رغم مزايا النقل النهرى الكثيرة ، ومنها ترشيــــد استهـــلاك الوقود بنسبة 64% مقارنة بالنقل البرى، وتقليل الكثـافة المرورية على الطرق، والمساهمة فى زيادة العمر الإفتراضى لشبكة الطرق، إلى جانب تقليــل الحـوادث وخفض التلـوث البيئــــى، ورغم أن طول المسارات الرئيسية للنقل النهرى يصل إلى نحو 1800 كيلومتر، إلا أن حكومة الانقلاب أهملت هذا القطاع تماما لدرجة أنه أصبح لا ينقل سوى 500 مليون طن من البضائع سنوياً، تمثل ما نسبته 0.8% فقط من إجمالى حجم البضائع التى يجرى نقلها.
ولأن النقل النهرى ليس من أولويات دولة العسكر أصبحت الموانئ والمراسى مهجورة وتحولت لمأوى للبلطجية والقطط والكلاب فى زمن الانقلاب
عمالة غير مدربة
حول أهمية النقل النهرى والمشكلات التى يواجهها قال الدكتور عمرو السمدونى، رئيس شعبة النقل الدولى واللوجستيات بغرفة القاهرة التجارية- إن من أهم مميزات النقل النهرى تقليل نفقات النقل بما يساعد فى خفض تكلفة السلعة معربا عن أسفه لتحكم وزارة رى الانقلاب فى مناسيب المياه فى النيل وفروعه طبقاً لاحتياجات الزراعة والرى فقط دون النظر إلى احتياجات النقل النهرى لوجود غاطس مناسب للملاحة النهرية على مدار العام .
وأضاف «السمدونى» فى تصريحات صحفية : حكومة الانقلاب ليس لديها أى اهتمام بالنقل متعدد الوسائط الذى يعتمد على التكامل بين وسائط النقل المختلفة بهدف تعظيم دور كل وسيط والاستفادة من الميزات الجغرافية لكل وسيط، مؤكدا أن هذا أضعف دور النقل النهرى، بجانب افتقار عناصر صناعة السفن ووحدات النقل، وعدم تدخل القطاع الخاص لإنقاذها.
وكشف أن العمالة فى هذا القطاع ما زالت تعتمد على ما كان يتم منذ عهود قديمه بتوريث المهنة عائليا بعمالة غير مدربة، فى الغالب غير قابلة للتعديل والتطوير مطالبا بضرورة فتح مدارس تخرج عمالة مدربة تصلح للعمل والاعتماد على مراكز تدريب للعمالة .
وأوضح «السمدونى» أن الغاطس النيلى يصل فى بعض الأحيان إلى 120 سنتيمتراً نتيجة تشغيل طلمبات الرى فى «النوبارية» دون تعويض من وزارة رى الانقلاب للفاقد بزيادة الإيراد فى الترعة ما يتسبب فى حوادث كثيرة نتيجة شحط الوحدات والتأخير فى الرحلة وإطالة زمن الرحلة، ما يعرض الجهة المالكة لوحدات النقل النهرى لغرامات تأخير وهذا يتسبب فى هروب القطاع الخاص من هذه الصناعة المهمة للاقتصاد المصرى.
ليس أولوية
وقال الدكتور أسامة عقيل، أستاذ النقل بجامعة السويس، إن النقل النهرى ليس من أولويات دولة العسكر ، موضحا أن نقل الركاب نهرياً «مستحيل»، وفى حالة اعتماده وتطويره سيكون فى القاهرة وهو«ضئيل» وليس عليه إقبال، كما لا يوجد نقل ركاب من أسوان لباقى المدن رغم أن أسوان مدينة سياحية.
وأضاف عقيل فى تصريحات صحفية : الجانب المفيد من النقل النهرى هو نقل البضائع، ورغم ذلك هناك مشكلة كبيرة يعانى منها وهى عدم نقل البضائع من مراكز الإنتاج سواء من المصانع، أو المناطق الزراعية، وغيرها، موضحا أن دور النقل النهرى ليس كبيراً ويقتصر على نقل حوء من البضائع من الشمال للجنوب، خاصة الأوزان الكبيرة: السكر، الأحجار الكبيرة، البازلت، الجيرانيت.
وأشار إلى أن نقل البضائع متوسطة الأوزان، مثل منتجات الحديد من مصانع القاهرة للمحافظات موجود بالفعل، لكن دوره ضعيف، مؤكدا أن نقل البضائع عبر النيل حالياً يشكل أقل من 1% من حجم البضائع ، و99 % منها يتم نقله عبر الشاحنات.
ولفت عقيل إلى أن النقل النهرى لا يصلح فى نقل بعض السلع والمنتجات لأن الرحلات النيلية تستغرق وقتاً طويلاً، وهذا يجعل السلع الغذائية، كاللحوم مثلاً، قد يحدث لها تعفن خلال الرحلة، مشيرا إلى أن وحدة النقل النهرى أغلى من البرى.
وأكد أن النقل النهرى يحتاج لبنية أساسية، حيث هناك شركة واحدة «قطاع خاص» تعمل بالنقل النهرى ولم تنجح مشددا على ضرورة تخصيص نصيب أكبر من الإنتاج القومى أثناء عملية النقل للقطاع الخاص يشجعه ويعزز من عملية العوائد الاقتصادية له، ومن ثم العمل على تعزيز قطاع النقل النهرى بإتاحة الفرص وتسهيل متطلبات القطاع.
منسى تماماً
وقال باسم السيسى، عضو غرفة شركات السياحة، إن النقل النهرى فى مصر «منسى تماماً»، رغم أنه يعتبر وسيلة لحل المشاكل المرورية وتخفيف الحوادث وكثافة الطرق، وبالتالى تقليل تكلفة الصيانة على الطرق.
وأضاف السيسي فى تصريحات صحفية: النقل النهرى يجب استغلاله بأكبر شكل ممكن حتى يسهم فى الاقتصاد وتعزيز السياحة من خلال توفير وحدات نيلية متطورة، بجانب الفنادق العائمة خاصة فى القاهرة والأقصر، ما يشكل عامل جذب للسياحة ومن ثم القطاع الخاص للاستثمار فى ذلك المجال وتعزيزه.
وكشف أن المراسى والوحدات النيلية جميعها بدائية وغير مواكبة للتطوير، بجانب عدم الاهتمام بالمجرى الملاحى للنيل، مشيراً إلى أنه لا توجد مراسٍ لليخوت تتماشى مع الفنادق فى المناطق السياحية، ما يحتم ضرورة تطوير المراسى والوحدات النيلية لتعزيز الرحلات النهرية خاصة فى المناطق السياحية، لتعزيز العائد الاقتصادى وجذب العملة الصعبة.
ولفت السيسي إلى أنه رغم أن مصر تمتلك نهراً يربطها من الشمال للجنوب ويربطها بالمنلطق السياحية والأثرية، لكن حكومة الانقلاب لم تفكر فى استغلال ذلك،مؤكدا أنه لو كان هناك وسائل نقل نهرية متطورة سيكون هناك جذب سياحى وتنقل نهرى للمواطنين والسياح بين المدن.
وأوضح أنه رغم أن الحكومات المتعاقبة أعلنت أكثر من مرة عن تطوير منظومة النقل النهرى، إلا أن الموانئ والمراسى ما زالت بشكلها البدائى وبعضها مع مرور السنوات أصبح مهجوراً ومرتعاً للبلطجية وفندقاً للقطط والكلاب.