بسبب الركود وارتفاع أسعار الوحدات السكنية…السوق العقارى يواجه أزمة غير مسبوقة فى زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

 

يشهد السوق العقارى أزمة غير مسبوقة فى زمن الانقلاب بسبب حالة الركود الناتجة عن الارتفاع الجنونى فى أسعار الوحدات السكنية مقابل تراجع القدرة الشرائية للأسر المصرية بسبب انهيار قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية وبالتالى ترتفع الأسعار فى الوقت الذى لا تواكب فيه الدخول هذه الارتفاعات .

هذه الأوضاع دفعت بعض المطورين العقاريين إلى طرح وحدات سكنية بنظام تقسيط يمتد حتى 13 سنة. وهو ما يكشف عن إحباط كبير لدى المطورين العقاريين، الذين يواجهون تحديات متزايدة في تحقيق المبيعات بسبب ارتفاع أسعار العقارات إلى مستويات مبالغ فيها في ظل تحديات اقتصادية وانخفاض حاد في قيمة الجنيه . 

هل يمثل هذا المسعى محاولة للتخفيف من وطأة أسعار العقارات على المستهلكين المثقلين بأعباء التضخم أم أنه يعكس إحباط المطورين العقاريين إزاء قدرتهم على تسويق الوحدات بأسعار مرتفعة؟ 

 

ظروف صعبة

 

الخبراء من جانبهم اعتبروا أن خيار التقسيط الممتد في ظل التحوط المستمر من تقلبات الأسعار ليس إلا إستراتيجية للتماشي مع الظروف الاقتصادية الصعبة .

وأكد الخبراء أن المطورون يسعون إلى إيجاد حلول بديلة لجذب المشترين في وقت يشهد فيه الاقتصاد انخفاضا ملحوظا في القوة الشرائية. 

وأشاروا إلى أن الأزمة الاقتصادية التي تعانى منها البلاد انعكست على سوق العقارات موضحين أن الأزمة تتمثل في نقص العملة الأجنبية وانخفاض قيمة الجنيه من 18.5 إلى 51 جنيها أمام الدولار ورفع أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي بلغ 27%. و تجاوز معدلات التضخم 40%. .

 

نسبة ضئيلة

 

حول حلم الحصول على شقة فى ظل ارتفاع الأسعار أعرب محمد سامي، محاسب متزوج منذ 3 سنوات بمحافظة الشرقية عن إحباطه بسبب فشله في الحصول على أي وحدة سكنية منذ عدة سنوات، مشيرا إلى إن عدد الوحدات المطروحة من قبل وزارة إسكان الانقلاب يمثل نسبة ضئيلة مقارنة بعدد المتقدمين لها وغالبا ما تكلل محاولات الحصول على شقة بالفشل. 

وأعرب سامى فى تصريحات صحفية عن أسفه لارتفاع أسعار الإيجارات واهتمام القطاع الخاص بالوحدات السكنية الفاخرة في المدن الجديدة والساحلية، مؤكدا أن حكومة الانقلاب لا تستطيع وحدها توفير كل احتياجات السوق التي يقدرها البعض بمليون وحدة سنويا . 

 

ارتفاع الأسعار

 

حول نظام الأقساط الممتدة قال محمد أحمد مسؤول مبيعات بإحدى شركات التسويق بمدينة الشيخ زايد التي تشهد نشاطا كبيرا في طرح المشروعات السكنية الفاخرة إنّ توسع شركات العقارات في مد آجال السداد وتخفيض المقدم إلى 5% من إجمالي سعر الوحدة هي محاولة لجذب المشترين لأسباب تتعلق بارتفاع الأسعار وضعف آليات التمويل العقاري. 

