بزعم وجود خلافات ونزاعات قانونية مع شركة سابك السعودية، قامت السلطات السعودية بإلقاء القبض على أيمن العشرى رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة ورئيس مجلس إدارة مجموعة حديد العشري ، وذلك فور وصوله إلى مطار المدينة المنورة.
ويأتي ذلك رغم أن “العشري” من أبرز رجال الأعمال المقربين من السيسى، ويعتبر من رجال الأعمال الكبار في قطاع الحديد والصلب بمصر، وتولى رئاسة مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة في أغسطس 2023.
وكان العشري قد غادر القاهرة، وتوجه إلى السعودية لأداء مناسك عمرة شهر رمضان، وخلال فحص أوراقه ألقي القبض عليه.
ويرى مراقبون أن توقيف شخصية بحجم “العشرى” ومنصبه كرئيس للغرفة التجارية في مصر، فضلا عن كونه رجل أعمال معروفا في قطاع الحديد، يمثل إهانة متكررة للنظام الحاكم في مصر، خاصة أن “العشرى ” سبق عدد كبير من المصريين منهم ناشرون وأطباء ومهندسون وغيرهم من المهن، ولم يتدخل السيسى من أجلهم لعشقه للرز الخليجى !
يأتى ذلك في ظل غياب تدخل الحكومة ممثلة في وزارة الخارجية، أو وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، أو القنصلية المصرية في الرياض منذ بدء القضية وحتى اللحظة الحالية رغم حميمية العلاقات بين قيادات البلدين.
السكوت على كرامة المصريين من أجل الرز السعودى
كانت وزارة الخارجية قد تجاهلت عدم الضغط على الجانب السعودي من أجل مواطنيها، بتعليمات من السفيه السيسى في ظل مساعدات تتلقاها حكومة السيسى بانتظام من الحكومة السعودية، التي قررت في /نوفمبر 2022، تمديد أجل وديعة بقيمة 5 مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري، ووقعت السعودية في يونيو 2022 اتفاقات بقيمة 7.7 مليارات دولار مع مصر، بما في ذلك بناء محطة طاقة بقيمة 1.5 مليار دولار، وقالت إنها تعتزم قيادة استثمارات بقيمة 30 مليار دولار لمساعدة “حليف قديم يواجه ضعف العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية”!!
لكن هل تعني تلك المساعدات، القبول بإخفاء مواطنين مصريين قسرياً وحرمانهم من أبسط حقوق التقاضي ومعاملتهم كرهائن، حتى لو افترضنا جدلاً أنهم ارتكبوا مخالفات قانونية على أرض السعودية؟ أو إصدار بيان من الحكومة السعودية بأسباب القبض عليه؟
وفقاً لصفحة معتقلي الرأي، المهتمة بالمعتقلين داخل المملكة العربية السعودية، يواجه المعتقلون المصريون والعرب خصوصا ظروفاً قاسية داخل السجون، من بينها: العزل الانفرادي، والاختفاء القسري، والمماطلة في المحاكمات، والمنع من توكيل محام، والتضييق في الزيارات والتواصل مع الأهل.
ملف أسود من اعتقال المصريين داخل المملكة
في اكتوبر الماضى القت السلطات السعودية على الناشر المصري أحمد ضيوف خلال مشاركته في معرض الرياض الدولي للكتاب ، ومن دون أي رد فعل واضح من اتحاد الناشرين العربي والمصري، أو موقف موحد من المثقفين المصريين، باستثناء أصوات فردية، ترافق ذلك مع تجاهل حاد من وسائل الإعلام المصرية، التي لم تتناول الموضوع أو تشر له.
وفي يناير 2020 اعتُقل 3 مصريين طبيب وشقيقته وزوجها المهندس بتهمة الحديث في السياسة، على خلفية بلاغات كيدية مزيفة، ولم ينكشف خبر القبض عليهم إلا بعد ثلاثة أشهر من الحبس في العزل الانفرادي في سجن ذهبان السعودي، من دون تحقيق أو توجيه اتهام، وقد كُشفت القصة بعدما نشرت صفحة معتقلي الرأي استغاثة بخط يد أهل المعتقلين لإنقاذ ذويهم، وجاء في الرسالة:
“لقد طرقنا جميع الأبواب من وزارة الخارجية المصرية والسفارة المصرية والقنصلية المصرية بجدة، وغيرها دون جدوى، وآخر علمنا أنه تم إيداعهم سجن ذهبان بجدة، وتم نسيانهم حتى الآن دون أي حقوق، لا محامين ولا علاج ولا زيارات”
قصة أغرب اعتقال لـ10 مصريين من أجل صورة السيسى
قضت محكمة سعودية في / أكتوبر 2022، بسجن 10 مصريين من النوبة لفترات مختلفة وصل أقصاها إلى 18 عاماً، لمحاولتهم تنظيم فعالية لإحياء ذكرى حرب أكتوبر 1973، في العاصمة الرياض قبل ثلاثة أعوام.
وتجاهلت سلطات الانقلاب في مصر الأمر، على الرغم أن ما فعلوه لا يخص السياسة السعودية بل هو تعبير عن تراثهم الثقافي، كما تم حرمانهم من الحق في الزيارات والمراسلات، بعدما حاول ذووهم التواصل مع مسئولين حكوميين مصريين.
ترجع وقائع القضية إلى 2019 حين اعتزم 10 مواطنين مصريين نوبيين في الرياض تنظيم ندوة للاحتفاء بأبرز النوبيين المشاركين في حرب أكتوبر 1973، ووضع إعلان الندوة صورة المشير طنطاوي، والصول أحمد إدريس وجنود النوبة المشاركين في الحرب.
جرى اعتقال العشرة قبيل الندوة، ومن ثم أُخفوا قسرياً وخضعوا للتحقيق بدون حضور محام، ودارت التحقيقات حول آرائهم السياسية فيما يتعلق بقضية عودة النوبيين المهجرين من مساكنهم خلال عامي 1963 و1964 أثناء بناء السد العالي، وسبب وضع صورة المشير طنطاوي دون صورة المنقلب عبد الفتاح السيسي، رغم أنه شأن مصري خالص.
تعرض المعتقلون للتعذيب بحسب مذكرة الدفاع المقدمة في يناير مطلع العام الجاري، لكن الادعاء اعترض وأجبرته المحكمة على تعديل مذكرة دفاعه التي تتضمن ذكر كلمة “تعذيب”، كما احتجزوا في سجن عسير الذي يبعد عن مقر المحاكمة ومقر أسرهم في الرياض بقرابة 950 كم، كما منعت الزيارات والاتصالات الهاتفية عن أغلبهم، ولم يسمح لهم الانفراد بمحاميهم، أو التحدث مع ذويهم بمعزل عن الرقابة الأمنية، وهي الأمور التي تؤكد عدم نزاهة أو عدالة المحاكمة.
وأفرجت السلطات السعودية عن 6 من المحتجزين في نفس اليوم، بينما استمر احتجاز الأربعة الباقين لمدد متفاوتة وصل أقصاها إلى شهرين. أثناء فترة الاحتجاز أجرى الدكتور فرج الله يوسف عدة عمليات طبية ومنها عملية بتر في قدمه بسبب وضع القيود فيها، ما أدى إلى إصابته بالقدم السكّري، ثم تمت إعادة اعتقالهم جميعا في يوليو 2020، وتعرضوا إلى الاختفاء لمدة 5 أشهر، وأجرى أحد المعتقلين أول اتصال بأسرته في ديسمبر 2020.