رغم تواجده داخل سيارة ترحيلات أمام مقر المحكمة، قررت محكمة جنايات القاهرة، بحكومة الانقلاب المنعقدة بصفتها محكمة أمن دولة عليا طوارئ، تأجيل إعادة محاكمة أحمد عبد المنعم أبو الفتوح، نجل رئيس حزب "مصر القوية"، إلى جلسة 10 يونيو/حزيران المقبل، بزعم "تعذر حضوره" القرار أثار دهشة محاميه وأسرته، الذين فوجئوا بعد الجلسة بأن نجلهم كان موجودًا بالفعل في محيط المحكمة، لكن الأمن لم يصطحبه إلى القاعة في الوقت المناسب، وفق ما أكده المحامي أحمد أبو العلا ماضي. ويخضع أحمد لإعادة محاكمة على خلفية حكم غيابي بالسجن عشر سنوات، في القضية رقم 1059 لسنة 2021، التي اتُهم فيها بالانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهي ذات القضية التي نال فيها والده، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، حكمًا بالسجن المشدد 15 عامًا، تم التصديق عليه من قبل الحاكم العسكري في أكتوبر/تشرين الأول 2022. خصومة سياسية تلاحق الأب والابن لم يكن اعتقال نجل أبو الفتوح، منتصف الشهر الماضي، مفاجئًا لعائلته التي كانت تدرك مسبقًا صدور حكم غيابي بحقه، لكنها كانت تطمئن إلى معاملته الطبيعية وزياراته المنتظمة لوالده في السجن دون تدخل أمني، إلا أن الواقعة الأخيرة، بحسب المحامي ماضي، كشفت عن تراجع جديد في التزامات النظام تجاه أبسط قواعد العدالة، حيث تم اقتياده من وحدة مرور القطامية أثناء محاولته تجديد ترخيص سيارته، بناءً على ظهور الحكم الغيابي في قاعدة بيانات وزارة الداخلية، ثم جرى اقتياده إلى جهة غير معلومة. وأوضح ماضي أن الحكم الغيابي استند فقط إلى محضر تحريات من جهاز الأمن الوطني، دون أي دليل مادي يعزز هذه الاتهامات، مشيرًا إلى أن الأسرة تلقت وعودًا بعد القبض عليه بإخلاء سبيله بمجرد توقيعه على طلب إعادة الإجراءات، لكن السلطات لم تلتزم بذلك. أبو الفتوح.. عودة للوطن رغم علمه بالمصير قصة عبد المنعم أبو الفتوح، المعارض السياسي المعروف وأحد أبرز المرشحين الرئاسيين السابقين، تمثل أحد أكثر الأمثلة وضوحًا على تعنت النظام الحالي تجاه معارضيه، فقد اختار أبو الفتوح، رغم تحذيرات المقربين، العودة إلى بلاده عام 2018 قادمًا من الخارج، رافضًا أن يعيش في المنفى أو يكتفي بالمعارضة من الخارج، إلا أن النظام استقبله باعتقال فوري، وتهم ملفقة، ومحاكمة استثنائية أدانتها منظمات حقوقية محلية ودولية. وفي الوقت الذي يسوّق فيه النظام المصري صورة زائفة عن "انفتاح سياسي" و"جمهورية جديدة"، فإن استمرار اعتقال أبو الفتوح ونجله، ومحاكمتهما أمام محكمة استثنائية منتهية الصلاحية قانونًا، يكشف عن واقع مغاير، فالمحاكم الاستثنائية لا تزال تنظر قضايا أُحيلت قبل إنهاء حالة الطوارئ في أكتوبر 2021، في تحدٍ لتوصيات أممية، أبرزها تقرير لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، التي انتقدت استمرار عمل هذه المحاكم وغياب ضمانات المحاكمة العادلة. إذا كان لدى السيسي ذرة سياسة يعلق حقوقيون ومعارضون بأن استمرار استهداف أبو الفتوح وأسرته، رغم تقدمه في السن وعدم نشاطه السياسي خلال السنوات الأخيرة، لا يعكس سوى عقلية أمنية عاجزة عن طي صفحة الصراع مع المعارضين. ويقول أحد المراقبين: إن "السيسي لو كانت لديه أدنى حكمة سياسية، لرفع يده عن أبو الفتوح وأمثاله، ليبعث برسالة مفادها أن مصر لم تعد سجنًا كبيرًا للمعارضين، لكن تعنته المستمر لا يعكس إلا قصر نظر السلطة، وتغوّل أجهزة الأمن على حساب صورة الدولة ومصالحها الدولية".