قافلة “الصمود” تفقد الأمل في الوصول لغزة بسبب  خيانة السيسي.. ووسم #EgyptBlocksSolidarity يتصدر عالميا

- ‎فيحريات

 

في مشهد أثار استنكارًا عالميًا وفضيحة مُدوية على منصات التواصل ووسائل الإعلام الدولية، تصدّر اسم المنقلب  عبد الفتاح السيسي عناوين الأنباء بوصفه "الخادم الأمين" للمطالب الإسرائيلية، إثر ما وصفه المراقبون بـ"قمع سافر" لقافلة الصمود العالمية إلى غزة، واعتداءات مهينة طالت نشطاء من أكثر من 50 دولة، بلغ حد الاستعانة ببلطجية للاعتداء عليهم في وضح النهار.

لم تكشف الأزمة فقط عن موقف النظام المصري من القضية الفلسطينية، بل فضحت ازدواجية شعاراته أمام الرأي العام العالمي، تاركة آثارًا لا تُمحى في الوعي الجماعي للناشطين الذين حلموا أن تكون القاهرة بوابة الصمود، فإذا بها تتحول إلى حاجز منيع يخدم المحتل.

 

القافلة، التي تضم آلاف المتضامنين الدوليين المنتمين لأكثر من 80 جنسية، وصلت إلى القاهرة في مهمة سلمية للمطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية في غزة، وفتح ممر إنساني دائم عبر معبر رفح، لكن آمالهم تحطمت على جدار المنع والاعتقالات والمطاردات، بعدما أغلقت السلطات المصرية كل أبواب الحوار، وواجهتهم بالترهيب والترحيل، ومصادرة جوازات السفر، واحتجاز عدد من المنسقين الدوليين دون تمكينهم من التواصل مع محاميهم أو ذويهم.

 

ورغم التنسيق المسبق مع الجهات المصرية، جاءت الصدمة حين حوصرت القافلة، ومنع المشاركون من التحرك عند نقاط التفتيش على طريق القاهرة-الإسماعيلية، بل تم اقتياد البعض قسرًا من أماكن إقامتهم ووضعهم في حافلات للترحيل تحت رقابة أمنية مشددة، وسط غياب تام للشفافية أو المسوغات القانونية.

 

في الخلفية، لم يكن هذا القمع منعزلاً عن الضغوط الإسرائيلية، إذ جاء تدخل وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قبل أيام بطلب علني إلى القاهرة، لمنع النشطاء المؤيدين لغزة من الوصول إلى الحدود، ليعزز الاتهامات الموجهة للنظام المصري بأنه ينفذ تعليمات تل أبيب حرفيًا، حتى لو كان الثمن كرامة الدولة وسيادتها.

 

وسرعان ما انتشر الغضب على منصات التواصل، حيث غرد آلاف النشطاء من مختلف الجنسيات بلغات متعددة تحت وسم #EgyptBlocksSolidarity، واصفين ما جرى بأنه "خيانة تاريخية لفلسطين"، و"فضيحة أخلاقية لنظام يزعم دعم القضية وهو يغلق المعابر ويقمع المتضامنين".

 

علق أحد المشاركين من كندا: "كنا نتوقع عراقيل، لكن أن يتم ضربنا وسحلنا على يد بلطجية بإشراف أمني مباشر، فهذه وحشية لا تليق بدولة بحجم مصر".

 

وكتبت ناشطة ألمانية: "أحلم منذ سنوات بالوصول إلى غزة عبر بوابة العرب، فوجدت نفسي في معتقل القاهرة".

 

من جانبه، قال سيف أبو كشك، المنسق المشارك في اللجنة الدولية: "وصلنا مصر حاملين رسالة سلام، فوجدنا أن مجرد التجمع السلمي صار تهمة، ما حدث لن يُنسى".

 

أما المحامية الألمانية ميلاني شويتسر فأشارت إلى أن الضغط العالمي دفع بعدة سفارات إلى التدخل لحماية رعاياها، مضيفة: "القاهرة لم تكن سوى محطة في هذه القافلة، لكن أصداء ما جرى فيها ستبقى شاهدًا على انهيار صورة النظام المصري أمام العالم".

