التعذيب حتى الموت في مصر—سياسة ممنهجة وإفلات من العقاب في ظل تصاعد حالات الوفاة داخل أماكن الاحتجاز في مصر، بزمن الانقلاب تتزايد المخاوف من تحول التعذيب إلى سياسة ممنهجة تمارسها أجهزة الأمن، وسط غياب المساءلة وتكرار الإفلات من العقاب. وفاة محمود ميكا: جريمة تعذيب جديدة في 10 أبريل 2025، توفي المواطن محمود محمد أسعد، المعروف بـ"محمود ميكا"، أثناء احتجازه في قسم شرطة الخليفة بالقاهرة. ووفقًا لشهادات ذويه الذين عاينوا جثمانه، ظهرت عليه آثار تعذيب واضحة، بما في ذلك جروح غائرة وكدمات وعلامات ضرب مبرح على الظهر، بالإضافة إلى آثار قيود حول الرقبة واليدين والقدمين. شهادات المحتجزين معه أكدت تعرضه لتعذيب شديد أدى إلى وفاته، مع محاولات لاحقة لإخفاء الجريمة عن طريق نقله إلى زنزانة انفرادية. رغم هذه الشهادات، لم تُسلَّم أسرة ميكا نسخة من تقرير الطب الشرعي حتى الآن، بينما أصدرت وزارة الداخلية بيانًا مقتضبًا ينفي تعرضه للتعذيب، مدعية أن الوفاة وقعت إثر مشاجرة مع محتجز آخر، وهي رواية تتناقض مع شهادات المحتجزين والمسجلة في تحقيقات النيابة. نمط ممنهج من الانتهاكات المنظمات الحقوقية تؤكد أن ما حدث مع محمود ميكا ليس حادثًا فرديًا، بل يأتي ضمن نمط ممنهج من إساءة المعاملة داخل مقار الاحتجاز. فقد تم توثيق وقائع مشابهة في قسم الخليفة في أعوام 2009 و2014 و2024، مما يعكس استمرار سياسة الإفلات من العقاب وغياب آليات التحقيق والمحاسبة الجادة. مطالبات بالتحقيق والمحاسبة طالبت 17 منظمة حقوقية، من بينها المفوضية المصرية للحقوق والحريات ومركز النديم والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، بفتح تحقيق عاجل ومستقل في وفاة محمود ميكا، وتسليم نسخة كاملة من تقرير الطب الشرعي لأسرته ومحاميه، وضمان حماية الشهود من أي تهديد أو تنكيل محتمل. كما دعت إلى تفعيل آلية رقابة مستقلة وشفافة على أماكن الاحتجاز في مصر، لحماية حياة المحتجزين وضمان عدم تكرار هذه الجرائم. تصريحات السيسي: وعد بعدم المحاسبة في مقطع فيديو مسرب يعود إلى عام 2013، تعهد عبد الفتاح السيسي، حين كان وزيرًا للدفاع، بعدم محاسبة أي ضابط يطلق الرصاص على المتظاهرين، مما أثار جدلاً واسعًا واعتُبر تحريضًا مباشرًا على القتل مع وعد بعدم المحاكمة. حالات وفاة أخرى تحت التعذيب تكررت حالات الوفاة تحت التعذيب في أقسام الشرطة المصرية، منها وفاة المحامي كريم حمدي داخل قسم المطرية في فبراير 2015، ووفاة عماد أحمد العطار في نفس القسم، بالإضافة إلى حالات أخرى في أقسام إمبابة ودار السلام. دعوات لتدخل دولي وتشريعات جديدة دعت المنظمات الحقوقية الحكومة المصرية إلى توجيه دعوة رسمية للمقرر الأممي الخاص المعني بالتعذيب لزيارة البلاد، والوقوف على أوضاع أماكن الاحتجاز، ومقابلة الضحايا وعائلاتهم. كما طالبت بإصدار قانون شامل لمناهضة التعذيب يتماشى مع اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها مصر، ويجرم التعذيب صراحة باعتباره جريمة لا تسقط بالتقادم. في ظل هذه الانتهاكات المتكررة، يبقى ملف التعذيب في مصر مفتوحًا، مع تصاعد الدعوات المحلية والدولية لمحاسبة المسؤولين ووضع حد لسياسات الإفلات من العقاب.