فى ظل الارتفاع الجنونى فى أسعار السلع والمنتجات فى زمن الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي تشهد أسواق الذهب حالة من الاضطراب الحاد، في ظل موجة صعود قوية تضرب مختلف أعيرة المعدن الأصفر، مدفوعة بتطورات عالمية متسارعة أبرزها تصعيد التوتر التجاري بين الصين والولايات المتحدة، عقب إعلان بكين عن فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 125% على الواردات الأمريكية، ما دفع المستثمرين عالميًا للجوء إلى الذهب كملاذ آمن بالإضافة إلى تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية وقرارا حكومة الانقلاب برفع أسعار الوقود.
رقمً تاريخي
فى هذا السياق شهدت أسواق الصاغة المحلية قفزة سعرية بلغت 50 جنيهًا في غضون ساعات قليلة، ليرتفع سعر جرام الذهب عيار 21 – وهو الأكثر رواجًا بين المصريين – إلى 4700 جنيه دون مصنعية، مقارنة بسعر منتصف اليوم البالغ 4650 جنيهًا، ليصل بعد إضافة المصنعية إلى أكثر من 4800 جنيه، وهو أعلى سعر يسجله المعدن في تاريخ السوق المصري.
فيما واصل الذهب عيار 24 – الأعلى من حيث النقاء – ارتفاعه بشكل ملحوظ، ليسجل اليوم 5371 جنيهًا للجرام، مدفوعًا بالقفزة الكبيرة في أسعار الأوقية عالميًا، في ظل اضطراب الأسواق الدولية.
كما شهد الذهب عيار 18، والذي يُعد خيارًا شائعًا بين فئات معينة من المشترين، ارتفاعًا جديدًا في تداولات اليوم، ليسجل 4028 جنيهًا للجرام، دون احتساب تكلفة المصنعية.
امتد الارتفاع إلى الجنيه الذهب، حيث سجل قفزة غير مسبوقة ليبلغ 42968 جنيهًا دون أي إضافات، ما يعكس شدة التحركات التي يشهدها السوق المحلي في الساعات الأخيرة.
وعلى الصعيد العالمي، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا حادًا في آخر جلسات الأسبوع ببورصة المعادن، حيث قفزت الأوقية إلى 3225 دولارًا، في ظل التوترات التجارية المتفاقمة بين الولايات المتحدة والصين، والتي أعادت المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي، ما زاد من الإقبال على الذهب كملاذ استثماري آمن.
السياسات النقدية
في تفسيره لأسباب ارتفاع أسعار الذهب قال الخبير الاقتصادى الدكتور محمد عبد الوهاب أن هناك مزيجًا من العوامل يقف وراء هذا الاتجاه الصعودي الحاد، أبرزها تصاعد المخاوف الجيوسياسية، وعدم استقرار السياسات النقدية في عدد من الاقتصادات الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تدفع المستثمرين إلى البحث عن الذهب كملاذ آمن.
وأشار عبد الوهاب فى تصريحات صحفية إلى أن التوترات الجيوسياسية، وتزايد النزاعات الإقليمية، بجانب تباطؤ الاقتصاد الصيني وأزمات سلاسل التوريد، كلها عوامل تدعم ارتفاع الطلب على الذهب وتزيد من زخم الأسعار.
وتوقع أن يتحقق الوصول إلى مستوى 5000 دولار للأوقية بصورة أسرع مشيرا إلى أن التقديرات السابقة كانت تتوقع الوصول الى هذا المستوى بين عامى 2028 و2030، إلا أن المؤشرات الراهنة تدفع إلى نحقيق ذلك عام 2027 على أقصى تقدير، بل وربما قبل ذلك، إذا استمرت الضغوط الاقتصادية والمالية الحالية.
ملاذ آمن
وقال هاني ميلاد، رئيس شعبة الذهب بالغرف التجارية، إن قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية جديدة على عدة دول من بينها مصر، كان لها تأثير مباشر على أسعار الذهب محليًا، نتيجة ما وصفه بـ "التغيرات الحادة في السياسات التجارية" عالميًا.
وأكد ميلاد فى تصريحات صحفية أن الذهب تأثر بقوة بالتحولات الجديدة في المشهد التجاري العالمي، والتي يرى البعض أنها تشكل "شبه حرب تجارية" بين كبرى الاقتصاديات العالمية، خاصة الولايات المتحدة والصين.
وأوضح أن هذه المتغيرات دفعت المستثمرين والمؤسسات المالية حول العالم للجوء إلى الذهب كملاذ آمن، في ظل التخبط والتوترات الاقتصادية الدولية، ما ساهم في رفع سعر الذهب عالميًا، وبالتالي انعكس هذا الارتفاع على السوق المحلية المصرية.
وأشار إلى أن أسعار الذهب في الأسواق العالمية سجلت أرقامًا قياسية جديدة هذا العام، مما دفع أسعار الذهب في مصر إلى الارتفاع بنحو 18% منذ بداية 2025، مضيفًا أن هذا الارتفاع لم يكن دفعة واحدة، بل تم على مراحل متتالية على مدار الأشهر الماضية.
وأكد ميلاد أن السوق المحلية تشهد ضعفًا في السيولة وانخفاضًا في الطلب، نتيجة تأثر القوة الشرائية للمواطنين بالوضع الاقتصادي العام، مشيرًا إلى أن هذه الظروف تحد من قدرة السوق المحلي على مواكبة الارتفاعات المتسارعة في أسعار الذهب عالميًا.
وتوقع استمرار الارتفاع في الأسعار خلال الأشهر المقبلة، في ظل استمرار التوترات الاقتصادية العالمية، خاصةً ما يتعلق بسياسات ترامب الجمركية، والتي قد تفرض مزيدًا من القيود على التجارة الدولية، ما يدفع بمزيد من المستثمرين نحو الذهب.
وشدد ميلاد على أن الذهب يظل هو الاستثمار الآمن الأول في أوقات الأزمات، مؤكدًا أن دولًا كثيرة، وليس فقط الأفراد، تتجه في الوقت الحالي لزيادة احتياطياتها من الذهب ضمن استراتيجياتها لتحصين اقتصاداتها من الهزات المتوقعة في الأسواق العالمية.