تعانى مصر منذ الانقلاب العسكري عام 2013، من حالة انهيار ثقافي وتراجع فكري وهبوط فني وخسارة لقوتها الناعمة وفقدان تأثيرها في محيطها الإفريقي والعربي والآسيوي.
ومنذ العام 2014، سيطرت أجهزة المخابرات على قطاعات الثقافة والفن والإعلام والإعلان والإنتاج السينمائي والدرامي، الأمر الذي جرى تتويجه بتدشين "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" عام 2017، والتي يعمل بها 8700 موظفا، وتمتلك 40 شركة، و10 منصات إخبارية، و17 قناة تلفزيونية.
منها: "اليوم السابع"، و"الوطن"، و"الدستور"، و"الأسبوع"، وفضائيات كـ"dmc" و"الحياة"، و"cbc"، و"إكسترا نيوز"، و"on"، و"on time sports"، و"القرآن الكريم"، و"الناس"، وراديو "النيل"، و"90 90"، و"ميجا إف إم"، وغيرها، بجانب شركات الإنتاج الفني والإعلانات "سينرجي"، و"ميديا هب"، و"pod"، وتطبيق "Watch it"، وشركتي التسويق الرياضي "برزنتيشن"، و"استادات".
وقام نظام المنقلب السفيه السيسي، بـ"عسكرة الفن والثقافة" وذلك بتعيين عسكريين سابقين بوزارات وهيئات الدولة ومرافقها الثقافية والإعلامية، والتي كان منها في فبراير الماضي، بتعيين اللواء خالد محمد عوض اللبان في منصب مساعد وزير الثقافة، ورئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة، أيضا.
فيما اعتبر مراقبون سياسات حكومة الانقلاب وما اعتبروه اعتداءات حكومية على الآثار والتاريخ والمناطق الخضراء، عبر حملات إزالات الآثار الإسلامية ومئات المقابر التاريخية في القاهرة لتوسعة إحدى المحاور الرابط بين القاهرة والعاصمة الجديدة.
وفي ذات السياق يشهد سوق النشر في مصر تضييقا أمنيا متتابعا إذ تخضع المكتبات ودور النشر لرقابة أمنية مشددة ويجري منع طباعة أية كتب لها صبغة سياسية أو ذات توجه إسلامي.
كما أنه جرى وعلى مدار سنوات حجب الكثير من كتب التراث والتاريخ والأدب بسبب أسماء كتابها وانتماءاتهم السياسية والدينية، وغلق مكتبات "الكرامة" عام 2016، و"البلد" عام 2017، و"ألف" عام 2019، ومنع مشاركة "الشبكة العربية للأبحاث والنشر" في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2022.
" الحصاد المر لعسكرة الثقافة والفن"
وكشفت أرقام جوائز برامج المسابقات المعروضة عبر الفضائيات خلال شهر رمضان الماضى ، المملوكة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" التابعة لجهاز المخابرات ، مدى إشاعة السطحية وتتفيه العقول لتنصرف عن التفكير بالكارثة الاقتصادية التي تمر بها مصر، وعن أزمات مصر على حدودها الشرقية حيث حرب غزة، وعلى حدودها الجنوبية حيث الحرب الأهلية بالسودان، وأزمة مياه النيل مع إثيوبيا.
وأكد مراقبون أن ما كان يقدمه التليفزيون المصري من برامج ومسابقات ودراما بهدف التوعية الفكرية والثقافية والدينية والعلمية، مشيرين إلى استضافة العلماء والكتاب والمثقفين، والتركيز الآن على استضافة الممثلين فقط،
وأشاروا أنه في الوقت الذي قدمت فيه إذاعة القرآن الكريم 3 مسابقات يوميا بإجمالي 90 ألف جنيه مصري طوال الشهر، عرضت فضائيتان مصرية وسعودية مسابقتين غير ثقافيتين ولا فكريتين أثارتا الجدل والانتقادات، ولكنهما بقيم مالية وصلت إلى 9 ملايين جنيه لكل مسابقة ).
جوائز مالية متواضعة لإذاعة القرآن الكريم
وقالوا أن إذاعة القرآن الكريم قدمت 3 مسابقات رمضانية بالتعاون مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، مع تقديم 3 جوائز مالية يومية، قيمة كل جائزة 1000 جنيه مصري فقط، بإجمالي 90 ألف جنيه مصري فقط طوال شهر رمضان.
فيما حرص محمد رمضان الممثل المثير للجدل بأعماله الشهيرة عن البلطجة وبظهوره بمظهر الأثرياء، على تجميع مئات البسطاء حوله في الشارع واختيار من يعطيه الجائزة وإلباسه تاجا على رأسه مطلقا أغانيه الشعبية مثل "نمبر 1"، و"مافيا"، مع حركاته الاستعراضية التي اشتهر بها على المسرح، وسط تفاعل وتقليد الأهالي والمارة في القاهرة وبعض المدن المصرية.
وعلى سبيل المثال قدم رمضان في حلقته التاسعة مبلغ 100 ألف جنيه، لصاحب تاريخ الميلاد المميز من بين مئات المتجمهرين حول سيارته الفارهة.
كما انتقد ناشطون مسابقات "رامز إيلون ماسك" و"مدفع رمضان" لما فيهما من تسطيح للعقول وخلوهما من أي حوافز فكرية وثقافية ودينية وعلمية واعتمادهما على معرفة لون تي شيرت الممثل أو لون حذائه أو شرابه أو حقيبة الممثلة، أو الحظ بالتواجد في مكان برنامج "مدفع رمضان"، وإرسال رسائل للبرنامجين بمقابل مادي.