 

وفي تطور مؤسف، أعلن منظمو القافلة أنهم قرروا التخلي عن خطة المرور عبر الأراضي المصرية بعد سلسلة من الانتهاكات، مؤكدين أنهم بدأوا ترتيبات مغادرة المشاركين المتبقين، مع التحول إلى خطوات بديلة على المستوى الدولي.

وكانت المسيرة العالمية إلى غزة قد استنكرت ما تعرضت له في القاهرة من "قمع السلطات المصرية"، على حد تعبيرها. وأكدت في بيان مساء اليوم اطلعت عليه المنصة أنه رغم أشهر من التنسيق والحشد العالمي ومحاولات الحوار مع الجهات الحكومية المختصة "جاء رد السلطات المصرية ليؤكد أن المسيرة العالمية إلى غزة لا يمكن أن تمضي قدمًا بأمان في هذا التوقيت".

 

وأشارت إلى ما واجهه المئات من المنظمين والمشاركين، بمن فيهم أعضاء من اللجنة التنسيقية الدولية، من احتجاز وترحيل "دون السماح لهم بالتواصل مع فرقهم القانونية أو أحبائهم"، مؤكدة "التزامها بالقوانين المصرية".

 

وقالت: إن "تركيزهم في الوقت الحالي ينصب على حماية سلامة ورفاهية المشاركين الذين ما زالوا داخل مصر".

 

ومنعت قوات الأمن المصرية مرور المتضامنين الدوليين المتجهين إلى غزة عند نقاط تفتيش على طريق القاهرة- الإسماعيلية صباح الجمعة الماضي، وصادرت جوازات سفرهم.

 

وانتشرت مقاطع مصوّرة توثق اقتياد عدد من المشاركين في المسيرة من بيت شباب الإسماعيلية، وإجبارهم على صعود حافلات استعدادًا لترحيلهم.

 

وسبق وقال متحدث باسم المسيرة لفرانس برس: إن" أفراد شرطة مصريين بلباس مدني دخلوا الفنادق يحملون قائمة بأسماء بعض الأجانب وحققوا معهم، وعلى أثر التحقيق أوقفوا البعض وتركوا البعض الآخر".

 

وصباح اليوم، أطلقت السلطات المصرية سراح اثنين من المنسقين الدوليين في المسيرة العالمية إلى غزة، بعد احتجازهما نهاية الأسبوع الماضي في القاهرة.

 

 

وكانت إسرائيل طالبت الأربعاء الماضي السلطات المصرية بمنع الناشطين المؤيدين للفلسطينيين من الوصول إلى المنطقة الحدودية المحاذية لغزة، ومحاولة الدخول إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.

 

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان "أتوقع من السلطات المصرية أن تمنع وصول المحتجين الجهاديين إلى الحدود المصرية الإسرائيلية، وألا تسمح لهم بالقيام باستفزازات أو محاولة دخول غزة، وهي خطوة من شأنها أن تعرّض سلامة الجنود الإسرائيليين للخطر ولن يُسمح بها".

 

ومطلع مارس/آذار الماضي، منعت إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق نار هش لم يكتمل بعدما استأنف جيش الاحتلال عدوانه على القطاع خلال نفس الشهر.

 

وأغلقت مصر معبر رفح منذ مايو/أيار 2024، إثر التوغل الإسرائيلي في مدينة رفح الفلسطينية والسيطرة على المعبر من الجانب الآخر ورفع العلم الإسرائيلي عليه.

 

وأعلنت القاهرة آنذاك رفضها إجراء أي تنسيق مع جيش الاحتلال بخصوصه، مطالبة بانسحاب جيش الاحتلال منه، قبل أن تتفق القاهرة مع واشنطن على إدخال المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم "بصورة مؤقتة"، وهو ما تماطل فيه إسرائيل حتى الآن.