جاء عيد العمال هذا العام في ظل ما وصفه مراقبون ونقابيون بـ"عشرية سوداء" عاشها العمال المصريون منذ وصول المنقلب عبد الفتاح السيسي إلى الحكم، حيث شهدت السنوات العشر الماضية موجة غير مسبوقة من تصفية القطاع العام وبيع عشرات الشركات الاستراتيجية لدول الخليج، وفي مقدمتها الإمارات والسعودية، في صفقات تفتقر إلى الشفافية وتفتك بما تبقى من حقوق العمال ومكتسباتهم التاريخية.
وترافق ذلك مع تعسف رجال أعمال نافذين مقربين من النظام، أمثال نجيب ساويرس ومحمد أبو العينين، الذين اتُّهموا بتقليص حقوق العاملين، وتقويض الحريات النقابية، وفرض ظروف عمل تفتقر إلى الأمان الوظيفي، وسط غياب شبه تام للدولة كضامن لمصالح الطبقة العاملة.
هجوم على الحقوق
وفي هذا السياق، قال حزب التحالف الشعبي الاشتراكي في بيان له اليوم إن "عيد العمال يحل هذا العام والطبقة العاملة تواجه هجمة غير مسبوقة من رأس المال المحلي والدولي"، مشيرًا إلى أن هذه الهجمة تزداد شراسة في ظل سياسات النظام المصري التي وصفها بأنها "منحازة للأغنياء على حساب الغالبية الساحقة من الشعب"، وفي مقدمتها العمال.
وأضاف الحزب أن إقرار مجلس النواب مؤخرًا لقانون العمل الجديد، الذي أعدّته الحكومة، لا يمثل سوى امتداد لتوجه النظام نحو تقنين الفصل التعسفي، وتوسيع استغلال العمالة المؤقتة عبر شركات توظيف وسيطة، وحرمان شريحة كبيرة من العمال من أي حماية قانونية. كما ندد بتخفيض الزيادة السنوية للأجور في ظل تصاعد معدلات التضخم، وتجاهل العمالة غير المنتظمة، وتقييد العمل النقابي المستقل.
قانون "يفرغ" العمل من معناه
وأكد الحزب رفضه التام لقانون العمل الجديد، مطالبًا بإصدار تشريع بديل يضمن الحد الأدنى للأجور، ويوفر الأمان الوظيفي، ويحترم حرية التنظيم النقابي، داعيًا في الوقت ذاته إلى دعم نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي.
الحزب الديمقراطي: لا نريد خطبًا
من جهته، قال الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي في بيان مماثل إن "العمال في مصر لا يحتاجون إلى خطب في هذا اليوم، بل إلى شراكة حقيقية في صياغة المستقبل"، مطالبًا بإصلاح شامل لسوق العمل، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، وربط التعليم الفني باحتياجات الاقتصاد، وتوفير بيئة تشريعية تحترم العمل النقابي وتضمن استقلاله.
وأشار البيان إلى "تراجع قيمة الأجور، وتآكل الحماية التأمينية، وتقلص فرص العمل المنظم، وارتفاع نسب التشغيل غير الرسمي" كأبرز التحديات التي يواجهها العامل المصري اليوم.
المركز الحقوقي: خلل هيكلي في الأجور
بالتوازي، أصدر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ورقة سياسات أضاء فيها على الخلل الهيكلي الذي تعاني منه منظومة الأجور في مصر، حيث تعاني من غياب المؤشرات الدقيقة، وضعف الرقابة على تطبيق الحد الأدنى للأجور، وفروقات كبيرة بين المناطق والقطاعات.
واقترح المركز إنشاء وحدة تحليلية مستقلة داخل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تتولى إصدار مؤشر دوري للأجور الحقيقية، وربط هذا المؤشر بالموازنات العامة، وإعادة تعريف "الأجر" تشريعيًا بما يعكس حقيقته، إضافة إلى إدماج القطاع غير الرسمي في بيانات الأجور.
وكان مجلس النواب بنظام الانقلاب قد أقر منتصف أبريل الماضي قانون العمل الجديد رغم انتقادات واسعة من منظمات المجتمع المدني، أبرزها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي أكد أن القانون لا يوازن بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال، ويمثل خطوة إضافية في تفكيك الضمانات الاجتماعية المتآكلة أصلًا.