البطون الخاوية تبحث عن فتات خبز.. آلاف الأطفال والمسنين يموتون جوعا في قطاع غزة

- ‎فيعربي ودولي

 

منذ اغلاق المعابر ومنع وصول المساعدات مطلع مارس الماضى واستنئاف حرب الإبادة من قبل جيش الاحتلال يعانى أهالى قطاع غزة من الجوع الذى ينهش أجساد الجميع وتسبب فى موت آلاف الأطفال والمسنين.

البطون الخاوية تُفتّش عن فتات خبز .. المجاعة تزحف بلا استئذان، تطرق أبواب الغزيين الذين ما عادوا يملكون سوى الصبر والصمت.. الأسعار بالأسواق طالت السماء، ورفوف المحال فارغة ..المجتمع الدولى لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم ..الحكام الخونة أحد العوامل المساعدة فى تنفيذ سياسات الاحتلال، أما انقاذ عزة وشعبها فليس له مكان عندهم .

 

سياسات الاحتلال

حول هذه المأساة قال هاني أبو القاسم، صاحب تكية بمواصي خان يونس،: أطلقنا تكية رفح الخيرية في قطاع غزة عام 2016 في مخيم الشابورة بوسط رفح، أكبر منطقة كثافة سكانية في العالم، هدفنا نطهو الطعام مجانًا للأسر غير المقتدرة بأنواع بسيطة: أرز، مكرونة، فاصوليا، بازيلاء، وكل ما يتوفر بالسوق .

وأضاف : نعتمد في تموين المطبخ على أهل الخير داخل القطاع وخارجه، ونطهو يوميًا 30 قدرًا، كل قدر يكفي 70 أسرة، المفروض نطبخ 100 قدر لتغطية كل المحتاجين الذين يأتون إلينا، لكن بفعل الحصار وسياسات الاحتلال التي تجوع الناس، وغلاء المواد التموينية، وارتفاع عمولة الصرافة، وندرة السيولة، قدراتنا انخفضت إلى ربع المطلوب، فتجد الكثير من الأسر يرجعون لخيامهم دون طعام .

وكشف أبو القاسم أنه قبل الحرب كان التوزيع محصورًا على الفقراء والمساكين، أما الآن فنوزع على جميع النازحين لأن الكل هنا فقير ومحتاج.

 

صعوبات أكبر

وأشار إلى أنهم يواجهون صعوبات أكبر مما نحتمل: المواد الغذائية نادرة أو غالية بأسعار جنونية.. كيلو الرز صار 15 دولارًا بدل 2 دولار، والمكرونة من نصف دولار صارت 9 دولارات، وهكذا، ونواجه مشكلة السيولة: لو أُرسل لنا تبرعًا بـ100 دولار، يصلنا فعليًا 60 دولارًا بسبب عمولات تجار العملة، وهذا أثر سلبًا على تبرعات أهل الخير.

 

وأكد أبو القاسم أن الأعداد زادت بنحو 150% منذ إغلاق المعابر روّاد التكية كانوا محصورين ، واليوم يأتون من 10–15 كيلومترا مشيًا منذ الصباح الباكر لطلب وجبتهم، المواد صارت شحيحة جدًا، وأسعارها تجاوزت أغلى دول العالم، فقلّ عطاؤنا رغم حرصنا.. أما التجار، فقلة منهم تخاف الله، لكن الغالبية يحتكرون السلع ويرفعون الأسعار وبعضهم يتعاون مع الاحتلال لإنجاح خطة تجويع شعبنا.

وقال: نتعرض لمواقف صعبة يوميًّا أسر تقول إن بطنها لم يدخلها إلا الماء منذ ثلاثة أيام، ويناشدوننا أن نوفر لهم الطحين، والآن صاروا يعجنون المكرونة .

 

السلع الأساسية

وأكد محمد الكتري، من مخيم جباليا، أن السلع الأساسية اختفت من السوق: لا طحين، لا سكر، لا زيت.. والموجود أسعاره نار.. كيس الطحين اللي كان بـ30 شيكل، صار بـ1700 شيكل! الزيت كان بـ7 شواكل، صار بـ100، كيلو السكر اليوم بـ100 شيكل، وجرة الغاز بـ1000 دولار! أي عقل يتحمل هيك أرقام؟ ما في شغل، ما في دخل، كيف بدنا نعيش؟!

 

وقال الكتري :  أولادي بيطلبوا أكل، كنا ناكل ثلاث وجبات، اليوم وجبة واحدة، رز أو عدس، وهذا لو لقينا.. رغيف الخبز صار حلم، صِرنا ناكل من التكيات اللي توزع وجبات على النازحين، لكن حتى هاي صارت مستهدفة، ابني وقف في طابور التكية 3 ساعات، رجع يبكي، لأنه لما وصله الدور، الحصص كانت خلصت.

 

واستطرد: المعابر مغلقة والمساعدات ممنوعة، بطلب من العالم بس الدعاء؛ الدعاء بأن تنتهي حرب الإبادة الجماعية اللي دمرت كل شيء فينا .

 

 

مجاعة

وقال محمد عزمي، أحد سكان شمال قطاع غزة : لما رجعت الحرب بأواخر رمضان، قررت حكومة الاحتلال تسكّر كل معابر قطاع غزة، ومن وقتها والأسعار عم تطلع يوم عن يوم، مع إن الأسعار كانت بالأصل مش بمتناول حدا، بس بعد إغلاق المعابر، صارت أضعاف مضاعفة، وصارت السلع الأساسية تشح من السوق،

 

وحذر عزمى من أن المواطن الغزي، اللي من سنتين وهو مهجّر ومسحول بالحرب، اليوم حرفيًا قدّام مجاعة بمعناها الحقيقي، الأطفال، النساء، الشيوخ، الكل عايش بالخيام، بالشوارع، بين الأزقة، وبيعانوا من الجوع.. ما في طعام، ما في مساعدات، لا من وكالة الغوث، ولا من المنظمات الدولية، وكأنه الناس تُركت لحالها .

 

وأضاف : أكثر من 14 ألف طفل دخلوا المستشفيات بس عشان يركبولهم محاليل لأنهم ما بيأكلوا.. في حالات وفاة من الجوع صارت فعلًا، والوضع يوم عن يوم عم بيزيد سوء.

 

وكشف عزمى أن بعض التجار أصبحوا أداة بيد الاحتلال، وينفذون سياسات تخدم هدفا واحدا: تجويع الناس، الاحتلال غضّ النظر عنهم، لأن هدفه الأساسي إنه يخلّي المجاعة تنتشر.

وتابع: الوضع النفسي ما حد بيقدر يوصفه؛ سنتين حرب، تهجير، جوع، عطش، رعب مستمر.. أنا شخصيًا زوجتي مصرية، ومصابة بالسرطان، قدرت أطلعها هي وأولادي من غزة بعد 200 يوم من بداية الحرب. بس أنا ظلّيت، لحالي. من يومها وأنا مش قادر أوفر لا إلهم ولا إلي، عايش بخيمة، ما في أكل، من أسبوعين ما شفت خبز ولا عندي طحين، ولا بقدر أشتري من السوق بناكل كل يومين وجبة واحدة، رز، شوية حلاوة، أي شيء .