وأوضح أحمد في تصريحات صحفية أن مد آجال الأقساط وصل إلى 15 سنة وهذا يزيد من ثمن الوحدات السكنية والتي تبدأ من نحو 5.5 ملايين جنيه للشقة من غرفة واحدة (نحو 60 مترا) إلى 13 مليون جنيه للوحدة المكونة من 3 غرف (فوق 150 مترا) نصف تشطيب، ويحمّل العملاء فوائد مرتفعة مع ارتفاع الأسعار 25% في المتوسط . 

 

ركود ملحوظً

 

وتوقع محمد عبد الرؤوف عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء حدوث موجة تصحيح في سوق العقارات الفاخرة نتيجة تشبعه بالأسعار والمشترين معا خاصة مع تراجع الطلب على العقار كملاذ آمن. 

وأشار عبد الرؤوف في تصريحات صحفية ، إلى أن القطاع يشهد ركودًا ملحوظًا منذ بداية العام الجارى، مما دفع الشركات الكبرى إلى الدخول في منافسة حادة من خلال تقديم آجال سداد طويلة الأمد لثمن الوحدات السكنية. 

وأوضح أن الوحدات السكنية لم يرتفع سعرها بشكل حقيقي، ولكن ما حدث هو أن قيمة الجنيه انخفضت بشكل حاد، معتبرا أن ما ينشر من أرقام حول سوق العقارات غير دقيق ولا توجد قاعدة بيانات حقيقية. 

 

تعويم وتضخم

 

وكشف  الخبير المالي والاقتصادي الدكتور شريف حمودة، عن العلاقة بين العرض والطلب وتأثيرها على أسعار العقارات مؤكداً أن الظروف الاقتصادية الراهنة رسمت مشهداً مختلفاً للسوق العقاري، يتسم بوفرة المعروض وتراجع الطلب نتيجة لتدهور القدرة الشرائية. 

وأوضح حمودة فى تصريحات صحفية أن أسعار العقارات تأثرت بشكل مباشر بارتفاع أسعار الدولار، مما أدى إلى زيادة تكلفة مدخلات البناء من أراضٍ ومواد خام مثل الحديد والأسمنت لافتا إلى أن هذا الارتفاع غير المسبوق في الأسعار جعل العرض وفيراً، لكنه لا يواجه طلباً حقيقياً في ظل ضعف القوة الشرائية للأسر المصرية، التي تعاني من تدني الدخول مقارنة بموجات التضخم المستمرة. 

وأشار إلى أن المطورين العقاريين اعتمدوا استراتيجيات متباينة للتعامل مع تباطؤ المبيعات وقلة الطلب، فمنهم من استهدف الفئة الأكثر قدرة على الشراء من خلال طرح مشاريع عقارية فاخرة مثل الشقق الفندقية (Branded Apartments) التي توفر مستوى عالياً من الرفاهية والخدمات وفي المقابل، لجأ مطورون آخرون إلى تقديم تسهيلات مثل فترات تقسيط أطول تصل إلى عشر سنوات بدون فوائد، أو تقليص مساحات الوحدات لتحقيق أسعار أقل تناسب شريحة أكبر من المشترين، موضحا أن هذه المحاولات تهدف إلى خفض الأسعار تدريجياً لتتلاقى مع مستويات الطلب، مما قد يحرك السوق بشكل محدود. 

وحول الاتجاه المستقبلي لأسعار العقارات، توقع حمودة عدم وجود زيادات ملحوظة في الأسعار خلال الفترة القادمة، نظراً لتباطؤ الطلب واستمرار الضغوط التضخمية. 

وأشار إلى أن أي ارتفاع جديد في الأسعار سيعتمد بشكل أساسي على حدوث تعويم جديد للعملة أو موجة تضخم أخرى قد تدفع المستثمرين إلى العقارات كملاذ آمن. 

وأكد حمودة أن السوق العقاري المصري يحتاج إلى سياسات متوازنة تستهدف دعم الطلب، خاصة عبر تحسين مستوى الدخول الشهرية للأسر، بجانب استمرار المطورين في تقديم حلول مبتكرة لتحريك المبيعات في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.