أدانت 14 منظمة حقوقية محلية ودولية ما وصفته بـ"جريمة قتل خارج نطاق القانون" بحق الشابين يوسف سرحاني وفرج الفرازي، في محافظة مرسى مطروح غرب مصر، كما أعربت عن قلقها العميق إزاء قيام قوات الأمن باعتقال تعسفي لعشرات النساء من مدينة النجيلة، في ما اعتبرته "عقاباً جماعياً مهيناً يرقى إلى مستوى الاحتجاز القسري والاختطاف".
خلفية الواقعة
تعود تفاصيل الحادث إلى يوم الأربعاء 9 أبريل الجاري، حين اندلعت اشتباكات مسلحة بين الشرطة ومطلوبين أمنياً في مدينة النجيلة، أسفرت عن مقتل ثلاثة من عناصر الشرطة وهروب المطلوبين. وفي مساء اليوم ذاته، شنت قوات الأمن حملة اعتقالات طاولت 23 سيدة من أقارب وجيران المطلوبين، في خطوة وصفتها المنظمات الحقوقية بأنها "تصعيد خطير وانحدار جديد في ممارسات العقاب الجماعي التي تنتهجها الأجهزة الأمنية".
وبحسب شهادات متطابقة من شهود عيان، جرى التواصل مع ضابط في جهاز الأمن الوطني بمدينة السلوم، وتم التوصل إلى اتفاق يقضي بتسليم الشابين يوسف سرحاني وفرج الفرازي، وهما من أقارب أحد المطلوبين، مقابل الإفراج عن النساء المحتجزات، مع وعد باستجوابهما دون تعرضهما للأذى، في حال عدم ثبوت تورطهما.
لكن بعد أقل من 24 ساعة على تسليمهما، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب ، في بيان رسمي، مقتلهما بزعم تبادل إطلاق النار مع الشرطة، ما أثار موجة غضب عارمة في الأوساط الحقوقية والمحلية، وسط شكوك واسعة حول تعرضهما للتصفية الجسدية، خاصة أن الشابين كانا قد سلّما نفسيهما طواعية.
تدخل المخابرات العسكرية
وعقب الحادث، سادت حالة من الاحتقان الشديد في مدينة النجيلة، خصوصاً بعد أنباء عن تعرض عدد من النساء المحتجزات لسوء المعاملة. ووفق مصادر محلية، تدخلت المخابرات العسكرية بشكل عاجل لتهدئة الأوضاع، وعقدت جلسات مع وجهاء القبائل لاحتواء الغضب الشعبي، في محاولة لامتصاص التوتر المتصاعد بسبب الانتهاكات، دون تقديم أي ضمانات واضحة لعدم تكرارها أو محاسبة المسؤولين عنها.
بيان المنظمات: انتهاك ممنهج وإفلات من العقاب
في بيانها المشترك، اعتبرت المنظمات الحقوقية أن ما حدث يمثل "خرقاً جسيماً للدستور والقانون الدولي، وانتهاكاً صارخاً للحق في الحياة والمحاكمة العادلة"، مؤكدة أن الواقعة تأتي ضمن نمط متكرر لانتهاكات الأجهزة الأمنية، والتي تتم تحت غطاء "مكافحة الإرهاب" دون أي مساءلة أو رقابة قضائية.
وأشار البيان إلى حادثة سابقة في يوليو/تموز 2023، حين قُتل المواطن "حفيظ حوية عبد ربه أبو بكر" برصاص ضابط شرطة في مطروح، ما أشعل اشتباكات مع الأهالي انتهت بمحاكمة وُصفت بأنها "فاقدة لمعايير العدالة"، أفضت إلى تبرئة الضابط وإدانة بعض الأهالي.
مطالب واضحة
وجددت المنظمات الموقعة مطالبها بثلاثة إجراءات رئيسية:
فتح تحقيق عاجل وشفاف ونزيه في واقعة مقتل الشابين يوسف سرحاني وفرج الفرازي، ومحاسبة المتورطين أياً كانت مواقعهم.
وقف استخدام الأقارب كرهائن للضغط على المطلوبين، لما يمثله ذلك من انتهاك فج للقانون والمعايير الإنسانية.
تفعيل الرقابة المستقلة على أماكن الاحتجاز، والسماح بزيارات دورية من منظمات حقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وأكدت المنظمات أن استمرار هذه الممارسات "لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف وفقدان الثقة بين المواطنين والدولة"، داعية المجتمع الدولي إلى الضغط على السلطات المصرية لاحترام التزاماتها الحقوقية، ووقف سياسات العقاب الجماعي والتصفية خارج القانون.