بالكشف العاجل عن مصير ذويهم وأماكن احتجازهم، خاصةً مع ورود أنباء مؤكدة عن إصابات خطيرة تعرض لها بعضهم، ما يزيد من القلق البالغ على حياتهم وسلامتهم الجسدية.
سجن بدر 3
ومن جانبها، كشفت "مؤسسة مرسي للديمقراطية" عن إضراب مفتوح عن الطعام والدواء داخل سجن بدر 3، نتيجة المعاملة القاسية والانتهاكات المستمرة، دخل عدد من المعتقلين السياسيين في سجن بدر 3، وعلى رأسهم المحامي أسامة محمد مرسي، نجل الرئيس الشهيد محمد مرسي – رحمه الله – في إضراب مفتوح عن الطعام منذ أكثر من أسبوعين.
واختصرت منصة المؤسسة العاملة من خارج مصر سبب اضراب المفتوح عن الطعام في أنه لا زيارة ولا علاج ولا تريّض ولا تواصل ولا إنسانية
سجون بلا حقوق..
وحملت المؤسسة السلطات المصرية المسئولية الكاملة عن حياة المعتقلين، مطالبة بالإفراج الفوري عنهم ووقف سياسة التنكيل المتعمد.
وبدأ إضراب معتقلي سجن بدر3 عن الطعام منذ 20 يونيو الماضي، بالتزامن مع تكرار محاولات الانتحار، التي بلغت 15 محاولة خلال أقل من أسبوعين.
وفي جلسة السبت 5 يوليو، نُظرت القضية رقم 2121 لسنة 2021 أمام القاضي محمد السعيد الشربيني، بحضور مجموعة من معتقلي سجن بدر 3.
خلال الجلسة، طلب الأستاذ خالد الأزهري إثبات حالته الصحية، بما في ذلك قياس نسبة السكر وضغط الدم، إضافة إلى إثبات وجود جرح قطعي في يده، لكن القاضي لم يستجب.
وأكد الدكتور حسن البرنس مؤكدًا وجود 15 محاولة انتحار داخل السجن، وأنه مضرب عن الطعام مند 16 يومًا، وطلب إثبات حالته الصحية بمحضر الجلسة بعد قياس السكر والضغط، إلا أن القاضي محمد الشربيني تجاهل الطلب، وقرر تجديد حبس جميع المعتقلين!
وخلال الجلسة، أعلن المعتقلون استمرار الإضراب عن الطعام من قِبل جميع المضربين داخل السجن، مؤكدين أن عددًا من المعتقلين مصرّون على الاستمرار في محاولات الانتحار، باعتباره السبيل الوحيد في ظل استمرار التنكيل الممنهج بهم منذ انقلاب يوليو 2013، وحرمانهم من الزيارة، والعلاج، والتريّض، والاختلاط بأي بشر.
وتشير المعلومات إلى أن 58 معتقلًا في سجن بدر 3 يتعرضون لأبشع أشكال العزل والتنكيل، حيث تتدهور الأوضاع بشكل متسارع منذ أسبوعين، ما دفع عددًا منهم إلى محاولة الانتحار، كان آخرها ثلاث محاولات يوم 4 يوليو.
ومن المعتقلين الذين سجلوا موقفا أمام إدارة السجن، ممثلة في جهاز الأمن الوطني والضابط مروان حماد، منهم:
• الدكتور محمد البلتاجي
• الدكتور عبد الرحمن البر
• المحامي أسامة مرسي
• الوزير السابق خالد الأزهري
• الأستاذ أمين الصيرفي
• المهندس أسعد الشيخة
• الأستاذ يسري عنبر
• المهندس عمرو زكي
• الأستاذ صبحي صالح
• المهندس جهاد الحداد
وقال مراقبون إنه مع طول مدة الإضراب، تزايدت حالات الإغماء وغيبوبة السكر، خاصة وأن غالبية المضربين من كبار السن، حيث يبلغ متوسط أعمارهم نحو 65 عامًا.